الأمم المتحدة: ثلث سكان العالم لم يحصلوا على تغذية كافية في 2020
عندما أجبر الوباء ، العام الماضي، مارياسونتا سيكيا وزوجها رودولفو على ترك وظيفتيهما، كافحا لدفع ثمن الطعام والإيجار والفواتير وعائلة سيكيا ليست الوحيدة التي تكافح في دولة غنية ومتطورة.
في جميع أنحاء أوروبا وأمريكا الشمالية، ارتفع عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع للمرة الأولى منذ أن بدأت الأمم المتحدة في جمع البيانات في عام 2014، وفقاً للأرقام التي نُشرت مؤخراً.
وكان ما يقرب من 9% من الأشخاص يعانون من انعدام الأمن الغذائي بشكل معتدل أو شديد في عام 2020، مقارنة بنسبة 7.7% في عام 2019، حسبما نقلت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية.
هذه الأرقام تتضاءل مقارنة بالمستويات في الاقتصادات الأقل ثراءً. وتشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن ما يقرب من ثلث سكان العالم لم يحصلوا على التغذية الكافية في عام 2020، وذلك على النقيض من الدول الفقيرة التي تفتقر إلى الحماية الحكومية، فإن معظم الدول المتقدمة لديها شبكات أمان للرعاية الاجتماعية مدعومة من الدولة.
يقول عارف حسين، كبير الاقتصاديين في برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، إنه رغم ذلك، فقد تضرر العديد من الأشخاص المعرضين للخطر في الدول الغنية بشدة من الآثار الاقتصادية لتفشي وباء كوفيد-19.
وأضاف حسين: “حتى في الدول المتقدمة، هناك أشخاص ليسوا بالضرورة في مخططات شبكات الأمان، فقد عانوا ولايزالوا يعانون”.
وأشارت “فاينانشيال تايمز” إلى أن فئة الأفراد التي تعاني تشمل العاملين لحسابهم الخاص أو العاملين بعقود مؤقتة، والذين لا يتم تغطيتهم في كثير من الأحيان من خلال خطط التأمين ضد البطالة والمرض، وأولئك الذين يعملون في الاقتصاد غير الرسمي.
في إيطاليا، قفز عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر بنسبة 22% عام 2020 عن العام السابق إلى 5.6 مليون شخص، أي ما يعادل واحداً من كل 10 إيطاليين، بحسب بيانات المعهد الوطني للإحصاء في البلاد.
وقال لورانس حداد، المدير التنفيذي للتحالف العالمي من أجل تحسين التغذية، إنه لمواجهة ذلك، نما دور المنظمات غير الحكومية مثل الجمعيات الخيرية وبنوك الطعام خلال الوباء.
لقد ساعد الأعضاء في اتحاد بنوك الطعام الأوروبية “فيبا” ما يقرب من 13 مليون شخص عام 2020، بزيادة نسبتها 35% عن العام السابق.
وتقول أنجيلا فريجو، الأمينة العامة اتحاد بنوك الطعام الأوروبية، إنه تم توزيع 860 ألف طن تقريباً من المواد الغذائية، بزيادة قدرها 12%، وفشلت الأرقام في الانخفاض في عام 2021. وأشارت فريجو إلى أن “الطلب على الغذاء لا يزال مرتفعاً”.
قالت إيزابيلا كاتابانو، المديرة العامة لمنظمة “ألبيرو ديلا فيتا” (Albero della Vita foundation)، إن عدد الأسر التي ساعدتها الجمعية الخيرية تضاعف أربع مرات على أساس سنوي في عام 2020 إلى ما يزيد قليلاً عن 1000 أسرة.
وأوضحت كاتابانو: “في بعض الأحيان يكون لدى المرء انطباع بأن الفقر لا وجود له في الدول المتقدمة، لكنه موجود هناك بالفعل، فخلال فترة تفشي الوباء، تدهور الوضع في كثير من الحالات بشكل مفاجئ، وتُرك الكثير من الناس دون أي شيء”.
وعلى وجه الخصوص، كان الأشخاص الذين عملوا في الاقتصاد غير الرسمي في إيطاليا “أكثر هشاشة”، حيث “تم استبعادهم من شبكة الأمان التابعة للدولة”، على حد قولها.
في الولايات المتحدة، كانت بنوك الطعام تخدم أفراداً أكثر بنسبة 55% مما كانت عليه الوضع قبل الوباء، وفقًا لمؤسسة “فيدينج أمريكا” (Feeding America)، التي تدير شبكة وطنية من بنوك الطعام. ويقال إن 45 مليون شخص عانوا من انعدام الأمن الغذائي العام الماضي.
في حين أن الرقم كان أقل مما كان عليه بعد الأزمة المالية في عام 2008، عندما أثر انعدام الأمن الغذائي على 50 مليون شخص، إلا أن تضخم أسعار الغذاء أصبح مصدر قلق أكبر، حسبما قال كريج جوندرسن، أستاذ الاقتصاد الزراعي والاستهلاكي في جامعة إلينوي.
ارتفعت أسعار السلع الغذائية المتداولة في الأسواق الدولية في الآونة الأخيرة، مدفوعة بالجفاف في مناطق التصدير الرئيسية بالإضافة إلى التخزين من قبل بعض الحكومات والشركات.
وقد تأثرت الدول النامية، التي تعتمد على الواردات الزراعية والمواد الغذائية الأقل معالجة، بشكل حاد، في حين أن الدول الغنية ستشعر بالآثار قريباً، بحسب خبراء الاقتصاد.
قال كريستيان بوجمانز، الاقتصادي في صندوق النقد الدولي، إن أسعار منتجي المواد الغذائية ارتفعت بأسرع وتيرة منذ عام 2008، وهذا من شأنه أن يلعب دوراً أقوى في قيادة إحصاءات التضخم الرئيسية مقارنة بالماضي القريب.
وتوقع بوجمانز وزملاؤه ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاستهلاكية في الدول الغنية في المتوسط بمقدار 4.5% بحلول نهاية عام 2022.
كذلك، حذر من أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قد يواجهان ضغوطاً إضافية على الأسعار بسبب السياسات النقدية والمالية المتساهلة، كما أن الظروف الجوية الجافة في أجزاء من الولايات المتحدة هذا العام قد تزيد من تضخم أسعار المواد الغذائية الاستهلاكية، رغم صعوبة تحديد هذا الأمر في هذه المرحلة.
وأعرب خبراء المعونة عن قلقهم من أن المستويات المرتفعة للفقر والجوع في الدول الغنية ستؤثر على قدرتهم على تقديم المساعدات إلى الدول الفقيرة.
وبهذا الصدد، كان حسين، من برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، يشعر بالقلق من تقلص القدرة الجماعية للعالم على الاستجابة للجوع والفقر، حيث تزداد الاحتياجات بينما تمتلك الدول الغنية موارد أقل لتلبية هذه الاحتياجات.