الاحتياطى الفيدرالى فى أتلاتنا يتوقع نموا بنسبة 10% الربع الأول من 2021
التوظيف نقطة الضعف الرئيسية رغم ظهور بعض الإشارات المشجعة
عاد الاقتصاد الأمريكى إلى الحياة مرة أخرى فى عام 2021، حيث من المقرر أن يتحدى النمو فى الربع الأول أكثر التوقعات تفاؤلا مع اقتراب محفزات نقدية أخرى.
وأظهرت بيانات حديثة أن قطاع التصنيع وصل إلى أعلى مستوى نمو له منذ أغسطس 2018، وبالتالى ساعدت هذه البيانات الصادرة من معهد إدارة التوريد على تأكيد الفكرة الشائعة بين الاقتصاديين والتى تفيد بأن الإنتاج الذى يبدأ به العام أفضل بكثير من النمو المنخفض المكون من رقم واحد الذى كان يتوقعه الكثيرون فى أواخر عام 2020.
ويشير الاحتياطى الفيدرالى فى أتلانتا، الذى يتتبع البيانات فى الوقت الفعلى لتقدير التغيرات فى الناتج المحلى الإجمالى، إلى نمو بنسبة 10% للأشهر الثلاثة الأولى من العام الجارى.
وبشكل عام، تعتبر أداة «GDPNow»، التى يستخدمها الفيدرالى لمعرفة البيانات الاقتصادية، متقلبة فى بداية الربع السنوى ثم تصبح أكثر دقة مع تدفق البيانات على مدار الربع.
ويأتى ذلك فى أعقاب تقرير صدر يوم الجمعة يظهر خلاله ارتفاع الدخل الشخصى بنسبة 10% فى يناير، ويرجع الفضل فى ذلك بشكل كبير إلى شيكات التحفيز الحكومية البالغ قيمتها 600 دولار، كما ارتفعت ثروة الأسر بنحو 2 تريليون دولار فى الشهر، بينما ارتفع الإنفاق بنسبة 2.4% فقط أو ما يعادل 340.9 مليار دولار.
وتشير هذه الأرقام، بجانب نحو 4 تريليونات دولار من المدخرات، إلى اقتصاد لا ينمو بقوة فحسب، بل أيضا اقتصاد على استعداد لمواصلة هذا المسار على مدار العام، بحسب ما نقلته شبكة «سى إن بى سى» الإخبارية الأمريكية.
وكتب إد ياردينى، رئيس شركة «ياردينى ريسيرش»، فى مذكرته اليومية: «انتعاش الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى على شكل حرف V سيظل على شكل حرف V خلال النصف الأول من العام الحالى وربما حتى نهاية العام».
وأضاف ياردينى: «ومع ذلك، لن يكون النمو بمثابة تعافى بعد الربع الأول لأن الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى سيتعافى بالكامل خلال الربع السنوى الحالى، وبعد ذلك سيكون الناتج المحلى الإجمالى فى حالة توسع بشكل قياسى».
ولم يكن الاقتصاديون يتوقعون فى السابق أن يستعيد الاقتصاد الأمريكى البالغ قيمته 21.5 تريليون دولار خسائره المرتبطة بوباء «كورونا» حتى الربع الثانى أو الثالث من العام الجارى على الأقل، إن لم يكن بعد ذلك، لكن المزيج المكون من المرونة المنهجية بجانب جرعات التحفيز المالى والنقدى غير المتوقعة ساعد فى تسريع الانتعاش إلى حد كبير.
وقال جون ويليامز، رئيس الاحتياطى الفيدرالى فى نيويورك، فى خطاب ألقاه الأسبوع الماضى: «يمكن أن يكون نمو الناتج المحلى الإجمالى لهذا العام هو الأقوى منذ عقود زمنية، فى ظل الدعم المالى القوى الذى قدمه الفيدرالى والتقدم المستمر فى التطعيم ضد كورونا».
