يعد الاستثمار فى المشغولات والسبائك الذهبية أكثر الطرق الآمنة لراغبى الادخار، بخلاف المضاربات على أرصدة وهمية، أو ما يعرف بـ»تجارة الهوى» إذ أنها غير قانونية وتعرض المستهلكين لخسائر كبيرة، خاصة مع انتشار تطبيقات للموبيل لهذه المضاربات لجذب مزيد من العملاء.
وانتشرت فى الآونة الأخيرة مقامرات داخل سوق الذهب تعرف بـ«مضاربات الهوى»، وهى مضاربة يلعب فيها مجموعة من التجار فى آن واحد، على رصيد وهمى من الذهب، مع دفع تأمين لكل كيلو لتجار الذهب الكسر، ليتم البيع والشراء على ارتفاع وانخفاض أسعار الذهب.
وتتم المضاربات عبر تواصل الأفراد أو التجار مع «تجار الذهب الكسر» لشراء نحو كيلو من الذهب على سبيل المثال، ودفع 10 آلاف جنيه كتأمين لكل كيلو جرام، ومع ارتفاع الذهب يحصل المضارب على فرق السعر الجديد، وإذا انخفض يخسر قيمة التأمين، ولكن الأمر لا ينتهى عند هذا الحد، وكطبيعة المقامرة التى تتمتع بالطمع تستمر عملية التضارب حتى يتعرض المضارب لخسارة فادحة، وأدت هذه المقامرات لتعرض تجار وأصحاب محلات للخروج من السوق نتيجة الخسارة.
وقال أمير رزق، عضو الجمعية العامة لشعبة الذهب بالغرفة التجارية بالقاهرة، إن الذهب يمثل رأسمال التاجر وليست السيولة المالية، لذا يسرع التجار فى تحويل أى سيولة مالية لذهب تجنباً للخسائر التى قد تنتج عن حركة صعود وهبوط الأسعار.
أضاف أن الذهب يمثل الوسيط التجارى فى المعاملات بين التجار وبعضهم، حفاظاً على رؤوس الأموال، والفئة الوحيدة التى تتعامل بالأموال مقابل الذهب هم «تجار الكسر» الذين يبيعون الذهب الكسر أو المستعمل للسوق مقابل الأموال، لإعادة تشغيله مرة أخرى.
وأوضح أن فكرة مضاربات الهوى نشأت تدريجياً عبر المبادلات التجارية بين تجار الكسر وتجار القطاعى «المحلات» أو غيرهم من المتعاملين، وكان السوق يلتزم بـ»الكلمة» لذا كانت بعض محلات القطاعى تستلم الذهب وتتأخر فى دفع قيمته لمدة أسبوع.
وأشار إلى أن بعض تجار الكسر بدأو يفرضون أسعار أخرى للتأخير فى الدفع، كغرامات تأخير بدأت بجنيه فى الجرام حتى وصلت إلى 30 جنيهاً، لذا عرفت بتجارة المواعيد، كأن يكون سعر الذهب 600 جنيه للجرام، وعند التأخير تصبح قيمة الجرام 630 جنيهاً.
وقال إن الأمر تطور وأصبحت مضاربات مع دفع تأمين بقيمة 10 آلاف جنيه على الكيلو دون وجود تبادل حقيقى للذهب بين الطرفين كنوع من المضاربات، واتسع الأمر ليصبح وجود كيانات غير شرعية.
أضاف أن المضاربات أصبحت على الفروق بين الأسعار وعلى سبيل المثال، يبيع تاجر القطاعى لتاجر الكسر كيلو ذهب بقيمة 620 ألف جنيه فاذا ارتفع السعر خلال أسبوع على الأكثر ووصل إلى 650 جنيهاً، فتاجر المحل خسر 30 ألف جنيه، بالإضافة إلى 10 آلاف جنيه التأمين، والعكس فى حالة الشراء.
وقال الدكتور وديع أنطوان، رئيس شعبة الذهب بالغرفة التجارة بالشرقية، إن الذهب على مر العصور يعد أفضل وسيلة للادخار وأداة للتحوط ضد الأزمات، ومن ثم يتجه المستهلكون لشراء السبائك والمشغولات الذهبية، وهى الطرق الآمنة المتعارف عليها للاستثمار فى الذهب.
