355 مليار جنيه استثمارات صناعة الأسمنت فى مصر
عانت صناعة الأسمنت، خلال السنوات الماضية، تحديات كبيرة قادت الصناعة لخسائر ضخمة، تآكل معها رأس المال المستثمر، واضطرت الشركات لإيقاف بعض خطوط الإنتاج، أو التصفية، والذى تزامن مع تراجع شديد فى الطلب، حيث وصل الطلب على الأسمنت لأدنى مستوياته خلال أكثر من عقد من الزمن.
ورصدت المراكز البحثية تفاصيل أزمة مصنعى الأسمنت والحلول التى من الممكن أن تعمل على حل أزمتهم.
وتعد صناعة الأسمنت ركيزة أساسية فى صناعة مواد البناء كثيفة العمالة، حيث يصل عدد الموظفين المباشرين فى القطاع ما يقرب من 50 ألف موظف، وعدد الموظفين المرتبطين ما يقرب 200 ألف موظف.
وتستحوذ الصناعة على حصة كبيرة من الاقتصاد المصرى تقدر ما بين 6 و8.8% سنوياً، بينما تسهم وحدها بما يقرب من 1% من الناتج المحلى الإجمالى و10% من الناتج القومى الإجمالى.
ويبلغ إجمالى الطاقة الإنتاجية لشركات الأسمنت فى مصر نحو 82.5 مليون طن، فيما بلغ الطلب على الأسمنت ما يقرب من 44.9 مليون طن مترى وبقدرة إنتاجية فائضة قدرها 37.6 مليون طن، ما أدى لوصول كمية الإنتاج إلى 46.9 مليون طن فى عام 2020، وهو ما يمثل معدل تشغيل يبلغ 57%.
وتتجاوز الاستثمارات فى صناعة الأسمنت فى مصر 355 مليار جنيه سواء على مستوى استثمارات فى خطوط الإنتاج، وتكلفة الاستثمار فى المبانى والأراضى، والبنية التحتية.
وقالت بحوث مباشر لتداول الأوراق المالية، إن الزيادة فى الطاقة الإنتاجية وتراجع الطلب أديا إلى وجود فجوة بين العرض والطلب، حيث زادت القدرات الإنتاجية إلى حوالى 82.5 مليون فى عام 2020، لافتة إلى أن الزيادة فى الطاقة الإنتاجية لم تواكب نمواً مماثلاً فى الطلب على الأسمنت.
وأضافت، أنه بالرغم من الزيادة فى الطاقة الإنتاجية للأسمنت، فإن معدل التشغيل انخفض بشكل حاد لمواكبة الطلب الضعيف نسبياً، حيث وصل إلى 61%، و57% فى عامى 2019 و2020 على التوالى.
وأشارت مباشر، إلى أن الصناعة تعانى تحديات كبيرة جعلتها تتكبد خسائر على مدار سنوات خاصة بعد تعويم الجنيه فى عام 2016 والذى دفع أسعار الفحم للارتفاع تزامناً مع ارتفاع طفيف فى أسعار الأسمنت، ما قلص هوامش أرباح شركات الأسمنت ودفع العديد منها إلى تحقيق مجمل الخسائر.
وتابعت أن أى صناعة تواجه مشاكل فى العرض تبدأ فى زيادة صادراتها لسد الفجوة بين العرض والطلب فى السوق المحلي، لكن بالرغم من إنتاج مصر ما يقرب من 50 مليون طن فى عامى 2019 و2020، فإن صادراتها وصلت فقط إلى 1.1 و1.4 مليون طن فى عامى 2019 و2020 على التوالى.
وتعتقد «مباشر»، أن خفض أسعار الطاقة ليس الحل بسبب أن المنافسة فى صناعة الأسمنت عالية لدرجة أن المنتجين سوف يقومون بخصم الدعم فوراً وستنخفض الأسعار أكثر، مرجحة أن دعم الصادرات أيضاً ليس هو الحل نظراً للفرق الكبير فى التكلفة بين شركات الأسمنت المصرية ومنافسيها الإقليميين.
ورجحت، أن الحل الأمثل لمشكلة الصناعة يكمن فى خفض طاقة الإنتاج، وانتظار غلق المزيد من الشركات حتى تختفى الفجوة.
وبدأت بحوث مباشر بتغطية شركة مصر للأسمنت- قنا بتوصية بشراء السهم مع تحديد قيمة عادلة له عند 13.63 جنيه للسهم، مقارنة بسعر السوق الحالى البالغ 10.11 جنيه للسهم، موضحة أن هذا يعنى ربحاً محتملاً بنسبة 34.8%.
