عندما تفشى فيروس كورونا المميت، أطلقت ألمانيا حزمة مساعدات طارئة، التي تعتبر الأكثر سخاء في أوروبا، ولكن يتساءل السياسيون الآن، للمرة الأولى منذ بداية الوباء، عما إذا كان بإمكان البلاد بالفعل تحمل مثل هذا السخاء.
أثير هذا النقاش خلال المشاورات التي عقدت الأسبوع الماضي بشأن موازنة عام 2021، فقد صدم وزير المالية الألماني أولاف شولتز مجلس النواب بمضاعفة حجم الاقتراض الجديد إلى 180 مليار يورو، وذلك بالإضافة إلى ديون بقيمة 218 مليار يورو تحملتها ألمانيا في 2020، والتي تعتبر أكبر مبلغ في تاريخ ما بعد الحرب.
ومع ذلك، لم يشعر شولتز بالندم، فقد قال يوم الجمعة: “يرتجف المرء عندما يفكر في ما كان سيحدث هنا لو لم نستثمر مثل هذه المبالغ الكبيرة، فالتردد يمكن أن يكلفنا الكثير”.
وأوضحت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، أن هذا الرأي يدعمه معظم الاقتصاديين البارزين في ألمانيا، ممن يصرون على أن البلاد بحاجة لبذل كل الجهود الممكنة للتخفيف من الركود الاقتصادي المتعلق بالوباء.
وتدعم الأحزاب الحكومية، حزبي الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي، فضلاً عن حزب الديمقراطيين الاشتراكيين، هذا الرأي بشكل كبير علنياً على الأقل، لكن نواب المعارضة يشعرون بالقلق من إمكانية إثارة شولتز لأي مشاكل في المستقبل.
وقال كارستن كلاين، النائب عن الحزب الديمقراطي الحر المؤيد للأعمال التجارية، إن التوسع في الديون يهدد بالتحول إلى أزمة بالنسبة للجيل القادم.
ويقول بعض المعارضين إن الدافع الكامن خلف توجه شولتز لفتح صنابير الإنفاق هو تحسين فرصة في الانتخابات الألمانية العام المقبل، فهو يترشح عن حزب الديمقراطيين الاجتماعيين.
وتصر الحكومة الألمانية على أن ارتفاع الإنفاق مجرد انحراف مؤقت، وسيستأنف الإنفاق العادي بمجرد انتهاء الوباء، كما أن ألمانيا تعتزم البدء في سداد ديون حقبة الوباء في عام 2023 بينما ستستعيد فرامل الديون في عام 2022.
ومع ذلك، يعتقد الكثيرون أن إعادة السيطرة على الديون في 2022 أمر غير ممكن، فقد قالت جيسين لوتزش، عضوة البرلمان الألماني عن اليسار المتشدد، إن الفكرة سخيفة للغاية، ولا أحد يعتقد أن هذا الأمر سيحدث حقاً.