بالنسبة لأغلب الشركات كان العام الماضي عام التقلبات، أما بالنسبة لشركات التكنولوجيا كان العمل كالمعتاد وإنما بوتيرة أسرع.
وقرر مستثمرون في سوق الأسهم أن شركات التكنولوجيا الأمريكية من بين أكبر الرابحين في 2020، ورفعوا قيمها بنسبة 42%.
ومع ذلك، وبعد فوات الآوان قد ينظر إلى 2020 على أنه العام الذي انزلقت فيه أكبر شركات التكنولوجيا من النجاح إلى المبالغة، مما قد يقود إلى رد فعل عالمي عنيف، وبالتأكيد ستكون هناك مقاومة متزايدة من مجموعة من المنتقدين على مدار العام المقبل، في ظل بحث المنافسين والمشرعين والساسة ومنظمات الحقوق المدنية وحتى الموظفين عن طرق للحد من نفوذهم المفرط.
وتواجه شركات التكنولوجيا 3 أسئلة كبيرة في 2021.
هل ستستمر قصة الحب بين المستثمرين وقطاع التكنولوجيا؟
عالمياً، توجد أسباب وجيهة تقول بأنها ستستمر، وبغض النظر عن مدى سرعة فاعلية اللقاحات في إبطاء وباء كوفيد 19، سيواصل العالم التحرك من العالم الواقعي إلى الإنترنت، وتعد شركات التكنولوجيا أول المستفيدين وأكثرهم وضوحاً من هذا الاتجاه.
وتجرى المقارنات عادة بين الارتفاع في أسعار الأسهم العام الماضي، وبين جنون الدوت كوم والانهيار في عام 2000، وهناك بلا شك كثير من الفقاعات في السوق وبعض التقييمات المتطرفة، وعند حوالي 640 مليار دولار، تعادل قيمة “تسلا” حالياً حوالي قيمة أكبر 6 شركات سيارات مدرجة في البورصة مجتمعين، وعند حوالي 90 مليار دولار، تعادل قيمة “إير بي إن بي” حوالي ثلث أكبر 25 سلسة فنادق، ويتعين على تلك الشركات إثبات الكثير لتبرير قيمها.
ولكن على عكس 2000، فإن الكثير من الشركات التكنولوجية الراسخة لديها أعمال مهيمنة عالمياً وتبدو كرهانات قوية وفقاً للعديد من المقاييس المالية، وأصبحت “أبل”، و”أمازون”، و”مايكروسوفت”، و”جوجل”، و”فيسبوك” جميعها شركات عملاقة ذات أعمال مربحة للغاية في قطاعاتهم المختارة، وسيعتمد مصيرها بقدر كبير على السؤال الثاني:
إلى أي مدى سيكون رد الفعل التنظيمي عنيف؟
في 2020، انتبه المشرعون أخيراً إلى هيمنة قطاع التكنولوجيا وقرروا التحرك، وضغطت السلطات التنظيمية في الولايات المتحدة وأوروبا والهند وبريطانيا بطرق مختلفة على عمالقة التكنولوجيا، ومن المتوقع أيضاً أن يكون الرئيس الأمريكي القادم جو بادين أكثر نشاطاً.
ولكن قوة هذه التحركات لن يتم الشعور بها قبل سنوات، وفي الوقت الحالي، فإن المكان الذي يجب مراقبته هو الصين حيث يتحدى المشرعون حالياً إمبراطورية “جاك ما”.
وفي أكتوبر، أوقفت بكين الإدراج بقيمة 37 مليار دولار لمجموعة “آنت جروب”، شركة الخدمات المالية الرقمية التي يعد “جاك ما” مساهم رئيسي بها، وفي أوائل الشهر الماضي، أطلق المشرعون تحقيق احتكار في ممارسات “علي بابا”، السوق الرقمية التي أسسها.
ويتمثل أكبر مجهول فيما إذا كانت بكين تقوم بتقليص حجم أحد عمالقة التكنولوجيا (متبعة دليل الرئيس فلاديمير بوتين في التعامل مع الأثرياء ذوي النفوذ) أم أن هذه الخطوات تشكل أحدث المحاولات الأوسع من قبل الرئيس شي جين بينج لفرض المزيد من السيطرة على القطاع، وسوف يكون للسبب الأخير تداعيات هائلة على اتجاه وحيوية الاقتصاد الصيني.
وبالنظر إلى ما سبق، كيف ستتمكن شركات التكنولوجيا الكبيرة من المحافظة على روح الابتكار؟
من ناحية، يبدو من الحماقة طرح هذا التساؤل، فهذه الشركات لديها جبال من النقدية وبحور من البيانات وطموح شاهق لإعادة صياغة قطاعات مثل الرعاية الصحية والتمويل والسيارات، ولكن بغض النظر عن مدى قوة مميزاتهم، فإن التكنولوجيا تظل أعمالاً تعتمد على الأشخاص.
وتردع أسعار المنازل شديدة الارتفاع وأنظمة التأشيرات العدائية العديد من العاملين بالخارج عن الانتقال إلى سيليكون فاللي، بل إن الكثير من المقيمين حالياً ينتقلون في اتجاه أطلقت عليه شركة انفورمايشين نيوز” “الهجرة التكنولوجية”.
وعلاوة على ذلك، فإن نموذج الشركات الناشئة في سيليكون فاللي أصبح محلياً وعالميا، ووفقاً لتقرير سيصدر قريباً عن شركة “موزيك فينتشرز”، فإنه حتى أوروبا تتباهى حالياً بأكثر من 120 شركة “يونيكورن” (وهي الشركات الناشئة التي تزيد قيمتها على مليار دولار) بقيمة 600 مليار دولار، وبالتالي، فإن أكثر رواد الأعمال طموحاً قد يجدون فرصاً واعدة أقرب إلى موطنهم.
وكما يعترف المديرون التنفيذيون أنفسهم سرا، فإن شركاتهم ستزدهر بقدر ما تستطيع جذب أفضل المهندسين والاحتفاظ بهم، وفي بعض الشركات يبدو ذلك مشكوكاً فيه بقدر متزايد، فقد هزت احتجاجات الموظفين عدة مرات شركة “جوجل”، كان أحدثها الاعتراض على رحيل تيميت جيبرو، الباحث الأخلاقي، وأظهر استطلاع رأي داخلي في “فيسبوك” في أكتوبر أن 51% فقط من الموظفين فيها يعتقدون أن الشركة لديها تأثير إيجابي على العالم.
وأفضل مؤشر على مرونة شركات التكنولوجيا الكبير قد يكون في اتباعها للأشخاص وليس الأموال، وانظر كيف يعبر الموظفون عن آرائهم بحرية.
بقلم: جون ثورنهيل، محرر قطاع التكنولوجيا في صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية.
المصدر: صحيفة “فاينانشيال تايمز”