صافى التدفقات الرأسمالية سيتضاعف العام المالى الحالي
السياسات النقدية فى مصر مناسبة…والقطاع البنكى فى وضع صحي
توقعات بتراجع النمو إلى 2.3% العام المالى الحالي…واتساع عجز الحساب الجارى إلى 4% من الناتج المحلى
القطاع الخاص بحاجة لازالة العقبات التى تواجهه للوصول لنمو أعلى
قال معهد التمويل الدولي، إن الاقتصاد المصري تكيف جيدًا مع كوفيد-19، بدعم من الاستجابة بفاعلية فى الوقت المناسب من قطاع الصحة العامة، وتنفيذ حزمة من الاجراءات المالية والنقدية والتمويل الكافى من صندوق النقد الدولي.
أضاف أن التمويل من صندق النقد سمح للسلطات بتنفيذ سريع لحزمة الاستجابة الطارئة التى رفعت بشكل واضح الانفاق على الصحة والنفقات الاجتماعية الأخري، ودعمت القطاع الخاص.
وقال إنه رغم أن الاغلاق طان الاقل حزمًا مما طبقه الأقران، فقد سجلت مصر عدد اصابات ووفيات بكورونا أقل، رغم أن تلك النتائج عرضة لدرجة كبيرة من عدم اليقين، حيث تتباين جودة البيانات وعدد الاختبارات والشفافية.
مصر تفادت الانكماش
وقتل المعهد فى تقرير له أن مصر هى الدولة الوحيدة فى منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا التى تفادت الانكماش فى 2020، لكن مازالت هناك مؤشرات ذات دلالة مهمة متراجعة مثل مؤشر مديري المشتريات ومؤشر التصنيع والصناعات الاستخراجية.
وتوقع تراجع نمو الاقتصاد من 3.6% العام المالى الماضي إلى 2.4% العام المالى الحالي، وأن يكون النمو مدعوما بالسياسات المالية والنقدية المناسبة، والتقدم فى الإصلاحات قبل الجائحة.
زقال إن الإغلاق الجزئى والقيود الأخرى ربما يكون لها أثر اقتصادي اقل تحديدًا، خلال النصف الثانى من العام المالى الحالي، مع إيجاد المستهلكين والشركات طرق للتكيف والاستفادة من التطور الكبير فى التحول الرقمي والتكنولوجيا المالية.
لكنه أشار إلى أن تلك الرؤية المستقبلية تظل عرضة لعدم اليقين الاستثائي، مع الكثير من المخاطر حول السيناريو الأساسي تعتمد على تطور الجائحة والتقدم فى اللقاحات محليًا وعالميًا، فمازال هناك احتمالات أن السلاسل الجديدة من كورونا قد تحفز زيادة الاصابات مجددًا.
السياسة النقدية تظل مناسبة
زقال معهد التمويل الدول إن موقف السياسة النقدية مناسب، وربما هناك مجال لمزيد من التيسير النقدي بناء على غياب الضغوط التضخمية، واستمرار تماشيها مع مستهدفات البنك المركزي بين 5 و9% بنهاية الربع الرابع من 2022.
وأشار إلى نمو الائتمان المقدم للاقتصاد 21% بنهاية ديسمبر الماضي.
وضع صحى للقطاع البنكي
أضاف أن القطاع البنكى تم إعداده جيدًا لمواجهة صدمة كورونا، ويمتلك معدل كفاية للشريحة الأولى من رأس المال تصل إلى 17.7%، ومعدل القروض غير المنتظمة لإجمالى القروض سجل أقل من 4% فى الربع الثانى من 2020.
وتظل مخاطر التمويل منخفضة حيث أن البنوك تمتلك أقل معدلات لتوظيف الودائع فى القروض فى الاقتصادات الناشئة.
كما أن صافى الأصول الأجنبية للبنوك تعافت الشهور الماضية لتسجل 3.8 مليار دولار فى ديسمبر، ومع ذلك، هناك حاجة لاستمرار الرقابة النشطة أخذًا فى الاعتبار عدم اليقين حول تأثير الأزمة على جودة الأصول.
ورجح ارتفاع معدل القروض غير المنتظمة قليلًا هذا العام، نتيجة مزيد من التباطوء فى النشاط الاقتصادي على خلفية تعطل السياحة والخدمات الأخرى.
وقال إن مديونية الحكومة المرتفعة وعجز الموازنة الكبير أبرز التحديات، ورغم المساحة المالية المحدودة والدين العام المرتفع، وسعت السلطات برنامجها للحماية الاجتماعية، مع التركيز على معالجة حالة الطوارىء الصحية ودعم الفئات الأكثر ضعفًا عبر توسيع برنامج الدعم النقدى “تكافل وكرامة”، وتم تخفيض تعريف الكهرباء للقطاعين الصناعى والسياحي، وتأجيل الضرئب على الأرباح الرأسمالية لحين اشعار آخر.
وتوقع اتساع عجز الموازنة إلى 8.5%من الناتج المحلى الاجمالى العام المالى الحالي، بسبب النمو الأقل فى الايرادات الضريبية، وارتفاع الإنفاق.
وقال إن الميزان الأولى ربما يسجل فوائض لكن أقل من 1% من الناتج المحلى الاجمالي.
