الضغوط على الدين الحكومى مؤقتة وتنحسر بداية من 2022.. بدعم تعافى النمو
البنوك تمتلك سيولة قوية وودائعها تنمو 15% سنويًا فى المتوسط.. رغم محدودية المتعاملين مع القطاع البنكى
صافي الدين الخارجى يرتفع إلى 120% من إيرادات الحساب الجارى العام المالى الحالى ويتراجع بعد ذلك
3 سندات دولية تستحق خلال الأعوام الثلاثة المقبلة بقيمة 6.25 مليار دولار
ثبتت وكالة ستاندرد آند بورز تصنيفها الائتمانى لمصر عند B مع نظرة مستقبلية مستقرة، وتعكس النظرة المستقبلية المستقرة، أن الضغوط على مؤشرات الدين الحكومى ستكون مؤفتة وتنخفض تدريجيا بداية من 2022 بدعم من نمو الناتج المحلى الإجمالى وإيرادات الحساب الجارى.
متى يتم تخفيض التصنيف؟
وضعت الوكالة سيناريو تخفيض التصنيف الائتمانى لمصر حال كانت تداعيات فيروس كورونا على الوضع الخارج والنشاط الاقتصادى أكثر حدة أو مستمرة لفترة أطول بما يؤدى لانخفاض كبير فى الاحتياطيات الدولية وتراجع فى القدرة على سد الديون وفوائدها.
وتنشأ مخاطر تخفيض التصنيف أيضًا من الانحدار المالى، حل منعت تكلفة الاقتراض الأعلى أو انخفاض قيمة العملة فى حالة حدوثه من انخفاض نسبة الدين الحكومى إلى الناتج المحلى بعد 2021.
ماذا يدفع المؤسسة لرفع تصنيفها لمصر؟
قالت ستاندرد آند بورز فى تقريرها، إنها ستدرس رفع التصنيف على المدى المتوسط حال فاق النمو الاقتصادى بصورة ملحوظة توقعاتها، أو حال نجاح برنامج الإصلاح فى خفض الاحتياجات التمويلية الحكومية والخارجية بشكل ملحوظ بما يخفض قيمة الدين ويعطى إشارة على انتهاج نهج ذى حوكمة أقوى.
التصنيف الائتمانى الحالى
توقعت الوكالة أن الاحتياطى النقدى لمصر وقدرتها على الوضول للتمويل محليًا وخارجيًا يتيح لها تغطية احتياجاته التمويلية الخارجية والديون التى يحل أجلها.
ورغم توقع ستاندرد آند بورز ارتفاع الدين الخارجى بصورة حادة كنسبة لإيرادات الحساب الجارى فى العام المالى الحالى، لكن ذلك سيتحسن تدريجيًا مع تعافى الحصيلة الجارية.
والأكثر من ذلك، ترى ستاندرد آند بورز، آفاقا قوية للنمو على المدى المتوسط، وذلك باستبعاد تأثير الوباء على المدى القريب، مدعومًا بالتبنى الحالى للاصلاحات المالية والاقتصادية.
ورغم أن الجائحة عطلت قليلًا الوصول لهدف الحكومة بتحقيق ائض أولى على الاقل %2 خلال العام المالى الحالى والمقبل، لكن تعافى النمو انخفاض الفوائد المحلى يجب أن يضع الدين كنسبة للناتج المحلى مجددًا على مسار تنازلى.
لكن، سيظل مسار الدين حساسًا لأى تحركات فى سعر الصرف والتضخم وعدة عوامل أخرى.
وقالت إن عجز الموازنة المتسع والدين العام الكبير وانفاض مستوى الدخل الذى يجعل المخاطر الاجتماعية مرتفعة أكثر ما يقيد التصنيف الائتمانى لمصر.
وتوقعت أن تظل نسب الدين إلى الناتج المحلى والفوائد إلى الإيرادات مرتفعة، رغم أنها بطريقة ما ستبدأ فى التراجع ما بعد العام المالى 2021.
وتوقعت أن تمكن الفائدة المحلية المنخفضة الحكومة من طرح سندات ذات آجال أطول بما يقلل مخاطر إعادة التمديد، حيث أن إجمالى الاحتياجات التمويلية تقدر بنحو %40 من الناتج المحلى الاجمالى فى 2021.
