ارتفعت أسعار الغاز الطبيعى العالمية، خلال أكتوبر الماضى، إلى أعلى مستوى تسجله منذ 2009، وبالرغم من الانخفاض الطفيف الذى طرأ فى نوفمبر، فإنَّ الدول الأوروبية تحديداً لم تكن قادرة على تجاوز هذه الأزمة.. لذلك وجهته لتلبية أغراض التدفئة المنزلية، وألزمت مصانعها بتقليل طاقاتها الإنتاجية.
وبينما تسبب نقص الغاز الطبيعى فى أزمة شمال البحر الأبيض المتوسط، فإنَّه أصبح صانعاً للسعادة جنوباً؛ حيث مصر.
ويؤكد منتجو الكرتون المصريون، أنَّ غلق مصانع أوروبا، أنعش الصناعة المحلية، ورفع الطلب عليها سواء فى السوق المصرى أو الأسواق التصديرية.
ويأتى هذا الانتعاش بالرغم من ارتفاع التكلفة الصناعية والسعر النهائى، خصوصاً أن السوق المحلى طالما عانى المنافسة الشرسة مع المنتج الأوروبى.
قال وليد زكى، المدير المالى بشركة إيماك، المتخصصة فى صناعة الكرتون، إنَّ أسعار الشحن البحرى ارتفعت بصورة كبيرة، وتتراوح أسعار الحاويات القادمة من أوروبا بين 6 آلاف و8 آلاف دولار، والقادمة من الصين بين 8 و12 ألف دولار، وتختلف الأسعار من ميناء لآخر.
أضاف أنَّ المصانع المحلية تعمل بطاقات جيدة بالرغم من ارتفاع أسعار الشحن والخامات سواء الدشت أو لب الورق، وذلك بسبب توقف الاستيراد تقريباً من دول أوروبا، ما وجه الطلب المحلى كله إلى المنتج المصرى، رغم ارتفاع سعره نسبياً.
أكد «زكى»، أنَّ مصانع الورق فى أوروبا مغلقة فى الوقت الحالى؛ بسبب أزمة ارتفاع أسعار الغاز، وسيمتد الإغلاق حتى نهاية العام؛ بسبب إجازات أعياد الميلاد، خصوصاً أنَّ المعروض لديهم يكفى لحالة الطلب بالنسبة للوقت الحالى هناك، كما توجد بوادر لانخفاض أسعار الشحن خلال الربع الأول من 2022.
وكشف أنَّ عودة الدراسة لطبيعتها، وتقديم الوجبات المدرسية، خلقا طلباً مرتفعاً على أسعار ورق الكرتون وورق الدوبلكس؛ لأنه يستخدم فى تغليف كل وجبة على حدة، وهو ما أدى لزيادة سعر ورق الكرتون الذى سيعاد تدويره.
أضاف أنَّ ارتفاع الطلب المحلى على ورق الكرتون المصرى، دفع بعض المصانع لزيادة استثماراتها؛ لأن الطلب متوقع ارتفاعه مستقبلاً، ويعيش قطاع الكرتون فى مصر حالة انتعاش ملحوظة؛ بسبب توقف واردات الكرتون، خصوصاً الأوروبى منها .
وقال عماد سلام، رئيس مجلس إدارة أفريكا بيبر كاب، إنَّ العام الحالى شهد طفرة فى الطلب على الورق بمختلف أنواعه والكرتون فى دول شمال أفريقيا ليكون بديلاً للمنتج الأوروبى فى هذه الدول.
وأشار إلى ارتفاع الطلب على ورق الكرافت المستخدم فى صناعة الأكياس الورقية دفع المصانع إلى تطوير منتجاتها؛ لتلبية الطلب المحلى والخارجى، خلال الفترة الراهنة، موضحاً أن هذه التغيرات جاءت بالتزامن مع تراجع الإنتاج العالمى، خصوصاً فى أوروبا فى ظل تفشى وباء كورونا عالميا، إذ خفضت المصانع فى أوروبا إنتاجها، وبالتالى انخفضت صادراتها.
كما عجزت فى توفير بعض الخامات وتأخير تسليم تعاقداتها، الأمر الذى دفع المستوردين فى دول أفريقيا للبحث عن المنتج المصرى.
لفت إلى زيادة الطلب بشكل ملحوظ فى دول شمال أفريقيا، وفى مقدمتها الجزائر، والمغرب لمنتجات الورق والكرتون منتجات نهائية وخامات؛ حيث دفعت زيادة أسعار الشحن من الصين لتوجيه جزء كبير إلى مصر لقرب المسافة معها.
وقال أنور محمود، رئيس مجلس إدارة شركة حورس لتصنيع الورق، إنَّ ارتفاع أسعار الغاز بالتوازى مع بدء فصل الشتاء فى أوروبا منذ فترة، تسبب فى غلق معظم الدول الأوروبية لمصانعها، وذلك رغبة منهم فى توجيه الغاز للتدفئة فقط، وتقليل ضغط المصانع عليه.
أضاف أن قرار وقف مصانع أوروبا، تسبب فى توقف صادرات الورق والكرتون، وهو ما أنعش الصناعة المصرية سواء فى السوق المحلى أو العالمى، ووجه الطلب المحلى للكرتون والورق المصرى بالكامل، ما أنعش المصانع، رغم ارتفاع أسعار الشحن والخامات والطاقة.
وكشف «محمود»، أنه فى ظل عودة الطلب لما كان عليه قبل جائحة كورونا، وعدم قدرة القطاع الصناعى على تلبيته، حدثت فجوة بين العرض والطلب لا تقل عن %30، ما رفع الأسعار ودفع السوق لتقبل الزيادة؛ لأنها أثرت على الجميع وليس على مصنع أو دولة بعينهم.
وتابع: «ارتفاع أسعار الغاز إلى 4.75 دولار للمليون وحدة حرارية بالنسبة للقطاع غير كثيف استهلاك الطاقة بدلاً من 4.50 دولار، رغم كونه سيرفع التكلفة الصناعية للورق بمتوسط %5.5، فإنه خير من عدم توافر الغاز أساساً مثل الدول الأوروبية».
أضاف أن توقف المصانع فى أوروبا بسبب أزمة نقص الغاز، فتح الباب على مصراعيه أمام صادرات الكرتون المصرى، ورفع الطلب المحلى عليه بشكل غير مسبوق؛ لأنه كان المنافس الأبرز للكرتون المصرى خلال سنوات ما قبل كورونا، حتى وإن ارتفعت الأسعار تأثراً بارتفاع أسعار الخامات أو الشحن أو الطاقة.
وتطرق إلى أن الصين أيضاً اتجهت لتقليل الطاقات الإنتاجية لمصانعها؛ بسبب عجز الطاقة الكهربائية هناك.. لذلك، فإنَّ منافسى مصر فى قطاع الكرتون خارج نطاق الخدمة لفترة ليست بالقليلة، وهى فرصة للمصانع المصرية لتثبيت أقدامها فى السوقين المحلى والعالمى.