التوسع فى زراعة 5 محاصيل رئيسية ضمن خطة قومية للنهوض بقطاع الزيوت
تستورد مصر نحو %98 من احتياجاتها من الزيوت النباتية سنويًا، سواء كانت منتجات خام فى شكل مناقصات تطرحها الهيئة العامة للسلع التموينية، أو منتجات أولية (بذور) يستوردها القطاع الخاص للتصنيع منها، وهو ما يخدم صناعات أخرى مرتبطة بها مثل الأعلاف، ولكن بتكلفة أعلى لضعف المساحات المنزرعة منها محليًا.
قال سيد بسيونى، رئيس شركة أرما للزيوت، إن ارتفاع الأسعار العالمية للزيوت النباتية أثر كثيرًا على شكل السوق فى مصر خلال الفترة الأخيرة.
أضاف أن ارتفاع الأسعار العالمية للخامات لم تستطع السوق المحلية تقبله بعد، خصوصا أن المستهلكين فى مصر غيروا سياسات الاستهلاك، وتوجهوا نحو التقنين قدر الإمكان لتوفير النفقات.
وشهد العام الحالى قفزات فى أسعار الزيوت النباتية بنحو %40 تقريبًا، جراء الأزمات الاقتصادية والاختناقات التى تعانى منها الأسواق العالمية فى ظل أزمة فيروس كورونا.
ووفقًا لمؤشرات «بلومبرج» بلغت ارتفاعات أسعار الزيوت مستويات قياسية فى أخر 12 شهرًا، بنمو %124 لزيوت الصويا، و%59 لزيوت النخيل، و%62 لبذور الذرة المنتجة للزيت، و%54 لبذور الصويا أيضًا.
قال حازم الشاذلى رئيس شركة الحامد لاستخلاص الزيوت، إن الارتفاعات العالمية أثرت على الأسعار المحلية، وهو ما لم يستطع السوق تقبله، وبالتالى تتحمله المصانع من الأرباح، مما يأكل من رأس المال فى النهاية.
ووفقًا لمؤشرات السوق المحلية، تبلغ أسعار الزيوت (جملة) بين 20.3 و21.7 ألف جنيه للطن من الصويا، و20.3 ألف للأولين، و25 ألفًا للذرة، و24 ألفًا لزيوت دوار الشمس.
وتسعى وزارة الزراعة لتنفيذ خطة للتوسع فى زراعة المحاصيل الزيتية بهدف تقليل فجوة استيراد الزيوت الغذائية التى تصل لـ%98، عبر زراعة 5 محاصيل زيتية رئيسية هى دوار الشمس، وفول الصويا، والسمسم، والفول السودانى، والكانولا.
قال فنجرى صديق رئيس قسم بحوث المحاصيل الزيتية بمركز البحوث الزراعية، إن الوزارة تعمل من خلال توجيهات حكومية لضع حلول جذرية لزيادة إنتاجية المحاصيل الزيتية ومحاولة سد الفجوة بين الإنتاج المحلى والاستهلاك السنوى العام.
وأوضح أن زيادة المساحات سيأتى من خلال التوجيه بالزراعة التعاقدية لمحصولى دوار الشمس وفول الصويا.
وفقًا لإحصائيات العام الماضى، استوردت مصر نحو %98 من احتياجاتها من الزيوت الغذائية النباتية، بإجمالى 2.7 مليون طن زيت، بخلاف 3.8 مليون طن بذور لعصرها محليًا.
أضاف: أن أهم خطوات سد الفجوة من الزيوت، تتمثل فى تشكيل وزارة الزراعة لجنة للزراعة التعاقدية بالتعاون مع وزارة التموين، تتألف من الادارة المركزية لإنتاج التقاوى، والإدارة المركزية لفحص واعتماد التقاوى، معهد بحوث المحاصيل الحقلية.
واقتصرت الزراعة التعاقدية على محصولى عباد الشمس وفول الصويا، كبداية، وتحدد سعر شراء عباد الشمس من المزارعين بـ8500 جنيه للطن، كما تم تحديد سعر طن الفول الصويا بـ8000 جنيه، وتم أيضًا تحديد المصانع التى ستتسلم المحاصيل، وتوزيع العقود فى مديريات الزراعة على مستوى الجمهورية.
