الحكومة تعمل على تحسين جودة الإنتاج الزراعى لتحقيق أكبر قدر من الاكتفاء الذاتى الغذائى
مستشار وزير التموين: اللجوء للتسعيرة الجبرية يجب أن يكون مؤقتًا
طالب الدكتور مدحت نافع مستشار وزير التموين والتجارة الداخلية ورئيس الشركة القابضة للصناعات المعدنية السابق بتأسيس هيئة لإدارة المخاطر المالية بكافة أشكالها تحظى بقدر من الاستقلالية وتتبع رئاسة مجلس الوزراء ويراقبها البرلمان على غرار الهيئة العامة للرقابة المالية.
ويشهد السوق العالمى مجموعة من المتغيرات الكبرى جراء أزمة الطاقة وضعف سلاسل الإمداد والتوزيع علاوة على ارتفاع تكاليف الشحن الأمر الذى أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والكثير من السلع الأساسية.
وتعد هذه الزيادات مؤثرة بالنسبة لبلد مثل مصر يستورد الكثير من احتياجاته الغذائية من الخارج.
وذكر نافع، أن الهدف من هذه الهيئة سيكون تولى التعامل على العقود المستقبلية وإدارة محفظة مختلف المشتقات الصادرة بغرض التحوّط ضد تقلبات كافة السلع الحكومية المستوردة من الخارج سواء كانت بترولية أو غيرها من السلع الأخرى وقد تكون أنشطة تلك الهيئة فى ذاتها مصدراً للدخل فى بعض الأحيان.
وكانت الحكومة منذ ما يقرب من أربع سنوات قد بدأت فى التعاقد مع بنوك استثمار لإدارة عمليات التحوط ضد مخاطر أسعار البترول العالمية فى ظل توجهاتها للمحافظة على الاستدامة المالية وخفض معدلات الدين وسط التذبذبات القوية التى يشهدها قطاع النفط.
وقال نافع فى حوار لـ»البورصة» إن وجود جهة مستقلة تعمل على التحوّط عبر الأدوات المالية التعاقدية بشكل عام قد يأتى بنتائج أعلى تنافسية وكفاءة من تعاقد الجهات الحكومية المختلفة مع بنوك الاستثمار المتخصصة بشكل فردى. مضيفا أن بريطانيا عدّلت من تكوين جهات الرقابة المالية بها عقب أزمة الرهن العقارى فى 2008 لتنشئ جهة مستقلة لإدارة المخاطر.
وأشار إلى أن الهيئة سيكون لديها قطاعات لإدارة المخاطر لتبادل المعرفة والمعلومات مع بعضها البعض، وليس عبر إدارات الوزارات والهيئات.
وأوضح أن عقود التحوط ضد مخاطر أسعار البترول لا تقتصر أثارها على المواد البترولية فقط وإنما تمتد إلى القطاعات الاقتصادية الأخرى ومن ثم فإن وجود محللين اقتصاديين وماليين بهذه الهيئة سيخلق رؤية أكبر لتوقيتات وعمليات شراء وبيع العقود المستقبلية وعقود الخيارات، كما يجعل لتلك الهيئة قوة تفاوضية أعلى مع بنوك الاستثمار.
وأضاف أن كبار الاقتصاديين يتحدثون فى الوقت الراهن عن موجه تضخم «أبدى» على حد تعبيرهم! الأمر الذى يتطلب تأسيس هذه الهيئة فى الوقت الحالى.
وقالمستشار وزير التموين إن أبرز المشكلات التى تواجه القطاع الغذائى فى الوقت الراهن هى الطاقة والتغير المناخى، وضرب مثلاً بارتفاع أسعار القطن عالميا بشكل كبير والذى تسبب فيه موسم الأمطار فى تكساس وبعض الولايات الأمريكية المؤثرة فى محصول القطن.
واشار إلى أن أزمة الغذاء والمواد الأولية الراهنة سببها عدم تراجع الاستهلاك مع انتشار الجائحة فى حين تراجع (وأحياناً توقّف) الإنتاج فى كثير من المصانع والمزارع، ومن ثم فإن العودة من تلك الحالة تتطلّب طاقة كبيرة لإعادة التشغيل بغرض مواكبة الاستهلاك الذى تراكمت طلباته بالوحدات الاقتصادية لما يزيد عن عام ولتعويض نفاد المخزون ومقابلة الزيادة الطبيعية فى الطلب… ولا يوجد حل سحرى لمواجهة هذه الأزمة.
وقال نافع إن وزارات الزراعة والتموين والرى وعددا كبيرا من الجهات تعمل جميعاً على تحسين جودة الإنتاجية الزراعية وتنميتها بهدف زيادة معدلات الإنتاج وتحقيق قدر أكبر من الاكتفاء الذاتى فى عدد من المنتجات الغذائية عبر اتباع منظومة للرى الحديث تعمل على تخفيض استهلاك المياه واستخدام أفضل أساليب الزراعة والبذور المحسّنة، كما تمت تجربة زراعة قصب السكر عن طريق الشتلات وكانت النتيجة جيدة للغاية، ويمكن تعميم تجربة لجنة تنمية محصول السكر على عدد كبير من المحاصيل.
