492 مليار رنمينبى قيمة القروض المقدمة من منصات ائتمان النظير بنهاية 2019
مثل العديد من الشركات الصغيرة في جميع أنحاء الصين، كافحت شركة الشحن التابعة لتشنغ ويجون، للحصول على ائتمان من النظام المصرفي الذي تهيمن عليه الدولة، لكن في عام 2018، اكتشفت الشركة المكونة من 12 شاحنة، منصة إقراض “نظير لنظير” تدعى فينسيرا (Fincera).
وتعمل منصة “فينسيرا” على جمع الأموال من مستثمري التجزئة المتشوقين للعائدات،ويوجهونها إلى المقترضين، خصوصا شركات النقل بالشاحنات الصغيرة والخدمات اللوجستية.
ويقول تشنغ: “تأهلنا للحصول على قرض بقيمة 200 ألف رنمينبي واستخدمناه لتوسيع أعمالنا. نحن لا نستطيع الاستفادة من النظام المالي التقليدي”، مضيفا أن فينسيرا فرضت على شركته فائدة سنوية نسبتها 9%.
ومع ذلك، بعد عام واحد فقط، جف الائتمان بعد أن اتهمت شرطة إقيلم هيبي شمال الصين، “فينسيرا” بجمع الأموال بشكل غير قانوني، وهو أمر نفته الشركة.
ويشكو تشنغ، من أن الحكومة أغلقت المنصة ولا تقدم أي بديل، كما أن طلبات القروض التي قدمتها شركته مؤخرا رُفضت من البنوك الحكومية، مضيفا: “كيف يمكننا الحكم على منصة نظير لنظير بأنها جيدة أم سيئة؟ نحن نهتم فقط بأن فينسيرا كانت مستعدة لتقديم قروض لنا”.
وذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، أن “فينسيرا” وعملائها ومستثمروها مجرد أضرار جانبية لحملة واسعة النطاق شنها الرئيس الصيني شي جين بينغ، ونائب رئيس الوزراء ليو هي، على المخاطر المالية خلال الأعوام الخمسة الماضية.
وفي وقت تتعهد فيه الولايات المتحدة بأن تصبح كبيرة مع خروج اقتصادها من الأزمة الوبائية، يركز قادة الصين على تهديد المخاطر المفرطة في النظام المالي.
وركزت الحملة في البداية على منصات “نظير لنظير” والمكونات الأخرى لقطاع الظل المصرفي في الصين، مثل الأنشطة الواقعة خارج الميزانية العمومية التي استخدمتها المؤسسات المالية لتوجيه الائتمان إلى المقترضين، خاصة في القطاع الخاص الذين وجد صعوبة في الاقتراض مباشرة من البنوك، ومنذ ذلك الحين تم تمديد الحملة لتشمل التمويل والممتلكات عبر الإنترنت.
ويحذر بعض المحللين، من أن شي وليو يخاطران بإمكانية خنق المجالات المبتكرة للنشاط المالي وفي النهاية النمو الاقتصادي، وذلك من خلال الحد من التجاوزات الائتمانية في العقد الماضي.
وتجاوز متوسط الزيادة السنوية في حالات إفلاس الشركات الصينية، حاجز الـ 30% بين عامي 2016 إلى 2019.
ويجادل تشو نينغ، نائب عميد معهد شنغهاي المتقدم للتمويل، بأن هذا النهج ضروري لتخليص الناس من فكرة إمكانية إنقاذ الحكومة الجميع من المستثمرين الأفراد إلى البنوك الكبرى ومصدري السندات عندما تنحرف رهاناتهم.
ويقول نينغ: “محاولة تقليص المديونية وتخليص النظام المالي من الضمانات الحكومية السائدة، قد تؤدي إلى عواقب غير مرغوب فيها والذعر السوقي، لكنها أكثر من مجرد مقايضة بين الأهداف قصيرة الأجل والأهداف طويلة الأجل. ويتعين على الصين أن تعمل بجد لمنع المخاطر المحتملة من مقاطعة مسار نموها واستدامتها على المدى الطويل”.
يجب سداد الأموال المقترضة
في مايو 2018، قال ليو: “من الضروري وضع معايير جيدة للسلوك والتوجيه النفسي والإشراف، حتى يدرك المجتمع ضرورة سداد الأموال المقترضة وانطواء الاستثمار على مخاطر، وأن أولئك الذين يفعلون أشياء شريرة سيدفعون الثمن”.