الملف الاقتصادى والمؤسسى: النمو يبدأ فى التعافى بداية من 2022 رغم استمرارضغط الجائحة على النشاط الاقتصادى فى المدى القريب
وقالت ستاندرد آند بورز، إن الآثار الاقتصادية للجائحة كانت أقل حد فى مصر عن الأسواق الناشئة الأخرى، نتيجة اجراءات الاغلاق الأقل تشددًا، وزيادة قدرة الرعاية الصحية، واظهار التحويلات من الخارج مرونة.
وسجلت مصر %1.5 نموًا اقتصاديًا فى السنة الميلادية 2020، بعد أن شهدت انكماشًا %2 فى الفترة من أبريل إلى يونيو، وتشمل القطاعات التى تأثرت بشدة بالوباء السياحة والتصنيع والنفط والغاز والبناء.
وساهمت السياحة بحوالى %12 من الناتج المحلى الإجمالى، و%10 من إجمالى العمالة، و%16 من الحصيلة الجارية فى عام 2019. ومع ذلك، شهد الاقتصاد أيضًا نموًا فى قطاعات مثل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتجارة الجملة والتجزئة، والزراعة، والصحة، والخدمات الحكومية.
توقعت أن يتباطأ النمو الحقيقى للناتج المحلى الإجمالى إلى %2.5 فى السنة المالية 202، من %3.6 فى السنة المالية 2020، حيث ينعكس تأثير الوباء بشكل كامل، على أن يرتفع إلى %5.3 خلال السنوات المالية 2022-2024 بدعم من زيادة الاستثمار العام والخاص وانحسار الوباء.
وقالت ستاندرد آند بورز، إن القيود الهيكلية الرئيسية للنمو تشمل وجود قطاع غير رسمى كبير، وضعف الحوكمة والشفافية للمؤسسات المملوكة للدولة، وإن كان ذلك فى تحسن نسبي؛ والحواجز أمام المنافسة التى تقيد نشاط القطاع الخاص.
تابعت: «لكن لاحظنا جهود الحكومة المستمرة لتحسين بيئة تشغيل الأعمال، مثل قانون الجمارك الجديد، وتسوية المتأخرات للمصدرين، وآليات تخصيص الأراضى الصناعية، والتى يمكن أن تدعم النمو على المدى المتوسط».
أضافت أنه رغم انتهاء اتفاق الاستعداد الائتمانى مع صندوق النقد الدولى فى يونيو 2021 لكنها تتوقع أن تستمر المشاركة مع الصندوق على الأرجح، إما من خلال برنامج آخر (ممول أو غير ممول)، أو على الأقل من خلال عدة بعثات للمساعدة فنية، على سبيل المثال بشأن تعبئة الإيرادات.
ومن المرجح أن تظل المصادر الرئيسية للنقد الأجنبى فى مصر – السياحة وإيرادات قناة السويس – تحت الضغط نظرًا لاستمرار موجات الإصابات بفيروس كوفيد -19 على مستوى العالم، مما يؤدى إلى استمرار القيود على السفر وضعف الطلب العالمى.
ومع ذلك، ازداد تدفق التحويلات إلى مصر، ما يثبت استقرارها وعدم تقلبها، ومن المرجح أن تظل عند هذه المستويات، وسيكون لارتفاع أسعار النفط هذا العام تأثير متوازن على صادرات وواردات البترول.
ورجحت الوكالة ارتفاع عجز الحساب الجارى إلى %3.6 من الناتج المحلى الإجمالى فى السنة المالية 2021 مقابل %3.1 فى السنة المالية 2020.
وقالت إن السياحة فى مصر لن تعود لمستويات 2019 قبل عام 2023، وستظل الحصيلة الجارية أقل من مستويات 2019 خلال العامين المقبلين.
أضافت: «من المفترض أن يساعد تحسن الظروف الاقتصادية العالمية والتدابير الحكومية لتعزيز الصادرات غير النفطية فى تقليص العجز الخارجى إلى %2.3 من الناتج المحلى الإجمالى بحلول السنة المالية 2024.
