لم يفعل دونالد ترامب، أكبر مخفف للقواعد التنظيمية، أي شيء تقريبًا لتقليص التنظيمات المتعلقة بالبنوك، وكان هناك فقط بعض الخفض الطفيف لاشتراطات رأس المال والسيولة للبنوك الصغيرة ومتوسطة الحجم.
وسياسياً، من الواضح أن حزب ترامب الجمهوري، قرر أن جعل حياة البنوك الكبرى أسهل، بعد 10 سنوات من الأزمة المالية الكبرى، ليست ورقة رابحة سياسياً، وذلك سبب اهتمام المستثمرين فى البنوك بقدر أقل بشأن احتمالية هزيمة ترامب من آفاق أسعار الفائدة.
ويوم الأربعاء الماضي، تضررت أسهم البنوك بحدة، في حين ارتفع السوق، وإذا قاد بايدن مجلس شيوخ يسيطر عليه الجمهوريون، فسيكون من الصعب على البيت الأبيض تمرير برنامج تحفيز كبير ويرفع أسعار الفائدة ومعها أرباح البنوك، ففي النهاية تعزز أسعار الفائدة الأعلى هامش الإقراض.
ولكن أغفلت أسهم البنوك، الهدية الكبيرة التي منحها ترامب للبنوك، وهي تخفيضات الضرائب على الشركات.
ونظراً لأن أعمال البنوك أغلبها بالداخل، وليس لديها نوع النفقات الرأسمالية التي تقود إلى رسوم إهلاك واستهلاك، تدفع البنوك الفاتورة كاملة، ويريد بايدن إلغاء بعض تخفيضات الضرائب التي أقرها ترامب.
ولكن سيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ ستردعه على الأرجح، وأعتقد أن الأسواق كانت قصيرة النظر.. فالضرائب أكثر أهمية لأرباح البنوك من التأثير المحتمل لرفع أسعار الفائدة.
إذا ما الذي تعنيه رئاسة بايدن لقطاع البنوك، خصوصاً إذا سيطر الجمهوريون على مجلس الشيوخ وبدأ بالفعل زعيم الأغلبية ميتش ماكونيل، القيام ببعض الصخب الذي يعرقل العملية السياسية؟
وبالنظر إلى ذلك تنطبق هنا الجملة الشهيرة بأن السياسة سياسة أفراد، إذا.. السؤال الأهم هو من سيقود تشريعات البنوك بدءاً من الاحتياطي الفيدرالي إلى مكتب حماية التمويل الاستهلاكي، الذي تم تأسيسه بعد الأزمة المالية العالمية وكان خاملاً بقدر كبير تحت رئاسة ترامب؟
والشخص الذي سيختاره بايدن وزيراً للخزانة، سيكون له تأثير كبير على من سيملأ تلك المناصب.
وهذا ما يأخذنا إلى السيناتور إليزابيث وارن، المرشحة الرئاسية السابقة، والناقدة الشرسة لقطاع البنوك، وإذا حظى الديمقراطيون بمكاسب كبيرة في مجلس الشيوخ، فستصبح من أكبر المرشحين لمنصب وزير الخزانة.
ولكن وجود محافظ جمهوري في ولاية ماساتشوستش يعقد الأمر، وإذا لم يتدخل المشرع، فستبقى على الأرجح في مكانها (وكذلك بيرني ساندرز، لأسباب مشابهة، ما سيبعد منتقد شرس آخر للبنوك عن مجلس الوزراء).
والتالى فى القائمة هى لايل برينارد، الصوت الأعلى للمعارضة الديمقراطية على مجلس محافظي الفيدرالي.
ولكن هل سترغب في تولي منصب وزيرة الخزانة أم ترغب في انتظار العام المقبل حتى تنتهي فترة جاي باول وتأمل في أن يتم اختيارها لتحل محله؟
وسيزداد الجدل فيما يتعلق بمكتب حماية التمويل الاستهلاكي، والديمقراطية الأكثر تأهلاً للمنصب، هي ممثلة كاليفورنيا كاتي بورتر، المحامية المتخصصة في التشريع المالي، والمتحدثة لبقة، ومعذبة الرؤساء التنفيذيين للبنوك، وهي من النوع الذي سيحاول ماكونيل منعه.
وبالنهاية ستعتمد نتيجة لعبة الكراسي الموسيقية التي ستبدأ قريبًا على الوكالات التشريعية، على مقدار القوة السياسية التي سيرغب بادين في إظهارها، ولكنه كان متحفظاً فى الحديث عن الأمر أثناء الحملة الانتخابية، ولكنه لطالما كان معتدل النزعات، وهو يأتي من ولاية ديلاوير حيث القطاع المالي لطالما كان مهماً، ولكنه ربما يقوم باختيارات وسطية مستخدماً وجود ماكونيل كعذر لدرء اليسار الذي يكره البنوك.
وبالتالي فإن التوقعات الأساسية تتمثل في تعيينات معتدلة في المناصب الأساسية و4 سنوات هادئة فيما يتعلق بالتنظيم المالي، ومع ذلك، ثمة مأخذان، الأول كما يشير إد ميلز من شركة “ريموند جيمس”، أن قيادة “الفيدرالي” ستكون حتماً من الحزب الديمقراطي أياً كان المسئول، وهو ما يعني تشديداً تدريجياً لاختبارات التحمل السنوية للبنوك، وهذا بدوره يعني أنه سيتعين على البنوك زيادة رؤوس أموالها الوقائية.
وقال ميلز، إن وجود الديمقراطيين في الحكم يعني “زيادة فعلية لرأسمال البنوك حتى دون تمرير أى قانون تشريعي، وهو ما سيكون له تأثير سلبي تراكمي – ولن يكون تأثيراً تافهاً – على ربحية البنوك.
ثانياً.. ثمة مساحة لحدوث تحركات على صعيد تنظيم شركات التكنولوجيا المالي، وهو مجال مهم، إذ تقوم الشركات الناشئة منها “فينمو” و”تشايم” بإحداث انجازات في مجالات بدءا من المدفوعات إلى بطاقات الخصم.
وحالياً، ثمة كثير من الأشياء التي لا تستطيع شركات التكنولوجيا المالية القيام بها مثل الإقراض ولن تتمكن من ذلك حتى يتم تنظيمها كبنوك قادرة على اتخاذ ودائع، وحاولت حكومات أوباما وترامب تخفيف ذلك العبء، ولكن السنوات الأربع القادمة قد تكون مثيرة للاهتمام بالنسبة لشركات التكنولوجيا المالية.
بقلم: روبرت أرمسترونج، كاتب مقالات رأي لدى صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية.
المصدر: صحيفة “فاينانشيال تايمز”