وفى الواقع، لا تزال الأسئلة مطروحة حول ما إذا كانت خطة الإنفاق البالغة 1.9 تريليون دولار المقدمة من إدارة الرئيس جو بايدن ضرورية، على الأقل بحجمها المعروض.
ولا يبدو الاقتصاد الذى يستعد لإظهار أسرع وتيرة نمو سنوى له منذ عام 1984 على الأقل مرشحا جيدا للغاية لمزيد من الإنفاق فى وقت يُتوقع فيه بالفعل أن تواجه الحكومة الفيدرالية عجزا فى الموازنة بقيمة 2.3 تريليون دولار هذا العام.
أوجه الضعف الرئيسية
من المؤكد أن أوجه الضعف لا تزال قائمة فى الاقتصاد، الأهم من بينها هو الفجوة فى التوظيف، خاصة فى قطاع الخدمات.
واعتبارا من يناير 2021، كان هناك 8.6 مليون عامل أقل مما كان عليه قبل عام، قبل أن يبدأ الوباء فى تهديد الولايات المتحدة، فقد غادر حوالى 4.3 مليون أمريكى قوى العمل فى ذلك الوقت، بحسب مكتب إحصاءات العمل.
وبرغم انخفاض معدل البطالة الرئيسى من %14.8 إلى 6.3%، إلا أن معدل التوظيف فى قطاع الضيافة انخفض أيضا بأكثر من 3.8 مليون موف مقارنة بالعام الماضى، كما أن معدل البطالة فى الصناعة عالق عند 15.9% بشكل كامل.
وجدير بالذكر أن الاقتصاد يعتمد على الطلب المكبوت الذى ستجلبه اللقاحات وانخفاض أعداد الإصابات بالوباء لدفع نمو الوظائف، ومن المتوقع أن تظهر الوظائف غير الزراعية لشهر فبراير مكاسب قدرها 210 ألف عند الإعلان عن أرقامها يوم الجمعة.
تساؤلات حول الطلب
وقال جوزيف بروسولاس، كبير الاقتصاديين فى «آر سى إم»: «سترى معدلات النمو فى منتصف العام على الأرجح قريبة من 9%، فهذا هو مدى قوة إعادة فتح الاقتصاد الأمريكى فى مواجهة إطلاق قطاع الأسر سراح الطلب المكبوت».
وأضاف بروسولاس: «لا أتوقع أن يقوم الجميع بالتخلص من الطلب المكبوت هذا العام، ولكنى أتوقع أن يستغرق الأمر حوالى عامين للقيام بذلك، لأن الأسر ستكون حذرة إلى حد ما بشأن إنفاق الأموال».
وفى الواقع، فإن المدى الذى سيصل إليه الأمريكيون فى الدول، التى يُفرض فيها إجراءات الإغلاق، خارج منازلهم عندما يتم رفع القيود هو موضوع نقاش.
وقالت ليز آن سوندرز، كبيرة محللى الاستثمار فى «تشارلز شواب»، إن الإنفاق على جزء الخدمات من الاقتصاد هو مجرد أمرا مختلفا عن الإنفاق على السلع التى انتعشت خلال الوباء.
ومع ذلك، مع استمرار البيانات الاقتصادية فى تحدى تقديرات وول ستريت- إلى حد غير مرئى فى أوقات ما قبل الوباء- تتزايد التوقعات بأن المخاطر على النمو تتخذ اتجاه صعودى بشكل واضح.
وقالت ميشيل ماير، الخبيرة الاقتصادية الأمريكية فى «بنك أوف أمريكا جلوبال ريسيرش»، إن المستهلكين أظهروا مرونة هائلة خلال الأزمة وينبغى أن تستمر حتى عام 2021، خاصة فى ظل مزيد من حزم التحفيز المنتظرة، لكن هناك عامل هام هو تجاوز الوباء، مضيفة: «كل شئ على قدم المساواة، والاقتصاد على أساس قوى جدا».