شهدت أسعار خامات ومنتجات الصلب فى الأسواق العالمية ارتفاعات قياسية، خلال الربع الأول من العام الجارى، مع اتجاه الصين لزيادة إنتاجها من الصلب بعد انحسار جائحة فيروس كوفيد- 19 بالبلاد تدريجياً.
وسجلت الأسعار ارتفاعات قياسية خلال أسبوع، زادت أسعار الخردة بنحو 14 دولاراً فى أسبوع لتصعد من 488 دولاراً للطن فى 7 مايو، إلى 502 دولار للطن فى 14 مايو الجارى.
كما ارتفعت أسعار البيليت التركى من 660 دولاراً للطن إلى 700 دولار للطن، أما البيليت الأوكرانى فارتفع أيضاً من 650 دولاراً للطن إلى 730 دولاراً للطن، وكذلك حديد التسليح التركى الذى ارتفع من 700 دولار للطن إلى 755 دولاراً للطن، وفقاً لبيانات بورصة لندن للمعادن.
قال طارق عبدالعظيم، رئيس مجلس إدارة شركة المدينة للصلب، إنَّ أسعار الخردة ما زالت تصعد بصورة شبه يومية مدفوعة بالزيادة فى أسعار خام الحديد، وارتفاع الطلب ومحدودية المعروض. وأضاف «عبدالعظيم»، أنه منذ أقل من 3 أسابيع فقط ارتفعت أسعار الخردة بمقدار 70 دولاراً للطن من 430 دولاراً إلى 500 دولار «C I F»،I» وهذا العقد يتضمن ثمن البضاعة شاملاً قيمة التأمين عليها وأجرة السفينة.
ونظراً إلى أن كل طن حديد يحتاج طناً و200 كيلو من الخردة تصبح الزيادة فى تكلفة الإنتاج 84 دولاراً، ما يعادل 1320 جنيهاً، ومع ذلك فالخردة غير متوفرة؛ لأن المتاح محلياً لا يتجاوز 10% من الاحتياجات الفعلية.
أضاف أن صناعة الصلب تعتمد على الاستيراد بصورة كاملة، وهو ما دفع مصانع الدورة الكاملة إلى زيادة أسعار البيع منذ بداية مايو الجارى لمواكبة الزيادة فى التكلفة والاستمرار فى الإنتاج لتلبية احتياجات العملاء.
كانت شركة حديد عز رفعت أسعار منتجاتها من حديد التسليح إلى 14600 جنيه للطن وشركة حديد المصريين إلى 14500 جنيه للطن.
وقال محمد حنفى، المدير التنفيذى لغرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات، إنَّ الارتفاعات القياسية فى أسعار الخامات العالمية دفعت المصانع إلى زيادة أسعارها، خاصة مع الاعتماد على استيراد الخامات من الخارج.
وأضاف «حنفى» لـ«البورصة»، أنَّ استقرار أسعار الخامات العالمية لن يحدث إلا مع «زوال غمة» جائحة فيروس كورونا، وعودة أوروبا وباقى الدول للإنتاج، ووقف عمليات الإغلاق.
وقال مصدر بأحد مصانع الدورة المتكاملة، إنَّ أسعار الخام وصلت إلى مستويات لم تشهدها من قبل؛ نظراً إلى ظروف عالمية تدفع بالطلب إلى أعلى مع قلة المعروض من مصادر التوريد الرئيسية فى أستراليا والبرازيل.
وأضاف قائلاً: «منذ بداية العام زادت الأسعار من 181 دولاراً إلى 261 دولاراً «CIF» وبزيادة 80 دولاراً فى طن الخام والذى يستخدم منه 1.5 طن لإنتاج طن حديد تسليح؛ أى أن الزيادة فى التكلفة تصل إلى 120 دولاراً لطن المنتج التام، تعادل 1900 جنيه للطن، علماً بأن 70% من الزيادة فى أسعار الخام حدثت منذ منتصف أبريل الماضى، وبالتالى فإنَّ الزيادات السعرية التى حدثت فى الأسبوع الأول من مايو وقدرها 550 جنيهاً لا تغطى 30% من زيادات التكلفة الفعلية فى تلك الفترة».
وأضاف أن المصانع المحلية تكافح لتأمين احتياجاتها من الخامات فى ظل الارتفاعات المتكررة لأسعار الخامات مع ندرة المعروض.
كان قطاع الصلب الخام فى الصين شهد توسعاً فى الإنتاج فى الربع الأول من العام ليحقق نمواً 15.6% على أساس سنوى إلى 271 مليون طن، ليصل متوسط النمو فى العامين الماضيين إلى 8.3%، وفقاً لبيانات الجمعية الصينية للحديد والصلب.
وقالت الجمعية، إنه مع استمرار تعافى الصناعات التحويلية، فإنَّ طلبها على منتجات الصلب آخذ فى الارتفاع، وفى الأشهر الثلاثة الأولى من العام، بلغ استهلاك الصين الظاهر من الصلب الخام 258.96 مليون طن، بزيادة 15.3% على أساس سنوى.
وذكرت مصادر، أنَّ إعلان الحكومة الصينية عن خططها لإغلاق 22 مليون طن سنوياً من الطاقات الإنتاجية للصلب فى إطار سياستها لخفض الانبعاثات الكربونية المسببة للتلوث البيئى الحاد، سيتسبب فى ارتفاع أسعار الخامات، خاصة أن الصين تصدر نحو 45 مليون طن من منتجات الصلب سنوياً، وبالتالى فهى لاعب رئيسى فى أسواق التصدير العالمية.
وقالت مصادر، إنَّ الحرب التجارية التى اشتعلت مؤخراً بين الصين وأستراليا، المورد الرئيسى لخام الحديد للصين، كان لها دور أيضاً فى زيادة الأسعار؛ نتيجة انخفاض واردات الخام من أستراليا، ومحاولة الصين تعويض النقص فى الكميات من مصادر أخرى للتوريد.
وكانت الصين، وهى تمثل أكثر من نصف الإنتاج العالمى من الصلب، قد ألغت فى نهاية أبريل حوافز صادرات الصلب والبالغة 13%، ما أدى إلى قفزة سعرية فى أسعار صادراتها، وارتفعت وراءها الأسعار العالمية، ثم تبع ذلك أزمة تجارية بين الصين وأستراليا أكبر مورد لخام الحديد للصين نتج عنه قلة المعروض من الخام للأسواق الصينية مع زيادة أسعاره بصورة ملحوظة.
ولم تكن الارتفاعات السعرية فقط محلياً، أشارت سى أريو، إحدى شركات الاستشارات العالمية فى مجال الصلب ومركزها لندن، إلى أن الطلب على خام الحديد فى الصين لا يزال قوياً، ما دفع أسعاره إلى مستويات عليا، ونظراً إلى أن معدلات تشغيل المصانع الصينية والقائمة على تكنولوجيا الأفران العالية ارتفعت إلى 85% خلال الأسابيع الماضية، فإنَّ ذلك يدعم من الأسعار الحالية. يضاف إلى ذلك أن الطلب الحالى مدعوم من انخفاض المخزون والرغبة فى تعويض النقص من الخام.