اقتصادات جنوب شرق آسيا تصارع من أجل البقاء


 

18% من الشركات الأوروبية العاملة فى فيتنام نقلت أعمالها لدول أخرى

 

 

حتى فى الوقت الذى تكافح فيه واحدة من أسوأ حالات تفشى «كورونا» فى العالم، تدرك الدول بجميع أنحاء جنوب شرق آسيا – ببطء – أنها لم تعد قادرة على تحمل القيود الوبائية التى تعوق النمو الاقتصادى والتى يلزم التخلص منها.

وفى طوابق المصانع فى فيتنام وماليزيا، وفى صالونات الحلاقة فى مانيلا أو أبراج المكاتب فى سنغافورة، تمضى الجهات التنظيمية قدماً بخطط إعادة الافتتاح، فى محاولة لتحقيق التوازن بين احتواء الفيروس والحفاظ على حركة الناس والأموال.

ومن شأن هذا الأمر أن يؤدى إلى مجموعة من التجارب بما فى ذلك الطعام الذى يتم تسليمه من قبل القوات العسكرية، والعمال المعزولين، وعمليات الإغلاق الصغيرة، والوصول إلى المطاعم والمكاتب المحصنة فقط.

وعلى النقيض من أوروبا والولايات المتحدة، اللتين تحركتا بالفعل فى مسار إعادة الفتح، فإن معدلات التطعيم المنخفضة فى المنطقة تجعلها من بين أكثر دول العالم عرضة لمتحور «دلتا» الأشد فتكاً.

وفى ظل تعزيز جولات التحفيز السابقة للموارد المالية للدولة وتضاؤل القوة النارية للسياسة النقدية، فإن عمليات الإغلاق أصبحت أقل قابلية للاستمرار يوماً بعد يوم، حسبما نقلت وكالة أنباء «بلومبرج».

وقال كريستال تان، الاقتصادى لدى مجموعة أستراليا ونيوزيلندا المصرفية المحدودة، إنه توازن صعب بين الحياة وسبل العيش، مشيراً إلى أن سنغافورة أيضاً عانت ارتفاع حالات العدوى رغم معدلات التطعيم الرائدة عالمياً.

وانتشرت عمليات إغلاق مصانع جنوب شرق آسيا، ما تسبب فى حدوث مشكلات فى سلاسل الإمداد العالمية، حيث خفضت شركات صناعة السيارات، مثل «تويوتا موتور»، الإنتاج، كما حذر متجر بيع الملابس بالتجزئة «أبيركرومبى آند فيتش» بأن الوضع «خارج عن سيطرتنا».

وتجاوز معدل وفيات «كورونا» اليومى فى العديد من دول جنوب شرق آسيا المتوسط العالمى، ما ساعد على دفعها إلى أسفل تصنيف »بلومبرج« للمرونة فى التعامل مع »كوفيد-19«.

ومع ذلك، يشعر المسئولون بقلق متزايد بشأن ما يعنيه هذا الأمر من الناحية الاقتصادية إذا استمرت القيود لفترة طويلة جداً رغم بطء مستوى التطعيمات.

وكذلك، خفضت ماليزيا توقعاتها للنمو الاقتصادى لعام 2021 إلى النصف لتتراوح بين 3% و4%، حيث سجلت حالات الإصابة اليومية أرقاماً قياسية، كما أن انتعاش تايلاند المأمول سرعان ما يتلاشى.

وحتى فى الأماكن التى تبدو فيها التوقعات مثيرة للإعجاب – فمن المتوقع أن ينمو اقتصاد فيتنام بنسبة 6% هذا العام وسنغافورة ستصل إلى 7% – ثمة ضغط متزايد لمعالجة العوائق التى تواجه سلاسل الإمداد العالمية ولتجنب تثبيط شهية المستثمرين الأجانب للمنطقة الديناميكية.

ويقول ويليان ويرانتو، الاقتصادى فى المؤسسة المصرفية الصينية الخارجية المحدودة، إنَّ دول جنوب شرق آسيا تهالكت؛ بسبب التكاليف الاقتصادية من جولات الإغلاق المتعاقبة والشعور المتزايد بالإرهاق بين سكانها مع استمرار الأزمة.

وأضاف: «أى أمل فى إعادة فتح الحدود بشكل واسع النطاق لتسهيل تدفق التجارة والسياحة عبر مختلف دول الآسيان سيبقى حلماً بعيد المنال».

وعندما يتعلق الأمر بالتأثيرات على سلاسل الإمداد العالمية، كانت المخاطر فى فيتنام تأتى ضمن أعلى المعدلات، حيث فرضت عمليات الإغلاق الصارمة على نحو متزايد تكلفة عالية للمصنعين والمصدرين بينما فشلت فى وقف انتشار متحور «دلتا».

وحذرت وزارة التجارة الفيتنامية مؤخراً من أنها تخاطر بخسارة العملاء فى الخارج؛ بسبب القيود الصارمة التى أغلقت المصانع، وقدرت غرفة التجارة الأوروبية فى فيتنام أن 18% من أعضائها نقلوا جزءاً من إنتاجهم إلى دول أخرى لضمان حماية سلاسل الإمداد الخاصة بهم، ويتوقع أن يتبعهم المزيد.

ويبدو أن صبر العامة بدأ ينفد فى جميع أنحاء المنطقة، خاصة أنهم حاربوا الفيروس لفترة أطول من معظم دول العالم، ونتيجة ذلك، هناك الآن تحول متزايد فى جنوب شرق آسيا للتعامل مع «كوفيد- 19» باعتباره مرضاً مستوطناً، حيث تحاكى أمثال ماليزيا وإندونيسيا وتايلاند استراتيجية سنغافورة لتعلم «التعايش مع الفيروس».

وبدلاً من عمليات الإغلاق الوطنية أو الإقليمية، تتطلع الفلبين إلى تطبيق قيود على التنقل فى المناطق الأكثر استهدافاً، كما تختبر فيتنام أيضاً هذه الاستراتيجية، حيث أقامت «هانوى» نقاط تفتيش للسفر ويغير المسئولون القيود بناءً على مخاطر الوباء فى مناطق مختلفة من المدينة.

ويمكن فقط لمن لديهم بطاقات لقاح دخول مراكز التسوق وأماكن العبادة فى جاكرتا، أو التوجه إلى دور السينما فى ماليزيا، كما يتعين على المطاعم فى سنغافورة التحقق من حصول زوارها على التطعيم، وفى مانيلا، يفكر المسئولون فى «فقاعات لقاح» لأماكن العمل ووسائل النقل العام.

ورغم أن هذه الاستراتيجية ربما تخفض الضرر الذى يلحق بالاقتصاد الأوسع، فإنَّ الخطر يكمن فى أن التوزيع غير المتكافئ للقاحات قد يلحق الضرر بشكل غير عادل بذوى الدخل المنخفض.

لمتابعة الاخبار اولا بأول اضغط للاشتراك فى النسخة الورقية او الالكترونية من جريدة البورصة

مواضيع: فيروس كورونا

منطقة إعلانية

نرشح لك


https://www.alborsanews.com/2021/09/15/1461008