145 مليار دولار تدفقات داخلة للأصول فى نوفمبر
تكدس المستثمرون الأجانب فى الأسواق الناشئة فى الربع السنوى الرابع من عام 2020 بأسرع وتيرة منذ 7 أعوام، ما أسهم فى تعويض آثار الهجرة الجماعية القياسية من أسواق الأسهم والسندات فى تلك الدول فى بداية أزمة فيروس كورونا.
ومن المتوقع أن يستمر تدفق الأموال على فئة الأصول المذكورة فى 2021، فى ظل توقع عدد من المحللين أن يكون هناك عام من التدفقات الوفيرة الداخلة، لكن ثمة آخرين يحذرون من أن الآفاق الاقتصادية لا تزال صعبة، وأن كثيراً من الشركات والحكومات ستكافح من أجل الاستثمار فى النمو الإنتاجى.
وتظهر البيانات الصادرة عن معهد التمويل الدولى، التى أعدت لصالح صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، أن أسواق الأسهم والسندات المحلية شهدت مغادرة أكثر من 95 مليار دولار فى شهر مارس، فضلاً عن تدفقات لاحقة عابرة للحدود، وبالتالى وصل إجمالى التدفقات الخارجة إلى 243 مليار دولار خلال الأشهر الأربعة الأولى من الأزمة.
وذكر معهد التمويل الدولى، أن المستثمرين الأجانب سجلوا عودة بطيئة فى البداية، لكنها تسارعت إلى 145 مليار دولار فى نوفمبر فقط، فقد استثمر الأجانب نحو 37 مليار دولار فى سندات الأسواق الناشئة و40 مليار دولار فى الأسهم خلال الشهر الماضى.
ويتوقع جوناثان فورتون فارجاس، الاقتصادى فى معهد التمويل الدولى، أن يسجل الربع الرابع من 2020 أقوى تدفقات على أصول الأسواق الناشئة منذ الربع الأول من 2013، قبل نوبة التراجع الحادة التى تسببت فى تزايد التدفقات الخارجة بعد أن أعرب البنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى استعداده لكبح جماح سياساته النقدية المتساهلة للغاية.
أضاف: «بشكل عام، يظهر خروج رأس المال من الأسواق الناشئة بوضوح الآن فى مرآة الرؤية الخلفية ويبدو أن التدفقات الداخلة القوية ستستمر». وأوضحت الصحيفة البريطانية، أن التحفيز النقدى القوى الذى قدمه الاحتياطى الفيدرالى هذا العام استجابة للوباء أسهم فى تعزيز الأصول المالية حول العالم.
وبحسب صندوق النقد الدولى، ضخ الاحتياطى الفيدرالى والبنوك المركزية الأخرى فى الاقتصادات المتقدمة، ما يقدر بـ7.5 تريليون دولار فى الأسواق المالية العالمية خلال الأزمة.
كانت أسهم الأسواق الناشئة بطيئة فى اللحاق بالركب، مع تحول التدفقات عبر الحدود إلى إيجابية فقط فى الشهرين الماضيين، بينما سجل سوق السندات انتعاشاً أكثر قوة فى الوقت الذى يسعى فيه المستثمرون إلى تحقيق عائدات مع بقاء أسعار الفائدة فى العالم المتقدم عند مستويات منخفضة قياسية، بحسب معهد التمويل الدولى.
وتتعقب البيانات الصادرة عن «إى. بى. إف.آر»ـ وهى أداة مراقبة بيانات مقرها بوسطن، التدفقات إلى الصناديق المشتركة والصناديق المتداولة المستخدمة على نطاق واسع من قبل مستثمرى التجزئةـ تشير إلى قصة مماثلة، رغم أن صناديق الأسهم وصناديق السندات المقومة بالعملات المحلية لم تستطع استرداد الأموال التى تدفقت للخارج فى بداية العام.
ويشير المحللون إلى التقييمات الجذابة لأسهم الأسواق الناشئة، سواء من الناحية التاريخية أو بالنسبة لأسهم الأسواق المتقدمة، وإلى انتعاش الآفاق الاقتصادية؛ بسبب الوصول المبكر للقاحات كورونا، بالإضافة إلى السياسات النقدية الداعمة فى جميع أنحاء العالم.
وقال مدير صندوق الأسهم فى شركة «سومرست كابيتال مانيجمنت»، كريستوفر وايت، إنَّ الأسواق الناشئة بدأت تتفوق فى الأداء، ومن المعتقد أن هناك أسباباً وجيهة كامنة خلف الاعتقادات التى تفيد بإمكانية استمرار هذا الاتجاه وإمكانية أن يكون عام 2021 عاماً متميزاً بالنسبة للأسواق الناشئة.
وقال الشريك فى شركة «إيست كابيتال»،جيكوب جربينجيسر، إن الصين والهند يمكن أن تقدما أداء متميزاً من حيث النمو الاقتصادى العام المقبل، فى حين يمكن للانتعاش المتوقع فى السياحة إفادة اليونان وتايلاند وماليزيا بشكل خاص.
أضاف أن ارتفاع أسعار البترول سيكون إيجابياً بالنسبة لروسيا والبرازيل، اللتين كان أداؤهما دون المستوى بشكل كبير هذا العام، فقد تراجعت أسواق الأسهم بنسبة 18% و21% على التوالى حتى الآن فى عام 2020، مقارنة بمكاسب تزيد على 14% لأسهم الأسواق الناشئة بشكل عام بالقيمة الدولارية.
ومع ذلك، حذر آخرون من أن الانتعاش غذته السيولة الوفيرة التى تسعى للبحث عن الاستثمارات، وأن التفاؤل بشأن إنهاء الوباء قد يبدد الزخم. وقال النائب الأول لرئيس وكالة التصنيف الائتمانى «موديز»، راهول جوش، إن التأثير المالى للوباء سيظل محسوساً لعدة أعوام مقبلة، مع انخفاض الإيرادات الحكومية فى الأسواق الناشئة بما يعادل 2.1% من الناتج الاقتصادى خلال العام الحالي، وهو ما يزيد على ضعف التراجع فى الاقتصادات المتقدمة.
وأضاف أن الإنفاق الرأسمالى لن يكون بالأهمية نفسها فى المزيج المالى كما كان فى الماضي، لذا فإن قدرة الحكومات على توليد النمو ستكون مقيدة.