خوفا من أن يقلص ارتفاع التضخم المكاسب من ديون الدخل الثابت يطالب المستثمرون بالحصول على تفاصيل حول موعد خفض التدابير المتخذة لمكافحة الأزمة
منذ عام، كانت الأسواق المالية في حالة انهيار مع انتشار وباء فيروس كورونا حول العالم، وخفض “الاحتياطي الفيدرالي” أسعار الفائدة لدعم الاقتصاد الأمريكي المتداعي، وانخفض عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات – المقياس الأساسي للأسواق – دون 1% للمرة الأولى في وقت سابق من الشهر مع هروب المستثمرين إلى الملاذات الآمنة، ووصلت سندات الشركات الأعلى جودة وذات التصنيف من الدرجة الاستثمارية إلى أدنى مستوى لها في 20 مارس، مع تزايد المخاوف بشأن أوجه الضعف لدى الشركات.
وبعد مرور عام، وفي ظل إعطاء لقاحات فيروس كورونا الأمل في انتعاش اقتصادي مدعوم بالمحفزات المالية، لايزال المستثمر في سندات الشركات غير سعيد.
وعانت سندات الشركات ذات الدرجة الاستثمارية من خسائر إجمالية بلغت 4.8% منذ بداية العام وحتى يوم الأربعاء الماضي، عندما اجتمع مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي للإعلان عن مراجعات لإطار سياسته النقدية، وكان ذلك بمثابة أسوأ بداية لعام في البيانات التي تعود إلى أوائل الثمانينيات، وفقًا لمؤشر تديره “آيس داتا سيرفسيز Ice Data Services”.
وفي الوقت نفسه من العام الماضي، كان السوق متراجعا بنسبة 4.5% منذ بداية العام، وآثار فيروس كورونا تسارعا في موجة البيع في الأيام التالي.
ومع ذلك، تبدو النتائج المتشابه غريبة، بالنظر إلى أن الاقتصاد في حالة تعافي حاليا وليس اضطراب.
وبعد أن رحبوا بالاستجابة السريعة والشاملة للاحتياطي الفيدرالي قبل عام، والتي أنقذت أسواق ديون الشركات وساعدت على محو خسائرها، يشكو المستثمرون الآن من نفس التدابير السياسية التي تأكل أرباحهم العام الحالي.
وخوفا من أن يؤدي ارتفاع التضخم إلى تقليص العائدات المكتسبة من ديون الدخل الثابت، يطالب المستثمرون بالحصول على تفاصيل حول متى سيتم تقليص التدابير المتخذة لمكافحة الأزمة مثل برنامج شراء السندات من قبل الفيدرالي، ومع ذلك، قدم لهم “الاحتياطي الفيدرالي” يوم الأربعاء، القليل من الراحة.
فبينما أقر بالتحسن المشهود في الاقتصاد الأمريكي وقام بمراجعة حادة لتوقعات النمو الخاصة به، قرر البنك المركزي الإبقاء على سريان تدابير سياسة الطوارئ حتى يتم إحراز المزيد من التقدم “الكبير”.
ويكمن جزء من المشكلة التي يواجهها مستثمرو الائتمان في السرعة غير المعتادة للتعافي.
وتزداد توقعات النمو والتضخم مع إعادة فتح الاقتصاد الأمريكي، وهو ما دفع عائدات السندات الحكومية إلى الصعود.
وتدعم المحفزات المالية الجديدة من الحكومة الأمريكية هذا الاتجاه بقدر أكبر، وكذلك تمسك الفيدرالي بموقفه بشأن السياسة النقدية السهلة.
وارتفعت عوائد سندات الخزانة الأمريكية المعيارية لأجل 10 سنوات لأعلى الأسبوع الماضي، بعد اجتماع الفيدرالي، لتصل لأعلى مستوى منذ يناير 2020.
وعادة يكون هذا مصحوبا بانخفاض في فوارق الائتمان، أي العلاوة فوق عوائد السندات الحكومية التي يطلبها المستثمرون لإقراض الشركات، نظرا لعودة الثقة في الشركات الأمريكية، وطور السوق ثقة مبكرة في قدرة الشركات على سداد ديونها الضخمة التي تراكمت العام الماضي.
وفي حين أنه يمكن النظر لهذا على أنه إيجابي بشكل عام، فإنه بالنسبة للمستثمرين لا يترك سوى القليل من الحماية لامتصاص الارتفاع المرتبط بالانتعاش في أسعار الفائدة.
وتؤدي الزيادة في عوائد سندات الخزانة مباشرة إلى ارتفاع في تكاليف اقتراض الشركات، وبالتالي انخفاض في أسعار سندات الشركات، وازدادت عائدات سندات الشركات ذات الدرجة الاستثمارية من 1.78% إلى 2.31% العام الحالي، رغم أن الفوارق ظلت دون تغيير تقريبا.
ويظهر التأثير بشكل أكبر في تفوق السندات ذات الجودة المنخفضة والعائدات الأعلى في الأداء.
وفي الواقع، فإن السندات ذات التصنيف الأقل هي التي حققت أفضل أداء حتى الآن هذا العام، لأنها حملت أعلى فارق للديون مقارنة بعائدات سندات الخزانة، وتقلصت الفجوة مع تحسن آفاق المقترضين الأكثر خطورة.
ومع ذلك، ثمة دلائل على أنه حتى هذه العائدات آخذة في التبدد، مع بقاء عائدات السندات ذات العائد المرتفع فوق الصفر بقليل العام الحالي، بانخفاض عن 1.4% في منتصف فبراير.
وكان المستثمرون يأملون أن يعترف “الفيدرالي” بالمخاطر التي يشكلها ارتفاع عائدات سندات الخزانة عندما اجتمع الأسبوع الماضي، خوفا من تسارع عمليات البيع.
وما يحزن مستثمري السندات هو أن عائدات سندات الخزانة ليست الشغل الشاغل للفيدرالي وحدها، ولايزال البنك المركزي يرى أن الضغوط التضخمية عابرة، ويركز بدلاً من ذلك على تعزيز الدعم للانتعاش الاقتصادي الناشئ، ولايزال معدل البطالة في الولايات المتحدة عند 6.8%.
ورغم التوقعات بارتفاع التضخم، فإن التضخم الأساسي على أساس سنوي لايزال عند 1.4% فقط الشهر الماضي، ولايزال أقل من هدف الفيدرالي البالغ 2%.
وبعد يوم الجمعة 20 مارس 2020، والذي شهد هبوط سندات الشركات للقاع، أعلن الفيدرالي عن إجراءات شاملة لدعم الأسواق في يوم الاثنين التالي، وبعد مرور عام، أصبح الاحتياطي الفيدرالي أقل رغبة حتى الآن في تقديم مساعدة للمستثمرين.
بقلم: جو رينيسون، محرر الأسواق الرأسمالية لدى صحيفة “فاينانشيال تايمز”.
المصدر: صحيفة “فاينانشيال تايمز”