يتحول مستثمرو الأسواق الناشئة إلى أسهم القيمة ويبتعدون عن أسهم النمو بأسرع وتيرة منذ أكثر من عقد من الزمن، ويقول البعض إن هذا الاتجاه ربما يستمر لمدة تصل إلى 12 شهراً أخرى.
وذكرت شركة «إيه.إم.بى كابيتال إنفستورز» المتخصصة فى إدارة الاستثمارات، والتى تشرف على استثمارات بنحو 137 مليار دولار، أن نظام التجارة بالتناوب الناجم عن التقدم المحرز فيما يخص لقاح كوفيد-19 والانتخابات الأمريكية ستعطى الأفضلية لأسهم فى دول مثل المكسيك وإندونيسيا، مقارنة بأماكن أخرى، مثل الصين وتايوان.
تراهن شركة «إيست سبرينج إنفستمنتس» على جنوب أفريقيا، حيث تخلفت الأسهم عن نظيراتها خلال العام الحالى، بينما يقول المصرف السويسرى «يو.بى.إس ويلث مانجمنت» إن التحول نحو أسهم القيمة ربما يستمر لمدة تصل إلى عام، بحسب ما نقلته وكالة أنباء «بلومبرج».
وتتمثل أحد طرق تصنيف أسهم الدول النامية إلى قيمة أو نمو فى النظر فى كيفية ارتباط أدائها مع النسبة بين مؤشرات النمو والقيمة التابعة لشركة «إم.إس.سى.أى»، وهى أكبر شركة لمؤشرات الأسواق فى العالم.
والجدير بالذكر أن كلاً من الصين والتايوان يسجلان أعلى قراءات إيجابية فى تحليل «بلومبرج» لـ 18 سوقاً، مما يؤكد مكانتهما كقادة للنمو، بينما كانت القراءات الأقل تدور حول دول مثل تايلاند والمجر والبرازيل.
وقال نادر النعيمى، رئيس الأسواق الديناميكية فى «إيه.إم.بى كابيتال إنفستورز» فى سيدنى، إن الشعور بالقلق تجاه ما يمكن أن يحدث غداً أو الأسبوع المقبل تسبب فى خسارة رؤوس أموال شركات التكنولوجيا، بينما تُركت عمليات جنى الأرباح، فيما عدا المجالات الحساسة اقتصاديا، ورائهم تماماً.
وأضاف: «عندما يكون فائض المعروض النقدى العالمى وفيرا، فإن ذلك يترك مجالاً كبيراً لإعادة التصنيف فى المناطق المنسية».
وأوضح النعيمى، أن أفضل اختياراته تشمل دول جنوب شرق آسيا، مثل ماليزيا وتايلاند وإندونيسيا، بدلاً من أسواق شمال آسيا الغنية بالتكنولوجيا، مثل كوريا الجنوبية وتايوان، كما أنه أعرب عن إعجابه بكل من البرازيل والمكسيك وتشيلى فى أمريكا اللاتينية.
البحث عن المتخاذلين
كانت عملية التحول نحو أسهم القيمة، التى انتشرت بشكل كبير فى أسواق المال العالمية على مدار الشهر الحالى، مدفوعة بالمستثمرين الباحثين عن الصناعات التى تخلفت عن الركب عندما جاءت صدمة فيروس كورونا لتقف فى صالح أسهم النمو فى قطاعات مثل التكنولوجيا.
وفى الأسواق الناشئة، تتفوق أسهم القيمة الآن على أسهم النمو بأكبر قدر منذ عام 2008، حيث قفزت النسبة بين المجموعتين لتصل إلى 8% فى نوفمبر الجارى.
وشهدت صناديق القيمة العالمية أعلى تدفقات خلال العام الجارى، فى الأسبوع الذى انتهى فى 18 نوفمبر الجارى، حيث بلغت التدفقات 4.3 مليار دولار، مقارنة بصناديق النمو التى شهدت تدفقات تقدر بـ 493 مليون دولار فقط، وذلك بحسب ما أشار إليه تقرير حديث صادر عن مجموعة «جيفريز» المالية، نقلاً عن بيانات مؤسسة «إى.بى.إف.آر جلوبال».
وأشارت «بلومبرج» إلى أن شركة «إيست سبرينج إنفستمنتس» تعتبر بمثابة مدير أموال آخر يبحث عن أسهم القيمة.
قال صامويل بنتلى، مدير محفظة العملاء لدى «إيست سبرينج إنفستمنتس»، التى تشرف على 220 مليار دولار، إنه فى الوقت الذى تتواجد فيه أكبر ممتلكات الشركة فى كوريا الجنوبية، التى تشهد فرصاً ذات قيمة، فإنها تحب أيضا الأسهم غير المرغوب فيها المتواجدة فى جنوب أفريقيا والمكسيك.
كانت الدول ذات التصنيفات عالية القيمة تقود المكاسب خلال الشهر الماضى، فقد تفوق أداء مؤشر الأسهم الفلبينية على كافة الأسواق الناشئة الرئيسية الأخرى، مرتفعا بنسبة 17% بالعملة المحلية، وارتفع مؤشر أسهم تايلاند بنسبة 14% والمكسيك بنسبة 11%، بينما ارتفع مؤشر تايوان القياسى بنسبة 6.5% فقط ومؤشر شنغهاى المركب الصينى بنسبة 1.1% فقط.
التدفق المستمر
يقول مصرف «يو.بى.إس ويلث مانجمنت» إن التجارة بالتناوب يمكن أن تكون أكثر استدامة من المعتاد، وقال أدريان زويرشر، رئيس قسم توزيع الأصول العالمية لدى «يو.بى.إس ويلث مانجمنت» فى هونج كونج: «فى ظل سريان برامج التحفيز المالى الضخمة عبر الاقتصادات وإعادة تنشيط الطلب المكبوت بفضل اللقاحات، يمكن أن تشهد أسهم القيمة تدفقات أكثر استدامة، خاصة عند بدء ارتفاع أسعار الفائدة».
وأشار إلى أن هذا الأمر لا يعنى أن «يو.بى.إس ويلث» شطبت منطقة شمال آسيا، فقد حولت الشركة المزيد من الأموال إلى كوريا الجنوبية، التى تعتبرها ذات قيمة أفضل من تايوان أو الصين.
ويمتلك المستثمر المخضرم فى الأسواق الناشئة مارك موبيوس، والذى يعمل فى شركة «موبيوس كابيتال بارتنرز»، وجهة نظر مماثلة، فقد قال، فى منتدى استثمارى عُقد مؤخرا، إنه فى الوقت الذى ربما تستمر فيه الأسهم فى شمال آسيا فى تقديم أداء جيد، يمكن أن تظهر الأسواق الأخرى وتنتقل من مكانتها المتأخرة، خاصة تلك الأسواق التى لم تكن تحظى بشعبية كبيرة لسبب أو لآخر.