وأشار نافع، إلى ضرورة قيام البنك المركزى بالنظر فى رفع أسعار الفائدة بمعدل 100 نقطة أساس على الأقل لمواجهة زيادة معدلات التضخم كنوع من الاحتواء السريع.
وكان الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء قد أعلن عن ارتفاع معدل التضخم السنوى لإجمالى الجمهورية إلى %8 فى سبتمبر 2021 مقابل %3.3 لنفس الشهر من العام السابق.
وقال مستشار وزير التموين إن معالجة ظاهرة التضخم بشكل عام يكون عبر استخدام ادوات السياسة النقدية كسعر الفائدة وعمليات السوق المفتوحة، لكنه فى المقابل ينبغى تحليلها لمعرفة اسبابها على جانبى العرض والطلب، لأن التضخم المدفوع بعوامل العرض تختلف سبل مواجهته عن ذلك المدفوع بعوامل الطلب وزيادة السيولة.
وذكر أن فكرة فرض تسعيرة جبرية على أسعار المنتجات لمواجهة ظاهرة ارتفاع الأسعار ليست قابلة للاستدامة وقد يجرى اتخاذ هذا الإجراء لمدة قصيرة لكن آثاره قد تمتد لفترة أطول.
وقال إن هناك اتجاها لزيادة الاكتفاء الذاتى من السلع الغذائية فى سلع لا يمكن الاستغناء عنها كأحد الحلول لمواجهة الأزمة العالمية للغذاء، مشيرا إلى أن الدولة نجحت فى رفع معدلات الاكتفاء بسلع كالدواجن والبيض والسكر بجانب سلع أخرى نعمل على إحلال الواردات بها كالزيوت والخضروات والفاكهة.
وأضاف أن تنويع مصادر المحاصيل والسلع الغذائية من الخارج يمثل حلاً اخر للتغلب على مثل هذه الأزمات، كما يوجد توسع فى عمليات الزراعة التعاقدية للمحاصيل بشكل يمكّن الفلاح من التخطيط للمحاصيل المنزرعة.
وشدد نافع على ضروة التعامل بشكل حازم مع ظاهرة الحيازات الزراعية المفتته من خلال المجمّعات الزراعية والتخطيط الزراعى، حيث انه من الصعب تطبيق أساليب الرى والميكنة الزراعية الحديثة وتخطيط للمحاصيل إلا على مساحات كبيرة وواسعة من الأراضى.
وعلى جانب سوق المال قال نافع إن البورصة تحتاج الى أن تعود الى المسار الذى كانت عليه فى عام 2010 والذى تضمن مسارا وخطة لتحويل مصر إلى مركز مالى إقليمى بالمنطقة، كما يوجد فرصة حالية لتنفيذ هذه الخطة.
وطالب بادراج صناديق استثمار عقارية بالبورصة، ووجود وثائق لصناديق الذهب كنوع من تنويع المنتجات المالية لجذب مستثمرين أكبر لسوق المال خاصة وأن العقار والذهب مازالا يعدان من أهم الملاذات الاستثمارية الآمنة عبر الدول.
وذكر أن استهداف ذات النوع من القطاعات المدرجة فى البورصة بطروحات مستقبلية يعد غير جاذب للمستثمرين من خارج السوق ولن يكون سوى توزيع للسيولة بالمحافظ الاستثمارية القائمة.
وتعليقا على طرح العاصمة الإدارية الجديدة فى البورصة قال نافع «إنها شركة عملاقة وأتمنى طرحها فى البورصة، لكن بالنسبة لبورصتنا اليوم فليس من المنطقى أن ترمى بحجر كبير فى بركة جافة وتنظر منه أى أثر، بورصتنا تحتاج إلى سيولة وتحتاج إلى وجود اكثر من شركة كبيرة بمؤشراتها السعرية كى لا تتحول إلى شركة السهم الواحد وتخضع تعاملاتها لتلاعبات نفر قليل من المتعاملين».
وأضاف أن البورصة المصرية فى الوقت الراهن تعانى من ضعف كبير فى رأس المال السوقى بالنسبة إلى الناتج المحلى الإجمالى، فقد تراجعت تلك النسبة إلى ما يقرب من %11 بعدما تجاوزت %100 عام 2008 وتقترب من %200 فى سنغافورة وتزيد عن %1700 فى هونج كونج.
وذكر أن البورصة تفتقد الى الترويج والمنتجات المختلفة، الأمر الذى يتطلب وضع رؤية متكاملة يقودها لجنة استشارية من مختصين بالبورصات والمؤسسات المالية الكبرى لنقل خبراتهم للسوق المصرى كما جرى فى السابق.
وأشار مستشار وزير التموين إلى أن تلك اللجنة الاستشارية كان لها الفضل تاريخياً فى مناقشة استحداث أدوات جديدة منها صناديق المؤشرات والحقوق والمشتقات واليات بيع الأسهم المقترضة والشراء الهامشى، فضلاً عن استحداث نظم التداول والرقابة على التداول الجديدة.
وقال إن البورصة المصرية فى وقت سابق كانت تخطط لاندماج مع بورصات اقليمية وخارج الإقليم لمواجهة التحديات العالمية ومواكبة البورصات الكبرى التى حققت العديد من الاندماجات الناجحة.