أضاف أن صناعة الذهب تعتمد على التجارة وخلق فرص عمل ولم تضم أى مضاربات أو مقامرات داخل السوق، والمضاربات المنتشرة لا تخص المصنعين والتجار.
وقال، المستشار القانونى للشعبة العامة الذهب باتحاد الغرف التجارية، إن الطرق الآمنة للاستثمار بالذهب تتمثل فى البيع والشراء فى السبائك والمشغولات الذهبية، لكن مضاربات الهوى على أرصدة وهمية طريقة غير قانونية وتخالف الضوابط والقوانين التى وضعتها الدولة، ومن بينها مزاولة النشاط بدون موافقات رسمية.
أضاف أن تنظيم كيانات للمضاربات المالية داخل أسواق الذهب لا يعد ضامناً للأطراف المضاربة كما سيؤدى إلى انحرافات فى حالة التلاعب أو امتناع المضاربين عن السداد.
وأوضح مرزوق، أن القانون ينص على إثبات وتدوين ما يزيد على 500 جنيه فى المعاملات التجارية، كما يكن الإثبات عن طريق المكالمات الصوتية المسجلة بين الطرفين.
وقال أحمد عبدالعال مدير محلات مجوهرات «عبدالعال» بمحافظة كفر الشيخ، إن الاستثمارات الآمنة داخل السوق تتمثل فى شراء رصيد حقيقى من الذهب سواء سبائك أو جنيهات أو مشغولات، والتى يمكن للمتسهلك من خلالها تحقيق أرباح مناسبة أو ادخارها فى مواجهة الأزمات، لكن المضاربات على أرصدة وهمية تعد نوعا من القمار، المحرم شرعاً، كما أنها تظهر أضرارها مع التحركات العنيفة والكبيرة فى الأسعار.
أضاف أن هذه المضاربات تعتمد على رصيد وهمى للذهب، ولذا تسمى «بمضاربات الهوى»، إذ يلجأ اليها التجار أو الأفراد الذين لا يملكون رأسمال كبير، فيتوجهون للمضاربات طمعا فى المكسب السريع، لكن الحركات الكبيرة فى الأسعار تؤدى لخسائر غير متوقعة.
وقال جورج ميشيل، نقيب تجار الذهب، إن مضاربات الهوى تضر بالاقتصاد المصرى، إذ أنها تقتضى على رؤس الأموال داخل سوق الذهب، بدلاً من توجه التجار للاستثمار فى الصناعة والتجارة.
أضاف أن المضاربات أدت لخروج كثير من التجار خلال الفترة الماضية نتيجة الخسائر التى لحقت بهم واضطر بعضهم لبيع ممتلكاتهم لتسديد مديونيتهم من المضاربات.
وأوضح ميشيل، أن الآثار السلبية لمضاربات الهوى تنعكس على قطاع الذهب كله وليس الأفراد وحدهم، إذ يعتمد السوق على سلسلة مترابطة والإضرار بأحد حلقاتها يضر بالمجموع، فهؤلاء المضاربون لا يستطيعون الوفاء بالتزاماتهم ودفع المديونية لشركات الذهب، بالإضافة لزيادة حالات البطالة نتيجة خروج كيانات تجارية من السوق.
وأشار ميشيل إلى أن المضاربات تؤدى أيضا لنقص المعروض من المشغولات الذهبية بالأسواق، وقال إن السوق يجب أن ينظم نفسه ويتم إيقاف التعامل مع كل تاجر يثبت تورطه فى مضاربات الهوى.
أضاف أن السوق أصبح به سعرين «سعر هوى» و»سعر للتنفيذ»، ومن الوارد الإضرار بالسعر الأصلى للذهب بالسوق المحلى.
وأوضح أن قيام بعض المحلات مؤخراً بطرح تطبيقات على الموبيل لجذب المزيد من العملاء، والمضاربة على أرصدة وهمية، يضر بسمعة سوق الذهب، لأن الاستثمار الآمن يتمثل فى وجود رصيد حقيقى.