كانت صناعة اقراض النظراء مجرد واحدة من أهداف عديدة يستهدفها ليو بعد نموها السريع، وانهيار بعض المنصات آثار مخاوف بشأن استقرار القطاع.
وفي السنوات الأربع حتى مايو 2018، ارتفعت قروض النظراء المستحقة من 30.9 مليار رنمينبي فقط إلى أكثر من 1 تريليون رنمينبي، ثم انخفض هذا الرقم بأكثر من النصف ليصل إلى 492 مليار رنمينبي بحلول نهاية عام 2019، وفقا لشركة “ويند” الصينية لتوفير البيانات.
بالإضافة إلى ذلك، أمرت السلطات التي ترفع تقاريرها في النهاية إلى ليو بإجراء تحقيقات شاملة في قطاع الظل المصرفي والاستثمارات الخارجية لبعض أكبر تكتلات القطاع الخاص في البلاد ومصدري السندات الكبار المسؤولين عن سلسلة من حالات التخلف عن السداد البارزة في أواخر العام الماضي.
وحتى قطاع العقارات المهم للغاية، وهو محرك حيوي لثاني أكبر اقتصاد في العالم، لم يُستثنى من ذلك.
ففي نوفمبر الماضي، قال رئيس هيئة الرقابة المصرفية والمسؤول البارز في البنك المركزي الصيني، قوه شو تشينغ، إن قطاع العقارات هو أكبر القطاعات المثقلة بالمخاطر المالية في البلاد، فهو يمثل حوالي 40% من إجمالي الإقراض المصرفي.
وجاء هذا التصريح عقب جهود المنظمين الصينيين لفرض خطوط حمراء تستهدف الحد من نفوذ المطورين.
ومن جانبه، يقول تشين لونج، من شركة “بلينوم” الاستشارية في بكين، إن سوق العقارات النقطة المضيئة الرئيسية الوحيدة في حجم الاستهلاك المتواضع بعد الوباء، حيث وصلت مبيعات العقارات الآن إلى أقوى مستوياتها منذ خمسة أعوام، لكن أندرو بولك، من مجموعة “تريفيوم” الاستشارية في بكين، يعتقد أن وقت الحساب قادم.
المخاطر المالية مثل الأمن القومى
في ربيع عام 2016، نُشر مقال مجهول بقلم “شخص موثوق” على الصفحة الأولى من صحيفة “بيبولز دايلي”، محذرا فيه من مخاطر ارتفاع مستويات الديون في البلاد، ويرجع ذلك جزئيا إلى برنامج تحفيز بقيمة 4 تريليونات رنمينبي أطلق عقب الأزمة المالية العالمية.
وبعد عام واحد فقط من كتابة هذا المقال، حدد الرئيس شي بشكل رسمي المخاطر المالية على أنها مسألة “أمن قومي”.
وتساعد مثل هذه الآراء في تفسير سبب تقييد استجابة الحكومة الصينية المالية والاقتصادية للوباء إلى حد ما.
فقد سمحت بكين بارتفاع مستويات الديون الإجمالية وتحملت عجزا أكبر في موازنة العام الماضي، لكن حتى مع انخفاض النمو الاقتصادي بنسبة 7% تقريبا في الربع الأول من عام 2020- وهو أول انخفاض سنوي منذ عقود- إلا أنه لا يزال يتجنب سخاء “أموال الهليكوبتر” وأشكال الدعم المالي الأخرى التي تقدمها الحكومات الأخرى لمواطنيها.
وفي الجلسة السنوية للبرلمان الصيني، التي اختتمت في 11 مارس، أشارت الحكومة أيضا إلى أنها تعتزم كبح معظم إجراءات الدعم التي سمحت بها العام الماضي للمساعدة في مواجهة الوباء.
ويقول كبير الاقتصاديين الصينيين في “ستاندرد بنك”، جيريمي ستيفنز، إن الاقتصاد الصيني كان مدفوعا بشكل أساسي خلال العام الماضي بالاقتراض لصالح البنية التحتية والاستثمار العقاري، الذي وصل إلى مستويات قياسية.
وأشار إلى أن صانعي السياسة، الذين يكرهون السير في هذا الطريق، شعروا أنه ليس لديهم خيار آخر، فهم يعلمون أن هذا يأتي على حساب نمو الغد ويعزز الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد ويزيد من الاعتماد المفرط على الائتمان والبنية التحتية، وبالتالي فإن الصين كان لديها نظام مالي مرهق بالفعل للإقلاع عنه.