تبحث حكومة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، بعمق، فى أدواتها السياسية لإيجاد طرق لإعادة الاقتصاد إلى الحياة الطبيعية والوفاء بتعهد الرئيس بدعم الشركات والعمال، مهما كانت التكلفة.
ومن المقرر أن تساهم خطة يجرى إعدادها فى باريس، فى نشر ضمانات حكومية لدعم 20 مليار يورو «أى 24 مليار دولار» من القروض التشاركية المزعومة، بحسب ما ذكرته مجلة «بلومبرج بيزنس ويك» التابعة لوكالة أنباء «بلومبرج».
وستوفر هذه الأدوات، التى تم تصورها فى فرنسا خلال السبعينيات ولكنها لم تستخدم على هذا النطاق الواسع، للمستثمرين مزيجا من الأسهم والديون.
فهى تشبه حقوق الملكية من حيث الخضوع لجميع الديون الأخرى وغالبا ما تأتى مع حصة من الأرباح، لكنها مثل القروض لديها معدلات فائدة ثابتة ولا تمنح الدائن أى حقوق تصويت.
ويريد وزير المالية الفرنسى، برونو لو مير، أن تكون مدة القروض 8 أعوام على الأقل وعقدا من زمن لبعض المشاريع، مع بدء السداد بعد أربعة أعوام، كما أن المسؤولين يتوقعون الإعلان عن التفاصيل النهائية لهذه الخطة فى الأسبوع الأول من مارس.
وقد اتصلت العديد من دول الاتحاد الأوروبى بوزارة الخزانة الفرنسية لمعرفة المزيد عن الخطة، كما أن المفوضية الأوروبية، التى نظرت فى طرح أداة دعم الملاءة المالية خلال مفاوضات صندوق التعافى الصيف الماضى، مهتمة أيضا بالأمر، حسبما قالت مسئولة فرنسية لم يُكشف عن هويتها لأنها غير مخولة بالحديث عن المداولات.
وتدرس إسبانيا اقتراحا مماثلا أيضا.
كما تدرس وزارة المالية الفرنسية تخفيف الشروط على ما يصل إلى 132 مليار يورو من القروض الحالية المضمونة من قبل الدولة، قائلة إنها قد تفكر حتى فى تحويل بعض القروض إلى منح.
وذكرت المجلة الأمريكية، أن مثل هذه الجهود تستجيب للمخاوف المتعلقة باقتراب الشركات من حافة الهاوية، موضحة أن الضغط المفروض على الحكومات يتزايد لاستبدال الدعم العشوائى للشركات بتدابير أكثر استهدافا، وذلك فى ظل ارتفاع مستوى توافر اللقاحات المضادة للوباء وبالتالى بدء انحسار الوباء.
مع ذلك، حذرت مؤسسات، مثل البنك المركزى الأوروبى وصندوق النقد الدولى، مرارا وتكرارا من أن إنهاء المساعدة فى وقت قريب جدا سيعيق الانتعاش، وهذا يشكل مصدر قلق حقيقى فى فرنسا، حيث ارتفعت ديون الشركات بشكل أسرع مما كانت عليه فى الاقتصادات الأوروبية الأخرى خلال الأزمة.
ويمكن أن يؤدى الانسحاب الشديد السرعة للدعم الحكومى إلى موجة من التخلف عن السداد، وبالتالى ارتفاع أعداد العاطلين عن العمل وربما تفشى البنوك الضعيفة، ويمكن أن تصبح تلك الشركات التى تمكنت من البقاء مثقلة بالديون للاستثمار والنمو.
وتذهب الجهود الفرنسية إلى حد ما نحو التغلب على تلك المخاطر، لكن دعم الشركات التى كان مصيرها الفشل بالفعل فى عالم ما بعد الوباء يهدد بتحويل الموارد بعيدا عن المتلقين الأكثر إنتاجية، كما أنها تقزم الإمكانات الاقتصادية وتعتبر إهدارا للمال العام.
يقدر البنك المركزى الفرنسى أن ما يصل إلى %6 من القروض التى تضمنها الدولة قد تتحول إلى قروض معدومة.
وأظهر استطلاع حديث للرأى أجرته مؤسسة «سى بى إم إى» الصناعية التى تمثل الشركات الصغيرة والمتوسطة، أن %45 من الشركات التى حصلت على نوعا ما من القروض قد لا تكون قادرة على سداد تلك الأموال.
وجدير بالذكر أن الخطة الجديدة ستجعل المقرضين من القطاع الخاص يقدمون القروض للشركات، فى حين أن البنوك ستحتفظ بجزء صغير من كل قرض فى دفاترها وستحول بقية الأموال إلى صندوق مخصص يموله مستثمرون مؤسسيون ومدعوم بضمان من الدولة بنسبة تصل إلى %35.