أضاف:”تفادى التوحيد المالى القوي لن يكون ممكنًا بمجرد أن تخف حدة أزمة كوفيد، للعودة إلى فوائض اولية لا تقل عن 2%، اللازمة لوضع الدين العام كنسبة للناتج المحلى الاجمالى على مسار الهبوط مجددًا”.
وتوقع ارتفاع الدين العام إلى 92% من الناتج المحلى الاجمالى بحلول يونيو المقبل”.
الصورة التمويل الخارجى تبرر الحذر
وقال المعهد إن صورة التمويل الخارجي تبرر الحذر، حيث اتسع عجز الحساب الجاري، إضافة إلى معدلات اهلاكات الدين المرتفعة خلال السنوات المقبلة.
أضاف أن إعادة هيكلة الدين قصير الأجل والتمويل من صندوق النقد الدولى خفف احتياجات مصر الدولي، ورفع احتياطياتها إلى 40 مليار دولار فى يناير الماضي مقابل 36 مليار دولار فى يونيو، تغطى 6.2 شهر من الوارادت.
لكن السياحة التى تمثل 10% من الناتج المحلى الاجمالي قبل الجائحة مصدر رئيسي لايرادات النقد الأجنبي، واحد من أكثر القطاعات التى تأثرت سلبًا فى الاقتصاد بسبب الجائحة، والانخفاض الحاد المتوقع فى ايرادات السياحية سيرفع عجز الحساب الجاري إلى 4% من الناتج المحلى الإجمالي العام المالي الحالي، وتفترض التقديرات، تراجع الايرادات السياحية إلى 1.1 مليار دولار النصف الأول من العام المالى الحالي، مع استمرار اضطرابات حركة السفر العالمية، واستبعاد تعافيها قبل 2023.
ورجح استقرار التحويلات من المصريين فى الخارج.
وقال إن استثمارات الاجانب فى سوق الدين المصري، تجذبها العوائد المرتفعة واستقرار سعر الصرف وبرنامج صندوق النقد الدولي، لذا توقع تضاعف صافى التدفقات الرأسمالية خلال العام المالى الحالي، مدعومة بتعافى حيازات الأجانب لأذون وسندات الخزانة. لكن الاستثمارات الأجنبية المباشرة ربما تستمر فى التراجع إلى 5 مليارات دولار وستظل مركزة فى قطاع الطاقة.
وذكر أن مرونة أكبر لسعر الصرف قد تساعد الاقتصاد المصرى على امتصاص أثر الصدمات الخارجية وتحسين تنافسيته مع قصر التدخل
وذكر أن مرونة أكبر لسعر الصرف قد تساعد الاقتصاد المصرى على امتصاص أثر الصدمات الخارجية وتحسين تنافسيته مع قصر التدخل عند أوضاع اختلال السوق.
مصر بحاجة للاصلاحات العميقة
وقال المعهد إنه للحصول على نمو أعلى ومستدام يتطلب التركيز على التحديات الهيكلية التى لم تشتبك معها مصر مثل البصمة الضخمة للدولة والجهات السيادية والتنظيم المفرط ونقص المنافسة وضعف الشفافية والمؤسسية.
أضاف أن تيسير مشاركة القطاع الخاص فى كافة القطاعات قد يخفف نقاط الدعم وعدم الكفاءة فى الاعتماد على عدد قليل من اللاعبين فى الاقتصاد، وبالخصوص يجب على السلطات أن تستهدف اعادة هيكلة خطة المشتريات العامة، وكسر الحلقة الحديدية للهيئات الهامة على الاقنصاد لتحسين مرونته ودعم النمو المحتمل، وايصال نتائجه لقطاع عريض من المصريين.
وقال إنه فى هذا السياق يجب فرض متطلبات الاقصاح للشركات العامة لتحسين الشفافية، ومراجعة قانون المنافسة لتحسين المنافسة ودعم التواجد العادل لجميع اصحاب المصلحة.
أوضح أن تلك الاصلاحات سترفع اجمالى معامل الانتاجية وتدعم قاعدة العمالة المؤهلة، اللازمة لتحقيق النمو.
وأشاد بالتطور فى مجال التحول الرقمي الذي قد يؤدى لتحسن التافسية وزيادة انتاجية العمالة ورأس المال.
أوضح أن الجائحة رفعت الطلب على التجارة الالكترونية، وأن مصر احرزت تقدما فى مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عبر ضخ استثمارات كبيرة فى اعادة بناء السعات وبرامج التدريب والخدمات الرقمية وتحديات البنية التحتية.
وتشمل رؤية مصر 2030 لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، نحول رقمي فى التعليم والصحة والخدمات الحكومية الأخري.
وقال إن انتقال المكاتب الحكومية إلى العاصمة الادارية التى تقع على بعد 50 كيلو متر من شرق القاهرة ،فى يويو المقبل، هدف طموح خاصة مع القيود التى تفرضها الجائحة.
عدم يقين كوفيد-19 يسود الموقف
وقال المعهد فى ختام تقريره إن المخاطر الضاغطة على الرؤية المستقبلية مبعثها عدم اليقين حول تعافى النمو العالمي ونجاح اللقاح وسرعته.
أضاف أن الزيادة الأخير فى الاصابات بما فى ذلك السلالات الجديدة وعودة الاغلاقات عالميًا قد تضغط بقوة على النشاط الاقتصادى فى مصر.