اتجه كثير من مصنعى الكرتون، نحو تعميق منتجاتهم محلياً، وتقليل الاعتماد على الخامات المستوردة؛ لمواجهة ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج، وتقليل الأثر السلبى لارتفاع أسعار الشحن الدولى.
وتأثر المنتجون فى قطاعات صناعية أخرى بارتفاع أسعار الكرتون، بالتوازى مع الزيادة السعرية التى شهدتها مواد التعبئة والتغليف عموماً.
قال مينا صبحى، المدير المالى لشركة دايس باك، المتخصصة فى إنتاج الكرتون، إنَّ العام الحالى شهد ارتفاعاً ملحوظاً فى أسعار خامات الكرتون، خصوصاً أنَّ الشركة تعتمد بنسبة كبيرة على خامات مستوردة.
أضاف أن الشركة لجأت لرفع نسبة الخامات المحلية التى تعتمد عليها لمواجهة زيادة الأسعار عالمياً، وشجعها على ذلك ارتفاع جودة المنتجات، حتى نجحت فى الوصول إلى نسبة %80 من الخامات محلية الصنع.
وأوضح «صبحى»، أنَّ الشركة قررت زيادة إنتاجها بمعدلات كبيرة، مع تقليل هامش الربح؛ للحفاظ على حصتها السوقية، ومواجهة تقلبات السوق الحالية، إذ تُصدر كميات كبيرة، ولكن بشكل غير مباشر، من خلال شركات تعتمد على «دايس باك» فى المنتجات التصديرية.
وتابع: «فى كثير من الأحيان نفتح أسواقاً تصديرية جديدة للشركة، وأحياناً نتلقى طلبات من عملاء فى الخارج عندما يطالعون جودة الكرتون».
ويتوجه %60 من إنتاج الشركة إلى منتجات تصديرية، وتسعى حالياً للتصدير المباشر من خلال منتجات تعبئة الوجبات السريعة، خصوصاً عبوات البيتزا للسوق الأوروبى.
وتوجهت الشركة بالفعل للسوق الإيطالى كبداية للانطلاق فى أوروبا.
أكد المدير المالى لشركة دايس باك، أنَّ الشركة تعكف على وضع خطة تسويقية للبلدان الموقع بينها وبين مصر اتفاقيات تسهيلات جمركية، للاستفادة منها.
وأشار إلى أن المصانع تواجه أزمة كبيرة فى استيراد خامات الدشت، ما يمثل مشكلة كبيرة؛ بسبب نقص خامات إعادة التدوير محلياً، وعدم كفايتها لتغطية الطلب.
وقال عبدالرحمن سند، ممثل شركة كربونا لصناعة الورق المقوى، إنَّ تصدير الكرتون أو الورق عموماً، رفع أسعار الخامات؛ لأن الصناعة تعتمد على إعادة تدوير الورق، ما يرفع أسعار المنتج النهائى.
كما أن عدم استقرار أسعار الخامات، أدى إلى عدم قدرة الشركة على التسعير، ما يؤثر على علاقتها بعملائها.
أضاف أن الصناعة ما زالت تعانى الآثار السلبية لجائحة كورونا، فى كل القطاعات وحتى الآن، وهى غير قادرة على تحقيق الاستقرار؛ بسبب ارتفاع أسعار الشحن والخامات، وتذبذب العرض والطلب.
وأكد حسن الفندى، عضو غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، أنَّ أسعار مواد التعبئة والتغليف بمختلف أنواعها، ومن ضمنها الكرتون تشهد زيادة مستمرة العام الحالى.
وأوضح أن تكلفة العبوة من الكرتون تختلف من منتج لآخر، ما يسبب ارتباكاً لدى الشركات فى احتساب التكلفة.
أشار «الفندى»، إلى تراجع القوة الشرائية، وانخفاض الطلب على بعض المنتجات مثل الحلوى على سبيل المثال، ما يقيد الشركات ويجعلها غير قادرة على اتخاذ قرار زيادة الأسعار، إذ تسعى لامتصاص الزيادة من هامش ربحها؛ حتى لا تؤثر على حركة السوق.
