حتى قبل تفشى وباء «كوفيد19-»، كانت البنوك الهندية فى مأزق، فهى كانت تعانى من ارتفاع نسب القروض المعدومة إلى أعلى مستوياتها فى العالم، وكان لابد من إنقاذ خمسة مقرضين على الأقل من الانهيار منذ نهاية 2018، فى حين أن العديد منهم كان فى وضع حرج.
ويواجه القطاع المصرفى الهندى أحد أكبر اختباراته بالفعل، وهو الخروج سليما من الأزمة.
كان الإغلاق الصارم الذى تم فرضه لعدة أشهر اعتبارا من مارس 2020 مدمرا بالنسبة لأعمال المقترضين الكبار والصغار من الشركات.
وقد أدى هذا الأمر إلى انكماش اقتصادى تاريخي- توقعه صندوق النقد الدولى عند %10.3 للعام المنتهى فى مارس- والذى تفاقم بسبب ارتفاع حالات الإصابة بالوباء، لكن بينما ساعدت تدابير الإغاثة الحكومية الطارئة للمقترضين فى تخفيف الضربة المباشرة للبنوك، يتم الآن إلغاء هذا الدعم تدريجيا الآن.
وقال عدى كوتاك، الرئيس التنفيذى لبنك «كوتاك ماهيندرا» الهندى، الذى استفاد مثل معظم البنوك من الدعم: «هذا أشبه بكونك فى وسط عاصفة، فى وقت يأمل فيه المرء أن تصل معظم القوارب إلى الجانب الآخر من الشاطئ، لكن لا يمكنك أن تأخذ الأمر باعتباره أمرا مسلما به».
وأضاف كوتاك، أحد أغنى المصرفيين فى العالم بثروة صافية تزيد على 16 مليار دولار: «بالنسبة للاعبين فى القطاع المالى القادرين على الحصول على الوصول إلى الجانب الآخر، ستكون هناك أيضا فرصة كبيرة، خاصة فى ظل رفع عمليات الإغلاق الآن وانخفاض الإصابات».
وكان أمام المقترضين المتضررين من الوباء حتى نهاية 2020 لكى يتقدموا بطلب لإعادة هيكلة الديون مع البنوك من خلال مخطط لمرة واحدة مصمم لمنع الارتفاع الحاد فى حالات التعثر فى السداد، بحسب ما ذكرته صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية.
وتشير التدابير الأخرى، بما فى ذلك تأجيل سداد القروض السارية من مارس إلى أغسطس متبوعة بأمر من المحكمة العليا يوجه البنوك بعدم تصنيف القروض بأنها تعثر فى السداد، إلى أن حجم المشكلات لن يتضح إلا فى الأشهر القادمة.
وأقر البنك المركزى الهندى بأن إجراءات الإغاثة ربما تكون قد حجبت مدى الضرر، قائلا فى تقرير ديسمبر الماضى إن جودة أصول النظام المصرفى قد تتدهور بشكل حاد فى المستقبل.
ويهيمن على النظام المصرفى الهندى ما يزيد على عشرة بنوك مملوكة للدولة، تسيطر على نحو ثلثى الأصول، وهو إرث تأميم البنوك فى حقبة الاشتراكية فى عام 1969، لكن المنافسين من القطاع الخاص، مثل «كوتاك ماهيندرا» و»إتش.دى.إف.سى بانك»، حازوا على حصة منذ التسعينيات والعقد الأول من القرن الـ 21 مع تحرير الاقتصاد.
بالإضافة إلى ذلك، استطاعت أسماء أجنبية، مثل «سيتى بانك» و «إتش.إس.بى.سي» و «دويتشه بانك»، إنشاء فروعا محلية تركز على الأسواق المتخصصة، مثل الخدمات المصرفية للأثرياء والديون المتعثرة.
وأدت المشاكل المزمنة للديون المعدومة فى القطاع المصرفى إلى عديد من حالات الفشل الوشيك، فقد تدخل البنك المركزى الهندى فى مارس لإنقاذ «يس بانك» الخاص من الانهيار، ثم تدخل مرة أخرى فى نوفمبر للإشراف على عملية استحواذ بنك «دى.بى.إس» السنغافورى على بنك «لاكشمى فيلاس»، وهو بنك إقليمى ظهرت أزماته قبل الوباء وآثارت اهتزاز الأسواق.
ويشعر البعض بالقلق من أن القطاع المصرفى، الذى كان هشا بالفعل قبل الأزمة، سيثقل كاهل النظام المالى لأعوام مقبلة، فقد حذرت «كابيتال إيكونوميكس» من أن الحاجة إلى معالجة ارتفاع القروض المتعثرة ستستنزف الربحية وتقييد الإقراض، ومن ثم تقيد النمو فى ما كان أحد أسرع الاقتصادات نموا فى العالم.
ويأمل آخرون أن يحدث الوباء هزة كبيرة فى قطاع محتضر ومعرض لفضائح ظلت مخبأة لأعوام طويلة، بسبب العلاقة الوطيدة بين كبار رجال الأعمال والمديرين التنفيذيين فى البنوك والسياسيين، والتى تؤدى إلى توجيه رأس المال بشكل خاطئ إلى مشاريع الغرور باهظة الثمن وغالبا ما تفشل.