واردات القارة من المملكة المتحدة لا تتجاوز 1% من الإجمالى
يجب أن تكون أمريكا اللاتينية بمثابة فرصة ذهبية بالنسبة للأعمال التجارية البريطانية، بعد الخروج من الاتحاد الأوروبى، فقد اشترت أمريكا اللاتينية، ذات مرة، ثلث وارداتها من المملكة المتحدة.
كما شيدت الشركات البريطانية، السكك الحديدية فى جميع أنحاء القارة لتبيع الملابس لمواطنيها الأكثر ثراء، والآلات لمصانعها وموانئها، لكن هذا كان فى عام 1870 ومن ثم أصبحت الـ 150 عاما التالية قصة تدهور لا هوادة فيه.
وبحلول عام 2018، شكلت المملكة المتحدة، نسبة تقل عن %1 من واردات أمريكا اللاتينية.
وتتنافس المنطقة، مع منطقة أفريقيا جنوب الصحراء التى تعتبر أقل أهمية بالنسبة لتجارة المملكة المتحدة على مستوى العالم.
وتعتبر هذه النسبة رقما قياسيا منخفضا يصر الدبلوماسى والمفوض التجارى البريطانى المعين حديثا لشئون أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبى، جوناثان نوت، على تغييره فى الفترة المقبلة.
وقال نوت، فى مقابلة أجراها مع صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية: «الفرصة هى تغيير التواصل مع الشركات البريطانية بشكل كبير، لأننا فى الوقت الحالى لا نقدم أفضل ما عندنا».
وتعتبر العقبات هائلة، إذ عانت الأرجنتين، التى كانت ذات يوم أكبر شريك تجارى لبريطانيا فى المنطقة، من تدهور اقتصادى قاسى، كما أن النزاع المستمر حول جزر فوكلاند لايزال يشكل مصدر إزعاج.
وفى الوقت نفسه، تتمتع المكسيك بتجارة تفضيلية مع شركائها فى أمريكا الشمالية.
أما فى البرازيل، وهى أكبر سوق، فلا يوجد تاريخ قوى للعلاقات التجارية يمكن الاعتماد عليه.
وذكرت الصحيفة البريطانية، أن أحد أولويات نوت، تدور حول تحسين الاتفاقيات التجارية مع المنطقة.
فقد حافظت صفقات الاستمرارية على الوصول الحالى للشركات البريطانية، لكن المفوض التجارى الجديد يتطلع إلى الاتفاقية الشاملة والتقدمية للشراكة عبر المحيط الهادئ كخطوة رئيسية قادمة.
وتجمع «اتفاقية التجارة الحرة الضخمة» فى المحيط الهادئ بين أستراليا وكندا واليابان وماليزيا ونيوزيلندا وسنغافورة وبروناى وفيتنام، وتضم أيضا تشيلى والمكسيك وبيرو.
كما قدمت المملكة المتحدة طلبا رسميا للانضمام إلى تلك الاتفاقية فى بداية فبراير، ومن المتوقع إجراء محادثات فى نهاية عام 2021.
وقال نوت: «فى ظل وجود الاتفاقية الشاملة والتقدمية للشراكة عبر المحيط الهادئ، يمكن لشركاتنا التجارة هناك وبين تلك الدول بسهولة أكبر بكثير».
وفى غضون ذلك، يعمل فريق الدبلوماسى نوت على تفكيك الحواجز غير الجمركية التى تعيق المصدرين البريطانيين وتحسين الوصول إلى تمويل الصادرات، مع العلم أنه تمت إزالة 28 حاجزا غير جمركى العام الماضى.
وأوضحت «فاينانشيال تايمز»، أن ثمة فرص متاحة للشركات البريطانية، من بينها التكنولوجيا الخضراء والتكنولوجيا الزراعية والتكنولوجيا التعليمية وعلوم الحياة والرعاية الصحية، فضلا عن المجالات التقليدية مثل البترول والغاز والتعدين والدفاع، لكن الشركات بحاجة أولا للتغلب على عقود من الإهمال.
وقال أحد المبعوثين البارزين من المنطقة: «بعد الحرب العالمية الثانية، نأت المملكة المتحدة بنفسها عن أمريكا اللاتينية، ولم يكن لديها الموارد أو الاهتمام الاستراتيجى اللازم للحفاظ على وجود كبير أو أقل بكثير للتنافس مع الولايات المتحدة».
وباعتباره وزيرا للخارجية من عام 2010 وحتى عام 2015، أطلق ويليام هيج مبادرة فى عام 2010 لتعزيز الدبلوماسية والتجارة والاستثمار مع أمريكا اللاتينية، والتى تضمنت سفارات جديدة وتعيين مفوض تجارى وتعزيز الزيارات التجارية.
ومع ذلك، أظهر تقرير صادر عن مركز الأبحاث «كاننينج هاوس» (Canning House) أن النتائج كانت سيئة فيما يتعلق بصادرات المملكة المتحدة إلى المنطقة، وذلك بعد 10 أعوام من تطبيق مبادرة هيج.
ويشكو المسئولون فى أمريكا اللاتينية من أن الشركات البريطانية تحجم عن الاستثمار فى علاقة طويلة الأمد مع بلدانهم، بل إنهم يفضلون أسواق مألوفة بشكل أكثر فى الولايات المتحدة أو أوروبا أو آسيا.
وقال أحد المبعوثين: «الفرنسيون والإسبان كانوا أكثر نشاطا بكثير وأقاموا علاقات أفضل وهم أكثر استعدادا لقضاء أعوام هنا فى أمريكا اللاتينية دون بيع لكن لتعزيز وجودهم فقط»، وثمة عقبة أخرى وهى القدرة المحدودة للمفاوضين التجاريين البريطانيين.
وأشارت «فاينانشيال تايمز» إلى أن المملكة المتحدة تضع عقد اتفاقية تجارية مع كتلة «ميركوسور» لدول أمريكا الجنوبية، التى تضم البرازيل والأرجنتين، ضمن أولوياتها الواضحة.
وأوضحت أن دول أمريكا اللاتينية التى تفاوضت على الانتقال إلى صفقات الاتحاد الأوروبى الحالية مع المملكة المتحدة، تشكو من أن المسئولين التجاريين فى لندن ليس لديهم الوقت الكافى لتحديث تلك الصفقات، فهم مشغولون للغاية لتوطيد علاقاتهم التجارية مع مناطق أخرى، ومع ذلك، لايزال «نوت» متفائلا.
فقد قال عن أمريكا اللاتينية: «إنها بالضبط نوع الفرصة التى يجب أن تكون بريطانيا قادرة على استغلالها، فهذه هى الطريقة التى يمكن أن تستمر بها التجارة البريطانية فى النمو».