على الرغم من اتساع عجز الحساب الجارى وضعف تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر، أدى ارتفاع الدين الخارجى إلى دعم احتياطيات البنك المركزى من النقد الأجنبى.
بلغ صافى الاحتياطيات الدولية 40.3 مليار دولار فى نهاية أبريل 2021، ارتفاعًا من 37.2 مليار دولار فى نهاية يونيو 2020.
وترى الوكالة أن السيولة الخارجية كافية، مع تغطية الاحتياطيات ما يزيد قليلاً عن خمسة أشهر من مدفوعات الحساب الجارى فى السنة المالية 2021.
الدين الخارجى
وتوقعت ارتفاع حاد فى صافى الدين الخارجى لمصر، بعد خصم الأصول الخارجية ذات السيولة المرتفعة، إلى حوالى %120 من الحصيلة الجارية فى السنة المالية 2021 من %105 فى السنة المالية 2020، على أن ينخفض تدريجيا ليصل إلى %105 بحلول السنة المالية 2024، مدعومًا بالانتعاش فى الإيرادات.
وأشارت إلى تعافى تدفق استثمارات المحافظ المالية إلى مصر بقوة، مما دعم السيولة الخارجية للبلاد، ولكنه أدى أيضًا إلى ارتفاع مستويات الدين الخارجى قصير الأجل ولكنها نوهت إلى أن هذا التدفق حساس للتحولات فى معنويات المستثمرين.
وارتفعت حيازات غير المقيمين من أذون وسندات الحكومة بالعملة المحلية إلى حوالى 28 مليار دولار فى منتصف مارس، بعد انخفاض حاد إلى 9.4 مليار دولار فى منتصف يونيو 2020 فى خضم تقلبات الأسواق المالية العالمية.
ودعمت الفائدة الحقيقية المرتفعة وبيئة الاقتصاد الكلى الأكثر مرونة مقارنة بالنظراء المصنفين بالتصنيف نفسه تدفق استثمارات المحافظ المالية لمصر، ونتيجة لذلك، حققت البنوك فائض فى الأصول الأجنبية قدره 6.3 مليار دولار فى نهاية يناير 2021، مقابل عجز قدره 3.4 مليار دولار فى يونيو 2020.
وقالت إن الإدراج المتوقع لمصر فى مؤشر جى بى مورجان يجب أن يساعد فى تقليل التقلبات فى تدفقات المحفظة عن طريق تحويل بعض الاستثمار إلى الإدارة السلبية، وتوليد عوائد أقل، وزيادة الطلب على الديون طويلة الأجل.
وأشارت إلى أن الديون المستحقة على الحكومة والبنك المركزى فى المدى القريب كبيرة، حيث تبلغ حوالى 21 مليار أمريكى خلال عام 2021. ومع ذلك، فإن ما يقرب من %70 من الديون المستحقة الدفع مستحقة على البنك المركزى المصرى، ومعظمها ودائع من المرجح أن يتم تجديدها. من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والكويت.
يشمل الدين الخارجى للبنك المركزى أيضًا اتفاقية تبادل عملة بقيمة 2.6 مليار دولار مع الصين تم تمديدها فى عام 2019 لمدة ثلاث سنوات ولكن لم يتم سحبها بعد.
بالإضافة إلى ذلك، فإن مصر لديها سندات دولية مستحقة السداد بقيمة 2.5 مليار دولار فى عام 2022، و1.75 مليار دولار فى عام 2023، و2 مليار دولار فى عام 2024.
الدين العام
وقالت إن تأثير كورونا على النمو والإيرادات وحزمة التحفيز المعلن عنها بقيمة 100 مليار جنيه مصرى تعادل %2 من الناتج المحلى الإجمالى جميعها عوامل تؤدى إلى زيادة الدين الحكومى العام إلى حوالى %89 من الناتج المحلى الإجمالى بحلول السنة المالية 2021 من ما يقرب من %84 فى العام المالى 2019.
توقعت أن تنخفض هذه النسبة إلى %81 من الناتج المحلى الإجمالى بحلول العام المالى 2024. ويسمح انخفاض معدلات الفائدة المحلية للحكومة بزيادة صافى إصدار السندات طويلة الأجل وتقليل نسبة السندات قصيرة الأجل.