وقال صديق، إن محصول دوار الشمس يأتى على رأس المحاصيل الأكثر ربحية بين سلة المحاصيل الزيتية، إذ يزرع 3 مرات سنويًا، وينتج الفدان 1.5 طن فى المرة الواحدة، بإجمالى 4.5 طن فى الـ3 مرات زراعة، وتصل الربحية 4 أضعاف التكلفة بناءً على الأسعار التى خددتها وزارة الزراعة.
ويُزرع محليًا صنف «سخا 53» من صنف دوار الشمس، واستوردت الوزارة نحو 25 طنًا العام الجارى لسد الفجوة فى بذور الزراعة، وذلك على مرتين، وتعد مشكلة التقاوى، أحد أبرز عقبات التوسع فى محصول الفول الصويا كمحصول زيتى، لذلك تم تطبيق الزراعة التعاقدية مع المزارعين لإنتاج تقاوى الأساس وتوزيعها سواء للإدارة العامة لإنتاج التقاوى أو شركات إنتاج التقاوى المحلية، كما تم زراعة 150 فدانا مؤخرًا، وفقًا لبيانات قسم البقوليات بمركز البحوث.
قال صديق، إنه يجب وضه آليات تضمن تنفيذ الزراعة التعاقدية على أرض الواقع من خلال تنفيذ التعاقد فعليا من قبل لجنه التعاقدات بوزارة الزراعة واستلام المحصول من المزارعين.
وقال على عيسى رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، إن تشجيع التصنيع الزراعى شأنه شأن القطاع الصناعى بشكل عام، إذ يتطلب توفير أراضى بأسعار مميزة، وإعادة النظر فى الأعباء التى تتحملها المصانع المصرية، مثل الرسوم والضرائب العقارية.
أضاف عيسى، أنه لابد من دراسة الدول المنافسة لمصر فى الأسواق العالمية وبحث سبل جذبهم للاستثمارات الصناعية، والحوافز المقدمة للمستثمرين الأجانب والمزايا التى يتمتع بها القطاع الصناعى فى تلك الدول، وتطبيق ما يتناسب مع طبيعة احتياجات وتطلعات مصر.
وتابع: «شق هام يحتاج لنظرة خصوصا فيما يتعلق بالتصنيع الزراعى، وهو زراعة المواد الخام مثل البذور الزيتية المستخدمة فى صناعة الزيوت، وهى تحتاج لمعاملة مميزة للتشجيع على زراعتها، خاصة أن إنتاجها الحالى متدنى للغاية»، وشدد على أهمية تشجيع البحوث الخاصة بزراعة المحاصيل الزيتية فى مصر لتحسين البذور وتوفير التقاوى لزيادة إنتاجيتها، بالإضافة لتشجيع المزارعين لزراعاتها من خلال منحهم قروض ميسرة، وتحديد القيمة العادلة لإنتاجهم بالنسبة لباقى المحاصيل الزراعية.
أوضح: «زراعة المحاصيل الزيتية، قد تكون مربحة فى دولة ما، وقد لا تكون فى أخرى، والفيصل فى قرار توطين زراعتها وتقليل فاتورتها الاستيرادية يعود لرؤية الدولة واستراتيجيتها، وإذا تطلبت رؤية الدولة توطينها سيكون هناك حاجة لدعم زراعتها بطريقة مباشرة».
قال هشام النجار، العضو المنتدب لشركة دالتكس للمحاصيل الزراعية، إن زراعة المحاصيل الزيتية مُكلفة للغاية فى بلد مثل مصر لاحتياجها لكميات كبيرة من المياه، لذلك قد لا تكون مربحة بالنسبة للمزارعين.
أضاف النجار، أن شركة «دالتكس» حاولت زراعتها خلال الدورة الزراعية، لكن وجدتها مكلفة بصورة لا تتناسب مع أسعار البيع، وحاول قسم الأبحاث فى الشركة تطوير بذور أو تقاوى المحاصيل الزيتية لتقليل تكلفتها ولكن تلك المحاولات لم تُجد نفعا.
أوضح النجار أن أنسب حافز لزراعة المحاصيل الزيتية هو دعمها ماديًا بشكل مباشر مثل القمح، لأن أسعارها للبيع تكاد تكون سعر التكلفة فى مصر، إذ أن زراعتها فى دول أمريكا اللاتينية معتمد على الأمطار وهو بند يعتبر مجانى هناك عكس الحال فى مصر.