تتصاعد أصوات المتفائلين بشأن السندات، وهو ما يفرض سؤالا جديا على المستثمرين في الأسهم، وهو متى يتعين عليهم القلق بشأن ارتفاع أسعار الفائدة لأجل 10 سنوات؟
وتتحسن تقديرات النمو الاقتصادي العالمي وأرباح الشركات، مما يؤكد توقعات المستثمرين المتفائلة التي دفعت أسعار الأسهم والسلع إلى الارتفاع بحدة في الأشهر الماضية.
كما ارتفعت أسعار الفائدة العالمية لأجل 10 أعوام، في الولايات المتحدة واليابان والصين وأستراليا وأوروبا والمملكة المتحدة، ووصلت لأعلى مستوياتها منذ ما يقرب من عام.
ويعد ذلك جزءاً من عملية تبرير تقييمات الأسواق المالية الذي يأتي مع التعافي الاقتصادي، حتى عندما تنخفض عائدات السندات إلى مستويات منخفضة تاريخياً من خلال برامج الشراء الضخمة للبنوك المركزية.
ويقول مدير استراتيجية الاستثمار في مجموعة “ليوتهولد”، جيمس بولسن: “ترتفع عائدات السندات من مستويات منخفضة بشكل استثنائي، ما يشير إلى ازدياد ثقة القطاع الخاص وآفاق النمو الاقتصادي ونمو الأرباح الأكثر صحة”.
وبالتأكيد، يعد تحسن آفاق التعافي، النتيجة المرجوة بعد الوباء.
ومع ذلك، فإن فطام الاقتصاد والأسواق، عن أسعار الفائدة المنخفضة بشكل مصطنع، سيكون صعبا.
وتساعد أسواق السندات العالمية على تحديد تكاليف الاقتراض لأصحاب المنازل والشركات حتى يتمكنوا من لعب دور مهم في المساعدة على تعزيز الانتعاش الاقتصادي، وهذا يفسر سبب استهداف البنوك المركزية لإبقاء أسعار الفائدة الحكومية لأجل 10 سنوات، منخفضة.
ومع ذلك، تشجع أسعار الفائدة المنخفضة، المستثمرين على شراء الأسهم وسندات الشركات لأنهم ينظرون إليها على أنها بدائل أفضل من العائدات المتواضعة من امتلاك الديون الحكومية.
وخلال الـ11 شهراً الماضية، ارتفعت قيمة أسعار الأسهم العالمية بحوالي 70%، وو ما أرسل مؤشر “إم إس سي آي أول وورلد” لمنطقة قياسية جديدة، وبعض أجزاء سوق الأسهم، بما في ذلك أسهم الشركات الصغيرة وشركات التكنولوجيا والطاقة النظيفة تمتعت بمكاسب كبيرة منذ تراجعهم في مارس الماضي.
ومن هنا جاءت المخاوف من أن مزيدا من الارتفاع في أسعار الفائدة لأجل 10 سنوات بجانب صعود أسعار البترول، قد يتسببان في هبوط الأسهم. ومع ذلك، فإن حركات التصحيح جزء لا يتجزأ من الأسواق الصاعدة.
وبدلاً من إلقاء اللوم على سوق السندات أو توقع أن تعزز البنوك المركزية دعمها، يتعين على المستثمرين في الأسهم الاستفادة من أي هبوط والبقاء في سوق الأسهم لفترة أطول.
ويتمثل السيناريو المعتاد للانتعاش الاقتصادي- كما حدث في عامي 2003 و2009 – في أنه في المراحل الأولى من الانتعاش، تعوض أرباح الشركات المرتفعة الزيادة في أسعار الفائدة.
وبالفعل، من المتوقع حدوث زيادة كبيرة في أرباح الشركات هذا العام، ويشير “سوسيتيه جنرال” إلى الإجماع على زيادة متوقعة في الأرباح بنسبة 30% العام الجاري للشركات المدرجة في مؤشر “إم إس سي آي” العالمي، و40% للأسواق الناشئة.
ولا تزال المعنويات مرتفعة للغاية، وأبرز الاستطلاع الشهري الأخير لمديري الصناديق العالمية من قبل بنك “أوف أمريكا” الأسبوع الحالي، أن مستويات السيولة في المحافظ يتم تخفيضها إلى أدنى مستوى لها منذ 8 سنوات، وفي نفس الوقت، يعد التعرض للأسهم والسلع في أعلى مستوياته منذ عام 2011.
وتعكس الحماسة في السوق احتمالية استعادة النشاط الاقتصادي بفضل اللقاحات، وقد يشمل ذلك الدفعة غير المتوقعة من استعادة الوظائف المفقودة في قطاع الخدمات بسرعة إلى حد ما.
ويمكن أن تصبح الأمور مثيرة للاهتمام حقا بالنسبة لعلاقة أسواق السندات والأسهم، إذا انتعش الاقتصاد بقوة كبيرة لدرجة جعلت من الصعب على الاحتياطي الفيدرالي الحفاظ على أسعار الفائدة لأجل 10 سنوات عند مستويات منخفضة تاريخياً.
ويبدو أن توقعات زيادة سعر الفائدة القياسي في الولايات المتحدة لأجل 10 سنوات من حوالي 1.3% حالياً لها ما يبررها، بعد أن أجمع الاقتصاديون على إمكانية نمو الاقتصاد الأمريكي العام الحالي بنسبة 4.8% من 3.9% في يناير، وفقًا لوكالة أنباء “بلومبرج”.
ولكن حتى هذه التقديرات قد يكون منخفضة نظرا للمحفزات الإضافية البالغة 1.9 تريليون دولار والتي تدفعها حاليًا إدارة بايدن.
ويقول كبير الاستراتيجيين العالميين في “جي بي مورجان” لإدارة الأصول، ديفيد كيلي : “أسعار الفائدة طويلة الأجل في الولايات المتحدة ليست في محلها الصحيح، وبحلول نهاية العام الحالي سيكون هناك انتعاش عالمي متزامن وعجز كبير في الموازنة يحتاج للتمويل”.
ومن وجهة نظره، فإن ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية لأجل 10 أعوام لما يقرب من 3% أمر منطقي بالنظر إلى التوسع المتوقع للاقتصاد والعودة المحتملة لمعدل تضخم بنسبة 2%، وحتى يتم الوصول إلى هذه المرحلة، يعتقد بولسن من “ليوتهولد” أنه يجب على المستثمرين الانتباه إلى النمط التاريخي لأداء سوق الأسهم مقابل أسعار الفائدة لأجل 10 أعوام منذ عام 1900.
ويقول: “عندما كانت عائدات السندات دون 3%، كما هي اليوم، انتعشت الأسهم في الوقت الذي ارتفعت فيه العائدات”، وبدلا من الخوف من سوق السندات، يمكن أن يتمتع المستثمرون في الأسهم بمزيد من الارتفاع مع الاقتصاد الأقوى الذي يعزز أرباح الشركات، وأيضا بالتأكيد يقود إلى أسعار فائدة أعلى.
فهذا ما يطلق عليه تعافي.
بقلم: مايكل ماكينزي، محرر الأسواق الرأسمالية لدى صحيفة “فاينانشيال تايمز”.
المصدر: صحيفة “فاينانشيال تايمز”.