أجبرت أزمة فيروس كورونا، وما تبعها من إجراءات استثنائية كـ«الإغلاق الجزئى والكامل»، العالم أجمع على ضرورة توحيد الجهود فى جميع مجالات التكنولوجيا والابتكار للوصول إلى التحول الرقمى، أملاً فى توفير الوقت والجهد والموارد، وهو ما أدى إلى تغير نمط مستقبل الأعمال والحياة بالكامل.
وأصبح التحول نحو الاقتصاد الرقمى أمراً حتمياً، ولم يعد رفاهية، فى ظل استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ووجود وسائل دفع إلكترونية وماكينات صرف آلى، وهو ما دفع الى التوسع فى خطة الدولة 2030 للتحول الرقمى فى مختلف المؤسسات الحكومية والخاصة فى مصر توفيراً للوقت والجهد، وهو أيضاً ما كان له أثر إيجابى ساهم فى تخفيف تداعيات كورونا، وتنامى الاعتماد على الوسائل الإلكترونية لإنجاز المهام من المنزل.
فبلغة الأرقام، أوضحت أحدث التقارير الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «الأونكتاد» أن حجم الاقتصاد الرقمى يتراوح بين 4.5% و15.5% من إجمالى الناتج المحلى العالمي، خلال 2019،أى ما يتراوح بين 3.8 تريليون و13 تريليون دولار.
ومن المتوقع أن ينمو ليصل إلى 24.3% بحلول عام 2025، ما يؤكد أن التحول الرقمى أصبح يوفر إمكانات ضخمة لبناء مجتمعات فعالة، تنافسية ومستدامة، وهو ما دفع الى تحقيق تغيير جذرى فى شكل ادارة الأعمال وشكل الخدمات المقدمة.
ونتيجة طبيعية لتلك المعطيات تنبهت شركة كريم إلى ذلك الأمر، واتخذت خطوة جادة تمثلت فى توجه الشركة لتبنى سياسة العمل عن بعد فى الأسواق التى تعمل بها، بسبب النتائج الإيجابية التى أظهرها هذا التوجه خلال فترة الحجر الصحى بسبب الجائحة، والذى أثبت إيجابياته على الموظفين من حيث الأداء والمرونة فى حياتهم الشخصية.
فبدراسة أداء موظفى «كريم» أثناء فترة عملهم من المنزل، وكان من الواضح تحسن أدائهم، وهو ما ظهر بوضوح فى نتائج الربعين الثانى والثالث من العام، ما دفعنا لتبنى فكرة العمل من المنزل بشكل أكبر، وقررنا أن نحوّلها إلى نموذج عمل بشكل دائم مع ابقاء المكاتب الفعليّة متاحة، ليتم تحويلها إلى مساحات مبتكرة لتسهيل التعاون وبناء الترابط ما بين فرق العمل من جهة، وتوفير بيئة مرنة للزملاء الراغبين بالعمل ضمن أجواء مكتبية من جهة أخرى.
ولعل أبرز ما دفع «كريم» لتلك الخطوة هو أن ذلك يسهم فى زيادة الإنتاجية وتعزيز المميزات المقدمة للموظفين، وعلاقات التعاون بين الموظفين وزملائهم فى الدول الأخرى، بالإضافة الى أن هذا التحوّل سيساعد فى تخفيض تكاليف التشغيل العقارية، من خلال إعادة تصميم المكاتب وتطويرها لتتلاءم مع سياسة العمل عن بُعد بدلًا من العمل اليومى.
كما أن من أهم العوامل التى شجعت «كريم» على تلك الخطوة، أن الاستطلاعات الداخلية كشفت عن ارتياح موظفى الشركة وتقديرهم للمرونة الإضافية التى تتيحها المنهجية الجديدة، التى توفّر عليهم وقت التنقّل إلى مكاتب العمل وهو ما جعل لهم حريّة التنسيق بين مهامهم فى العمل والحياة الشخصية.
وإذا كانت «كورونا» قد فرضت على الجميع التباعد الجسدى والتعامل مع التحول الرقمي، لكنها اصبحت بلا شك سبباً قوياً فى اعادة تشكيل مستقبل الأعمال وطرق الإدارة.
بقلم: هيثم عصام المدير العام لشركة كريم مصر