يقود الضعف المستمر الذي تتعرض له أسواق النفط العالمية إلى تأجيج التوترات داخل أوبك بلس، مما سينتج عنه انقسام بين أعضاء المنظمة الذي أصبح وشيكًا بالفعل،فمنذ أن تم الاتفاق على خفض مستويات الإنتاج بين روسيا والمملكة العربية السعوديةلم تؤثر الخلافات الداخلية الناتجة عن تأثيرات جائحة فيروس كورونا وأحجامالتخزينالمرتفعة من النفط الخام على العلاقات بين الأعضاء، حيث كان السوق يتفاءل من التقارير المشجعة للآمال حول أسعار النفط خلالالعام الحالي والعام المقبل.
لكن واقع سوق تداول النفط حاليا أكثر قتامة بكثير،حيث إن قرارات الإغلاق الأوروبية للمرة الثانية تهدد معدلات الطلب العالمية مرة أخرى التي لا تزال في مرحلة التعافي بالإضافة إلى الحاقها بخسائر فادحة بالاقتصاد، ومن جانب أخر إجراءات التيسير المالي والحوافز المالية في جميع أنحاء العالم لا تزال كما هي، حيث لم تتشجع أي دولة على تقديم تحفيزات لذلك ستكون الأوضاع المالية للاقتصادات الكبرى قاتمة، وهو ما يمكننا رؤيته في ارتفاع مستويات البطالة.
تخفيضات مستويات الإنتاج ليست كافية
في نفس الوقت تنظر أوبك للأمور بنظرة مختلفة، حيث تقوم المملكة العربية السعودية وروسيا ودول أخرى أعضاء في أوبك بلس بزيادة انتاجها النفطيحسب الاتفاق المبرم بينهم، فمن المقرر أن يتم تقليص خفضمستوياتالإنتاج البالغة حاليًا نحو 10 مليون برميل يومي بداية آيار/ مايو الماضي لتصل إلى 6 مليون برميل يوميًا في كانون الثاني/ يناير المقبل، وبالرغم من التخفيضات الحالية إلا أنها ليست كافية في عودة التوازن الطبيعي للسوق ودعم الأسعار، كما أن تخفيف التخفيضات لن يؤدي إلا إلى إطالة ظروف السوق الضعيفة الحالية، وحتى الآن لا يزال الالتزام بتخفيضات مستويات الإنتاج حوالي 100٪ لكن الأشهر المقبلة ستشهد انخفاض هذا الرقم.
لقد سئم بعض المنتجين في أوبك من تقليص معدلات انتاجهم للتصدي للمستويات المرتفعة في انتاج آخرين، حيث رفعت روسيا والعراق من وارداتها النفطية للصين لتحتل الترتيب الأول والثاني وجاءت السعودية في المرتبة الثالثة، الأمر الذي أثار غضب المملكة التي هددت بحرب أسعار أكثر كارثية مما كانت في مارس، لتجبر الدول المنتجة للالتزام بالحصص السوقية المفروضة.
يعد المستوردون الآسيويون خاصة الصين والهند هم المستفيدين الرئيسيين من بيئة الأسعار المنخفضة منتهزين الفرصة لمليء صهاريج النفط الخاصة بهم إلى الحد الأقصى.
أرامكو تخطط لزيادة طاقتها الإنتاجية
ذكرت مصادر لرويترز إن شركة أرامكو تخطط لزيادة طاقتها الإنتاجية حتى تتمكن من ضخ أكبر قدر من احتياطيات النفط الهائلة في السعودية عندما يرتفع الطلب، قبل أن يؤدي التحول إلى طاقة أنظف إلى جعل النفط الخام بلا قيمة.
وقالت المصادر إن ما يقرب من 20% من الاحتياطيات المؤكدة في العالم وتكاليف الإنتاج البالغة 4 دولارات للبرميل فقط تمتلكها شركة أرامكو، والتي يمكنها أن تقوض المنافسين من خلالها وتواصل جني الأموال حتى إذا كانت أسعار النفط المنخفضة غير مربحة للمنافسين.
وعلى ما يبدوأن الرياض تعتزم الآن متابعة تهديدها الواضح في آذار/ مارس أثناء حرب أسعار النفط مع روسيا لزيادة طاقتها الإنتاجية إلى 13 مليون برميل يوميا من 12 مليون برميل يوميًا، لأنها تريد أن تكون جاهزة للاستحواذ على حصة أكبر في السوق عندما يتعافى الطلب.
معدل الطلب وصل ذروته
تقول مصادر مطلعة على صناعة السياسة السعودية إنه من المحتمل أن يكون الطلب على الخام قد بلغ ذروته، مما جعل الأمر أكثر إلحاحًا بالنسبة لأكبر مصدر للنفط في العالم لاستغلال احتياطياتهالكي تستطيع توليد السيولة لتمويل الإصلاحات الاقتصادية في المملكة العربية السعودية.
يعتقد محللون أن المملكة تستعد لحالة من عدم اليقين بالنسبة بشأن أسعار النفط المتوقعة بسبب كوفيد 19، لضمان استمرار خطط الإنفاق والإصلاحات الاقتصادية دون أن تتأثر إلى حد كبير بسعر النفط الخام عند 40 دولار للبرميل أو 60 دولار.
وتتوقع السعودية أن تظل أسعار النفط منخفضة التي قد تتراوح بين 50 و 60 دولارلعدة سنوات،وباعتبارها المنتج الرئيسي الأقل تكلفة في العالمفقد تشهد زيادة في حجم حصتها السوقيةخلال السنوات القادمة حتى إذا لم يتعاف الطلب العالمي على النفط وترتفع الأسعار، لأن نقص الاستثمار يؤدي بطبيعة الحال إلى انخفاض الإنتاج في أماكن أخرى.
يقول محللون إن تجاوز ذروة الطلب على النفط قد يؤدي أيضًا إلى حرب أسعار جديدة وإنهاء جهود منظمة أوبكوحلفائها لكبح الإمدادات لذلك تريد الرياض أن تكون مسلحة وجاهزة للمعركة القادمة التي على وشك أن تبدأ.
سيواجه جميع منتجي النفط احتياج مماثل لتحويل احتياطياتهم وأصول الطاقة إلى نقود قبل أن يفقدوا قيمتها، وإلى جانب المملكة العربية السعودية تعتمد اقتصادات أعضاء أوبك مثل روسيا وفنزويلا والعراق وإيران بشكل كبير على إيرادات النفط والغاز.