ويتداول السهم عند مضاعف ربحية 8.34 مرة خلال العام الجاري، مرجحة أن يصل إلى 6.24 مرة بنهاية العام المقبل، على أن يصل إلى 6.49 و5.55 مرة خلال عامى 2023 و2024، وفقاً لـ«بحوث مباشر».
وتوقعت أن تحقق الشركة إجمالى إيرادات بقيمة 2.9 مليار جنيه بنهاية 2021، و2.99 مليار جنيه بنهاية 2022، و3 مليارات جنيه بنهاية 2023، و3.01 مليار جنيه بنهاية عام 2024.
ورجحت أن ينمو مجمل ربح الشركة أيضاً ليصل إلى 557 مليون جنيه بنهاية العام الجاري، و598 مليون جنيه بنهاية العام المقبل، بالإضافة إلى 601 و611 مليون جنيه لعامى 2023 و2024 على التوالي.
وتعتقد أن نمو صافى الربح قبل خصم حقوق الأقلية إلى 91 مليون جنيه خلال العام الجاري، و132 مليون جنيه بنهاية العام المقبل، على أن يصل إلى 140 و164 مليون جنيه خلال عامى 2023 و2024 على التوالى.
وقالت بحوث العربى الأفريقى لتداول الأوراق المالية إن التوقف الجزئى فى الإنتاج أدى إلى انخفاض إيرادات شركة العربية للأسمنت، حيث شهدت أحجام المبيعات فى الربع الأول من عام 2021 تراجعاً بنسبة 48.1% على أساس سنوي.
و تمكنت الشركة من بيع 574 ألف طن فقط مقابل 1.1 مليون طن تم بيعها فى العام السابق مع إغلاق أحد خطوط إنتاج الشركة منذ أكتوبر 2020 بسبب عطل فني.
وأضافت أن الإدارة أوضحت أنه تم اصلاح الخط المتوقف واستئنانف العمل فى أبريل الماضى مما أدى إلى انخفاض الإيرادات بشكل ملحوظ خلال الربع بنسبة 38.5% على أساس سنوى لتصل إلى 432.4 مليون جنيه.
وأشارت إلى أن التحسن فى أسعار بيع الأسمنت عزز هوامش التشغيل للشركة إلى حد بعيد، لافتة إلى أن متوسط سعر الطن المصنع المخلوط شهد ارتفاعاً بنسبة 18.5% على أساس سنوى إلى متوسط 754 جنيهاً للطن، وهو أعلى من توقعات بحوث «العربى الأفريقي» البالغة 696 جنيهاً للطن.
ولفتت إلى أن سعر التجزئة للأسمنت وصل إلى مستوى مرتفع بلغ 950 جنيهاً للطن خلال الربع الأول مقارنة مع انخفاض قدره 700 جنيه للطن فى الربع الرابع 2020 بعد السماح باستئناف أنشطة البناء فى مصر.
وتابعت العربى الأفريقى، أن تقييم الشركة تحت المراجعة خاصة بعد التحسينات النسبية الأخيرة فى أسعار بيع الأسمنت والطلب عليه بالإضافة إلى ارتفاع أسعار المواد والتغييرات الديناميكية فى السوق، موضحة أن آخر سعر مستهدف تم وضعه كان 3.69 جنيه للسهم.
واستمرت شركة العربية للأسمنت فى تسجيل خسائر للربع الرابع على التوالى حيث تكبدت خسائر خلال الربع الأول من العام الجارى بقيمة 6.3 مليون جنيه، مقابل أرباح بلغت 15.9 مليون جنيه خلال الربع الأول من 2020.
وأوضحت «العربى الأفريقى» أن 91% من الأرباح التى حققتها الشركة فى الفترة المقارنة جاءت من مكاسب فروق العملة والتى بلغت 14.5 مليون جنيه خلال الربع، وباستثناء المكاسب غير العادية لكانت الشركة قد سجلت صافى ربح قدره 1.25 مليون جنيه خلال الربع الأول من 2020.
النموذج الصينى فى التعامل مع الأزمة
شهدت صناعة الأسمنت الصينية فى فترة من الفترات زيادة كبيرة من المعروض حيث بلغ معدل الإنتاج لديها نحو 3 مليارات طن مقابل استهلاك لا يتجاوز 2 مليارات طن.
قامت الدولة بإجراءات لحماية صناعتها حيث قررت خفض طاقة الإنتاج إلى مستوى مقارب من الاستهلاك للخروج من الأزمة، ونجحت فى ذلك وبدأت صناعتها فى الازدهار وتحقيق وتيرة نمو متسارعة.