ونوهت إلى أن الحكومة تمكنت من زيادة متوسط آجال استحقاق الديون إلى 3.87 سنة اعتبارًا من 30 يونيو 2020، من حوالى عامين فى السنة المالية 2016، مما سيساعد تدريجياً على خفض إجمالى احتياجات التمويل السنوية.
القطاع البنكى
وقالت الوكالة إن النظام المصرفى المحلى فى مصر يتمتع بسيولة مرتفعة ويمكن أن يزيد حيازات الدين الحكومى، على الرغم من التعرض المرتفع بالفعل، فنحو %48 من إجمالى أصول البنوك موظفة مع الحكومة بنهاية يناير 2021.
أوضح أن نمو الودائع مرتفع رغم عدم اتساع قاعدة المتعاملين مع البنوك، فترتفع بمتوسط نحو %15 سنويًا خلال السنوات الثلاث الماضية.
وقدرت أن البنوك فى مصر لديها نحو %60 من الدين الحكومى أو ما يعادل أكثر من %50 من الناتج المحلى.
هيكل الدين العام الحكومى
ويشمل الدين الخارجى الحكومى العام سندات اليوروبوند (حوالى %9 من الناتج المحلى الإجمالي)، وحيازات غير المقيمين من الديون بالعملة المحلية %5، والالتزامات الميسرة %15، يواصل البنك المركزى المصرى حيازة أوراق مالية حكومية كبيرة تعادل حوالى %11 من الناتج المحلى الإجمالى.
ورجحت ستاندرد آند بورز أن يظل عجز الموازنة مستقرا عند %7.1 من الناتج المحلى الإجمالى فى السنة المالية 2021 مقابل %7 فى السنة المالية السابقة.
أوضحت أن عجز الموازنة العام أقل بحوالى %1 من عجز الحكومة المركزية بسبب الإصلاحات الأخيرة لصندوق المعاشات التقاعدية التى ستولد فائضاً بنسبة %1 تقريباً فى صناديق التأمين الاجتماعى.
فى الفترة من يوليو 2020 إلى مارس 2021، انخفض عجز الحكومة المركزية %6على أساس سنوى، مدعومًا بنمو يقارب %15 فى الإيرادات، بينما نما الإنفاق نحو %11.
وقالت ستاندرد أند بورز، إن موازنة عام 2022 تستهدف خفض طموح فى فى العجز المالى للحكومة المركزية إلى %6.6 من الناتج المحلى الإجمالى، من %7.8 فى السنة المالية 2021، لكن تقديراتها أكثر تحفظًا، عند %7.3 و%8.1 للسنتين الماليتين 2022 و2021، على التوالى.
أوضحت أن ذلك نتيجة ترجيحها انخفاض فاتورة الفوائد بمعدل أقل، وحسابها للانزلاقات المالية المحتملة مع استمرار آثار الوباء لفترة أطول.
ومع ذلك، توقعت الوكالة إنخفاض تكاليف الفوائد إلى %40 من الايرادات الحكومية بحلول العام المالى 2024 مقابل %48 حاليًا. مدعومًا بمعدل الفائدة المنخفض ونمو الإيرادات.
توقعت أن يرتفع التضخم إلى % خلال السنوات الثلاث المقبلة، وهو ما يتماشى مع هدف التضخم الجديد للبنك المركزى ما بين 5 و%9 وذلك بدفع من تعافى الطلب وأسعار النفط.
وتوقعت الوكالة، أن تواجه البنوك خسائر ائتمانية متزايدة فى غضون السنوات القليلة المقبلة، ويرجع ذلك إلى التداعيات السلبية للوباء وزيادة التعرض للشركات الصغيرة والمتوسطة.
ومع ذلك، فإن تعرض البنوك لأداء القطاعات الدورية أو الضعيفة، مثل الزراعة والسياحة والعقارات والبناء، ضئيل للغاية، ومعدلات السيولة فى النظام المصرفى قوية، واعتماد البنوك على الديون لتمويل أعمالها ضعيف.