الموجة التضخمية سببها زيادة معدلات الطلب عن الإنتاج.. وارتباك سلاسل الإمداد
إطلاق برامج اقتصادية تعطى أولوية لحياة البشر وسلامتهم الصحية أصبح ضرورة قصوى
مصر لديها فرص استثمارية هامة وواعدة فى قطاعى الكهرباء والمرافق الحيوية
شارك الدكتور محمود محيى الدين، المدير التنفيذى لصندوق النقد الدولى، فى فعاليات النسخة الثالثة من قمة مصر الاقتصادية، والتى عقدت تحت رعاية رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى وحضور عدد كبير من الوزراء والمسئولين وقادة الرأى والمتخصصين فى المجال الاقتصادى وعدد من رجال المال والأعمال، وكانت مشاركة محيى الدين من خلال فيديو خاص وحصرى، لقمة مصر الاقتصادية، من مقر إقامته بواشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية.
وقال محيى الدين إن الاقتصاد العالمى كان متوقع له أن تصل معدلات النمو به إلى 6%، إلا أنه وبمراجعات عدد من المؤسسات الدولية، وصل معدل النمو إلى 5 – 5.9%، كما أن هناك مراجعة أخرى قد تكون تصل بمعدل النمو الى مستوى أدنى من ذلك، لأسباب مرتبطة بجائحة كورونا، والتطور الأخير المصاحب لها، بظهور متحور أوميكرون، بالإضافة إلى المشكلات الخاصة بسلاسل الإمداد العالمية وارتباكها وعدم قدرتها على تلبية الطلب الذى عاد بقوة أسرع من طاقات الإنتاج، مما أدى إلى حدوث هذه الموجة التضخمية، القائمة على مبدأ زيادة معدلات الطلب على معدلات الإنتاج.
وعن توقعاته السابقة، والمرتبطة بموجة التضخم، أضاف محيى الدين، أنه نشر مقال فى 6 مارس الماضى فى عدد من الصحف، تحدث فيها عن عودة التضخم، وتوقعاته بالوضع الحالي، وما إذا كان التضخم سوف يكون مؤقتا أو عارضا؟ أم سوف يبقى لفترة؟ وكان الرأى الأرجح الذى أدلى به أن التضخم قد يكون مرتفعا، وأنه على الدول المتقدمة أن تتخذ إجراءات للتعامل مع التضخم من خلال اتباع سياسات نقدية، تؤدى إلى انخفاض معدلات التضخم العالمى.
وأوضح محيى الدين، أن المشكلة الأكبر فى التضخم ترتبط بالدول متوسطة الدخل، والتى تشكل ثلث اقتصاد العالم وتضم 75% من سكانه، ويعيش بها 62% من فقراء العالم، وهى الدول التى لا تتمتع بمزايا الدول المتقدمة فيما يتعلق بالاستيراد الرخيص بالعملات المحلية، وعلى الجانب الآخر نجد أن أمريكا والدول الأوروبية، تقترض بعملة دولية، بالتالى لا تواجه مخاطر تغيرات سعر الصرف للعملات الأجنبية المقترض بها، بالإضافة إلى إمكانيات الدول المتقدمة بقدرتها على احتاجتها التمويلية من الأسواق الدولية، إلا أننا بعد الجائحة نرى ظاهرة انحصار تدفقات الأموال إلى الدول النامية وذات الأسواق الناشئة التى تحولت إلى أرقام سالبة، موضحا أن البنك المركزى المصرى يستهدف أن يكون معدل التضخم عند مستوى 7% بزيادة أو نقص فى حدود 2%، وهو ما تحقق فعليا فى أعوام وشهور سابقة، واصفا ذلك بالأمر الجيد.
وأوصى محمود محى الدين، بضرورة إطلاق برامج اقتصادية تعطى أولوية لحياة البشر وسلامتهم الصحية، وفى الوقت نفسه توفر الاستمرار فى دعم ومساندة أسباب معيشة المواطنين عبر إتاحة فرصة فرص عمل ونمو معدل النمو.
وقال إنه يجب على الأسواق الناشئة مراعاة تأثير التقيد النقدى الذى يتم فى الدول المتقدمة مع احتمال ارتفاع أسعار الفائدة وتأثيرها على تدفقات رؤوس الأموال، خاصة فى ظل التقلبات الحادة فى تدفقات الصرف للدول النامية.
وأشار “محى الدين”، إلى ضرورة عدم لجوء الدول الناشئة لأسواق الدين فقط ولكن جذب استثمار أجنبى مباشر، لافتًا فى هذا الصدد إلى أن مصر لديها فرص استثمارية هامة وواعدة فى قطاعى الكهرباء والمرافق الحيوية للاستثمار الخاص سواء فى الاستثمار المحلى والأجنبى من خلال التوسع فى النشاط إما من خلال المشاركة أو القيام بالمشروعات بشكل مستقل، وما يزيد من تنافسية هذه الفرص، ضخ مصر استثمارات الضخمة خلال الفترة الماضية فى مشروعات البنية الأساسية فى الطرق ومشروعات الطاقة التقليدية أو المتجددة، لتحقق نقلة نوعية فى هذه القطاعات.
وذكر محمود محى الدين، أن مواجهة التضخم يتطلب كذلك مراجعة الإطار العام لمجموعة العشرين بشأن معالجة الديون على مستوى العالم، مشيرًا فى هذا الإطار إلى أن هناك 3 دول حتى الآن هى تشاد وأثيوبيا وزامبيا وكلها دول افريقية لجأت للاستفادة من هذا القطاع العام لمعالجة الديون.
وأضاف محى الدين بضرورة التعامل المتوازن والعاجل مع تغيرات المناخ، حيث تستعد مصر لاستضافة قمة المناخ فى أكتوبر القادم، وهناك استثمارات مهمة موجهة لتخفيف آثار الانبعاثات الضارة للمناخ، مثل الاستثمار فى الطاقة البديلة والمتجددة.
وقال محى الدين: “فيما يرتبط بأهمية الاستثمار العام والخاص فى قضية التضخم هناك إجراءات الأجل القصير من إجراءات السياسة النقدية لكن هناك أيضا دور للاستثمارات العامة والخاصة لأن التضخم فى بلادنا يحتاج تنسيق السياسة النقدية مع السياسة المالية العامة ومساندة بالإصلاحات الهيكلية ومساندة أيضاً بنظم الضمان الاجتماعى ومعهم استثمارات تتيح فرص العمل اللائقة والجيدة”.
وأضاف: “فى مصر نحتاج إلى كافة الاستثمارات العامة والخاصة فى كل المشروعات والمجالات، فالاستثمارات العامة مطلوبة لتفتح المجال للاستثمارات الخاصة فيما يمهد لزيادة الإنتاجية كما تشير العديد من الدراسات، و النموذج الأقرب لإمكانية تحقيق ذلك هو مشروع حياة كريمة وما يتطلبه من استثمارات ضخمة تبلغ 800 مليار جنيه وهو مبلغ كبير يتجاوز 4% من الدخل القومى سنويا وبالتالى تحتاج مشاركة من الاستثمارات الخاصة فى مشروعات تستهدف تطوير البنية الأساسية وتقديم الرعاية الصحية ويعطى فرص جبارة للتعامل مع التحول الرقمى ويعطى فرصة لرفع الكفاءة والإنتاجية للحصول على عمل لائق لأبنائنا فى الريف المصرى وهو من أهم المجالات والفرص لإقامة مراكز صناعية وتجارية وتطوير للنشاط الزراعى.