أحد الأشياء التى سرعان ما أصبحت واضحة بعد ظهور جائحة “كوفيد -19″، وبعد الانهيار العابر فى الأسواق المالية هو أن البنوك الأمريكية الكبرى، الأشرار فى الأزمة السابقة، كانت مصممة على أن تكون الأخيار هذه المرة، ولم تخفض الوظائف فى عام 2020، ومددت المدفوعات المؤجلة على بطاقات الائتمان والرهون العقارية بدون أى تداعيات، وكل ما يخطر على بالك، كان أمثال “بنك أوف أمريكا كورب”، و”جى بى مورغان تشايس آند كو” مستعدين لتقديمه.
وسيكون من السذاجة أن نتوقع استمرار هذا النوع من المعاملة إلى الأبد – فالخدمات المصرفية هى أعمال تنافسية للغاية بعد كل شىء – ومع ذلك، فإن مزيج السلوك المتغير بسبب الوباء، واتجاهات القطاعات التى تسارعت خلال العام الماضى، قد يترك البنوك التجارية الكبرى دون خيار سوى أن تظل صديقة للمستهلكين أو تخاطر بفقدان حصتها فى السوق لشركات التكنولوجيا المالية.
واكتسبت شركات التكنولوجيا المالية الناشئة الكثير من الزخم خلال ذروة وباء فيروس “كورونا”، نظرا لأن العملاء أصبحوا أقل ميلاً لزيارة الفروع المادية، لذا تدفق المستهلكون على تطبيقات الهواتف الذكية لتلبية احتياجاتهم من الخدمات المالية.
وانجذب العديد من الأشخاص الذين لا يتمكنون من الوصول للخدمات المصرفية إلى تسهيلات تطبيق “كاش سكوير إنك”، بالإضافة إلى رسومه المنخفضة، لإيداع شيكات رواتبهم مباشرة، والاستثمار فى الأسهم، ودفع ثمن البضائع، وأظهرت بيانات الشركة أن 36 مليون عميل أجروا معاملاتهم على تطبيقها فى ديسمبر 2020، بزيادة أكثر من 50% على العام السابق.
وعلى النقيض، أعلن “جى بى مورغان تشايس آند كو” عن وجود 40.9 مليون عميل نشط على تطبيقه على الهاتف اعتباراً من نهاية العام الماضى، وهى زيادة قدرها 10% على 12 شهراً السابقة، بينما قفز استخدام المحفظة الرقمية لشركة “باى بال هولدينجز إنك” نظرا لأنها أضافت خدمات بدءاً من تداول العملات المشفرة وصولاً إلى تقسيط المنتجات المشتراة عبر الإنترنت، كما أنها أحرزت تقدماً فى إمكانية الدفع فى المتجر باستخدام رموز QR، والتى تتوفر حاليا فى 600 ألف متجر.
وإذا لم تقدم البنوك خدمات وابتكارات دفع مماثلة داخل تطبيقاتها، فمن المرجح أن تستمر هاتان الشركتان التكنولوجيتان الماليتان فى الازدهار، ولا يتعلق الأمر بالمميزات فقط، وإنما عادة يفشل اللاعبون التقليديون فى تقديم تجربة مميزة وسهلة داخل التطبيق فى حين أن تطبيقات “سكوير” و”باى بال” لها تصميمات بديهية وبسيطة، أما مستخدم تطبيقات الشركات القديمة يكافح للوصول إلى واجهة المستخدم الأساسية بشكل صحيح، باستخدام عدد كبير جداً من الشاشات التى تتطلب خطوات إضافية، وأياً ما كان رأيك بشأن تحويل شركة “روبن هود ماركتس” للاستثمار إلى “لعبة”، فإن قدرتها على جذب ملايين العملاء الجدد تثبت أهمية سهولة الاستخدام، خاصة بالنسبة لشىء مهم مثل المال.
وحتى إن شركة مثل عملاقة سلاسل التجزئة “وول مارت إنك” بدأت تشق طريقها إلى الخدمات المصرفية من خلال شركة ناشئة جديدة فى مجال التكنولوجيا المالية، وأصبح المقرضون الإقليميون يرون علامات واضحة على ريادة مثل تلك الشركات فى المستقبل.
وانطلقت مجموعة من صفقات الاندماج والاستحواذ مؤخراً كوسيلة لتوسيع نطاق تلك الشركات وسد الفجوة التكنولوجية، وقال كيلى كينج، المدير المالى لشركة “ترويست فاينانشال كورب” فى عام 2019: “لن يقبل العميل مجرد وجود شخص لطيف فى الفرع، وإنما يجب أن تندمج تلك اللمسات مع التكنولوجيا”.
وأصبح هذا صحيحاً الآن أكثر مما كان عليه قبل عامين، وبينما لا تزال البنوك تتمتع بالعديد من المزايا مثل توفير فرص العمل، فإن شركات التكنولوجيا المالية لها اليد العليا فى الانتقال إلى الهاتف المحمول، ولمنع حدوث انقلاب، قد تضطر بنوك “وول ستريت” إلى تلبية احتياجات العملاء الأصغر بطريقة لم تحدث من قبل.
بقلم: تاى كيم وبرايان تشاباتا، محررى التكنولوجيا لدى وكالة أنباء “بلومبرج”
المصدر: وكالة أنباء “بلومبرج”