وقال المهندس حازم بشر، رئيس مجلس إدارة شركة سيتى جلاس لزجاج المائدة، إنَّ أسعار مواد التعبئة والتغليف ارتفعت بنسبة %50 خلال 3 أشهر فقط لمنتجات الكرتون والمطبوعات، وجاءت متزامنة مع زيادة تتراوح بين 10 و%15 فى الخامات الكيماوية، فضلاً عن ارتفاع تكلفة التصنيع، وزيادة أسعار الطاقة مؤخراً.
وأكد أن تراجع القدرة الشرائية وانخفاض الطلب فى السوق المحلى جعلا الشركات غير قادر على زيادة أسعار منتجاتها؛ حتى لا يتوقف البيع.
وشدد «بشر»، على أهمية دعم الحكومة للمصانع فى مواجهة الزيادة المستمرة فى الخامات، وارتفاع تكلفة الإنتاج؛ كى تتمكن الشركات من مواصلة المنافسة فى السوقين المحلى والخارجى.
وقال محمود الزنوكى، نائب المدير العام لمجموعة الزنوكى للأوانى المنزلية، إنَّ ارتفاع أسعار الكرتون وعدم استقرارها يربكان حسابات الشركات ويجعلانها غير قادرة على احتساب التكلفة.
وأوضح أنَّ ارتفاع أسعار الكرتون يأتى فى الوقت الذى ارتفعت فيه أسعار باقى الخامات من الألمونيوم ومختلف مستلزمات الإنتاج ومواد الطلاء وتكلفة الشحن الدولى، ما دفع الشركة لرفع أسعارها أكثر من مرة العام الحالى.
وقال حمدى الأبرق، رئيس مجلس إدارة مجموعة MO، إنَّ الزيادة فى أسعار الكرتون أجبرت بعض الشركات على اللجوء للمنتج المحلى بديلاً للمستورد فى ظل ارتفاع الأسعار وزيادة أسعار الشن الدولى.
وبالرغم من ذلك فإنَّ قطاع الصناعات الغذائية ملتزم بمواصفات معينة؛ نتيجة طبيعة وحساسية السلع الغذائية والتى تجبر الشركات على الالتزام بها، إذ تضاعف سعر بعض عبوات الكرتون خلال شهرين فقط.
وتابع: «مشكلة الصناعة لا تكمن فى ارتفاع أسعار الكرتون.. لكنها تأتى فى الوقت الذى ارتفعت فيه أسعار جميع السلع والخامات، ومنها السكر، والكاكاو، والزبد، وملح الليمون.. والسوق لا يتقبل هذه الزيادات».
واعتبر محمد السيد، مدير المبيعات فى شركة توب باك، المتخصصة فى صناعة الكرتون، أن أبرز المشاكل التى واجهتهم خلال 2021، هى ارتفاع أسعار الخامات ونقصها، خصوصاً أن الشركة كانت تعتمد على خامات ومستلزمات إنتاج مستوردة بنسبة كبيرة.
أضاف أن السوق عانى، خلال النصف الأول 2021، ركوداً أثَّر على مبيعات الشركة سلباً، ومن ثم تضررت السيولة.
و«توب باك» كانت تعتمد بنسبة %40 من مكوناتها على خامات مستوردة، ولكن منذ بداية الجائحة، لجأت الشركة لتعميق منتجها محلياً حتى تراجعت نسبة المكون الأجنبى إلى %20، دون التأثير على جودة المنتج؛ حتى تتمكن الشركة من الحفاظ على عملائها.
وأكد أن المنتج الوحيد الذى لم تنجح الشركة فى تعميقه هو عبوات الفاكهة والخضراوات، لأن هذا النوع يعتمد على لب أبيض، ولا يناسبه مواد معاد تدويرها، وهى السمة الغالبة فى مصر.