قالت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، إنَّ بعضاً من إجراءات الإغلاق والقيود الأكثر الصرامة التى فُرضت بجميع أنحاء دول الخليج كان الهدف منها التصدى لجائحة فيروس كورونا المميت، لكنها تسببت أيضاً فى فوضى فى الاقتصادات المعتمدة على البترول، التى تضررت بالفعل من انخفاض أسعار البترول الخام.
ولكن، كما هو الحال فى أى مكان آخر حول العالم، كانت شركات التكنولوجيا الناشئة فى المنطقة من أكبر المستفيدين من زيادة نشاط التجارة الإلكترونية فى ظل مكوث العملاء فى المنزل.
وكانت منصات الدفع الدافع للتحول من التجارة التقليدية إلى التجارة الرقمية فى عالم التكنولوجيا المالية الناشئة فى المنطقة، كما أن بعض تلك التحولات مدعوم من جانب شركات الاتصالات الأكبر حجماً.
وفى بداية العام الماضى، ارتفعت المدفوعات الإلكترونية فى السعودية، أكبر أسواق الخليج، بعد أن سُمح للعملاء باستخدام بطاقات الخصم، بدلاً من بطاقات الائتمان الأقل شيوعاً، فى المعاملات التى تتم عبر الإنترنت.
واجتذب السوق المزدهر اهتماماً خارجياً بالبنية التحتية الرقمية التى تدعم التكنولوجيا المالية، فقد أعلنت شركة «ويسترن يونيون»، فى نوفمبر الماضى، اعتزامها استثمار ما يصل إلى 200 مليون دولار مقابل حصة قدرها %15 فى شركة «إس تى سى باى»، ذراع المدفوعات سريع النمو لشركة الاتصالات السعودية، تلك الشركة العملاقة المدرجة فى بورصة الرياض والتى يسيطر عليها صندوق الثروة السيادى السعودى.
وأشارت «فاينانشيال تايمز» إلى أن المدفوعات الإقليمية تهيمن عليها شركة «بيفورت»، وهى شركة ناشئة مقرها دبى وتم بيعها إلى «أمازون» فى عام 2017، وهو نفس العام الذى أصبحت فيه الشركة الأمريكية اللاعب المسيطر فى مجال التجارة الإلكترونية فى المنطقة بعد الاستحواذ على الشركة المنافسة «سوق دوت كوم».
وهناك شركات آخرى تظهر كمنافسين مستقلين لشركة «أمازون»، فقد طورت شركة «تلر» للدفع الإلكترونى، ومقرها دبى، بشكل سريع منتجاً سمح حتى للبقالة الأكثر تواضعاً بالعمل خلال فترة تفشى الوباء، كما أنه يُمكن التجار، الذين لا يملكون موقعاً إلكترونياً، من إرسال روابط دفع للعملاء الراغبين فى تجنب النقد.
واستطاعت منصة الدفع الإلكترونى «هايبر باى»، ومقرها السعودية، زيادة إيراداتها بمقدار 3 مرات خلال الأشهر الثلاثة الأولى من تفشى الوباء، فى ظل تحول العملاء إلى البيع بالتجزئة عبر الإنترنت، حيث أطلقت المنصة منتجاً يسمح للتجار بإرسال مدفوعات سريعة وشاملة عبر منصة واحدة للمستخدمين، سواء كانوا بائعين أو سائقين أو مستقلين أو مقدمى خدمات، كما أن هذه الخدمة سمحت للتجار الصغار فى السعودية بالتنافس مع التطبيقات الدولية المهيمنة.
وبدأ الاعتماد السريع للخدمات المالية الإلكترونية خلال الوباء من قاعدة منخفضة، فمنطقة الشرق الأوسط لا تزال تمثل %1 فقط من الاستثمار العالمى فى التكنولوجيا المالية، بحسب تقرير عن القطاع صادر عن معهد «ميلكن» الأمريكى.
ومع ذلك، ينمو قطاع التكنولوجيا المالية بنسبة %30 سنوياً فى منطقة يسارع فيها الشباب البارعون فى مجال التكنولوجيا بتبنى التكنولوجيات الجديدة.
واستطاعت 30 شركة عاملة فى مجال التكنولوجيا المالية جمع ما يصل إلى 80 مليون دولار من رأس المال الاستثمارى فى عام 2017، ومن المتوقع ارتفاع هذه القيمة إلى أكثر من 2 مليار دولار من جانب 465 شركة بحلول عام 2022، وفقاً لتقرير معهد «ميلكن» الأمريكى، الذى استشهد ببيانات من مسرع التكنولوجيا المالية «فينتك هايف» فى مركز دبى المالى العالمى وشركة «أكسنتشر».
وبالإضافة إلى تعزيز التجارة الإلكترونية، تعمل التكنولوجيا المالية على تعزيز الشمول المالى، فالتقدم التكنولوجى يتيح وصول الخدمات إلى ملايين الأشخاص، الذين تتجاهلهم البنوك القائمة ومديرو الثروات.