290 مليون دولار تدفقات خارجة يومياً الأسبوع الماضى
امتدت المخاوف من ارتفاع عائدات السندات الأمريكية إلى الأسواق الناشئة، ما دفع المستثمرين إلى سحب أموالهم المستثمرة في الأسهم والسندات، وبالتالي وضع نهاية مفاجئة للتدفقات التي دامت لأشهر طويلة.
ويُظهر متتبع يومي للتدفقات عبر الحدود، الذي أعده معهد التمويل الدولي، أن الاستثمار الأجنبي تحول إلى سلبي في أسهم الأسواق الناشئة نهاية الأسبوع الماضي، ثم في الديون هذا الأسبوع، ما أدى إلى ارتفاع إجمالي التدفقات اليومية الخارجة لأول مرة منذ أكتوبر.
ويأتي هذا التحول في الوقت الذي أدى فيه الارتفاع الحاد في تكاليف الاقتراض الأمريكية، التي انتشرت إلى العديد من الأسواق المتقدمة الكبيرة الأخرى، إلى إعادة المخاوف من “نوبة الغضب” التي نشبت في عام 2013، عندما أشير إلى أن الاحتياطي الفيدرالي كان يفكر في سحب المحفزات، ما أثار الذعر في أسواق أصول الأسواق الناشئة.
وقال روبن بروكس، كبير الاقتصاديين في معهد التمويل الدولي، إن التدفقات تحولت إلى سلبية وهذه مفاجأة حقاً، فقد كانت الأسواق الناشئة لا تزال في بداية الانتعاش المسجل بعد كارثة عام 2020″.
وأضاف بروكس: “شهر العسل الذي بدأ بعد تصدر اللقاحات عناوين الأخبار في نوفمبر انتهى للأسف، نحن نشهد الآن تكرار نوبة غضب عام 2013”.
وذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، أن المتعقب الخاص بمعهد التمويل الدولي يستخدم البيانات اليومية المتاحة للأصول في 30 اقتصاداً ناشئاً.
وأظهر المتعقب تدفقات إجمالية قدرها 20 مليار دولار في يناير، مقارنة بأكثر من 50 مليار دولار في سلسلة شهرية أكثر شمولاً لمعهد التمويل الدولي ولكنها أقل توقيتاً.
وخلال الأسبوع الماضي، سجل المتتبع تدفقات يومية خارجة بلغت 290 مليون دولار تقريباً، مقارنة بالتدفقات اليومية التي بلغت 325 مليون دولار تقريباً في فبراير.
وعادة ما تقدم أصول الأسواق الناشئة عوائد أعلى من نظيراتها في الأسواق المتقدمة للتعويض عن المخاطر المتصورة الأكبر للاحتفاظ بها، فعندما ترتفع عوائد الأصول في الأسواق المتقدمة، فإن ذلك يضعف جاذبيتها.
وأضاف بروكس: “ما يتغير حرفياً ونحن نتحدث الآن هو هروب العديد من المستثمرين، فإذا كانت أسعار الفائدة الأمريكية بحاجة للارتفاع، فإن الأسواق الناشئة ستكون في خطر”.
وأفاد أيضاً: “قبل عشرة أيام، كان الناس يعتقدون أن الحديث عن ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية سيكون مجرد جزء ضئيل بالنسبة للأسواق الناشئة ولكن البندول قد تأرجح للتو”.
وردد بول ماكيل، الرئيس العالمي لأبحاث العملات في “إتش إس بي سي”، هذا الرأي يوم الجمعة، فقد كتب للعملاء: “كنا نخشى حدوث نوبة غضب بالنسبة لعملات الأسواق الناشئة، كما أن التحركات الدراماتيكية في سندات الخزانة الأمريكية تتسبب بالتأكيد في تداعيات سلبية، خاصة بالنسبة للعملات ذات العوائد المرتفعة”.
ومع ذلك، أضاف ماكيل أن الأرصدة الخارجية والديون للعديد من الاقتصادات الناشئة كانت في حالة أفضل اليوم مما كانت عليه في عام 2013، ولكن هذا لا يعني أن الأسواق الناشئة محصنة تماماً الآن، لكنها تساعد في تفسير سبب عدم ارتفاع ضغوط انخفاض قيمة العملة”.
وقال أندرياس كولبي، رئيس أبحاث ائتمان الأسواق الناشئة لدى بنك “باركليز”، إن المعنويات تجاه مخاطر الأسواق الناشئة بشكل عام لا تزال جيدة، وهو ما ينعكس من خلال استمرار صناديق الأسهم في الأسواق الناشئة في جذب التدفقات، لكن المستثمرين أصبحوا أكثر إدراكاً للأصول التي يجب استهدافها.
وأوضح، في مذكرة لعملاء البنك البريطاني صدرت مؤخراً: “نعتقد أن المخاطر تميل إلى مزيد من التدفقات الخارجة خلال الفترات المقبلة”.
وردد محللو “بنك أوف أمريكا” هذا الشعور، قائلين: “نحن لا نزال حذرين بشأن الأسواق الناشئة حيث نتوقع أن يظل التقلب في أسعار الفائدة الأمريكية مرتفعاً لحين وضع الاحتياطي الفيدرالي بعض الإرشادات”.
ويتوقع بروكس، من معهد التمويل الدولي، أن يواصل المستثمرون سحب الأموال من أسهم وسندات الأسواق الناشئة في الأسابيع المقبلة، إذا لم يركز الاحتياطي الفيدرالي على تثبيت أسعار الفائدة طويلة الأجل.
وقال إن التعليقات الأخيرة لأعضاء لجنة تحديد سعر الفائدة بالفيدرالي، والتي تشير إلى أن ارتفاع التضخم كان نتيجة طبيعية للانتعاش من ركود العام الماضي، لم تكن مفيدة، موضحاً أن الفيدرالي بحاجة لتركيز انتباهه بعيداً عن الأهداف قصيرة المدى ومتوسطة المدى، حيث تظل قصة النمو غامضة.
ولطالما حذر المحللون من أن ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية الممزوج بانخفاض برامج شراء السندات من قبل الاحتياطي الفيدرالي والبنوك المركزية الأخرى، التي غذت ارتفاع الأسعار في الأسواق المالية العالمية، من شأنه أن يشكل خطراً على أصول الأسواق الناشئة.
ويقول المحللون إن عامل الدفع للعائدات المنخفضة في الاقتصادات المتقدمة وعامل الجذب لارتفاع العملة المحتمل في الأسواق الناشئة يمكن أن ينعكس.
وقال بروكس إن- مع استثناءات قليلة- عملات الأسواق الناشئة مقابل الدولار الأمريكي ارتفعت بالفعل، لتسعير التعزيز المتوقع لاقتصاداتها مع انحسار الوباء.