
“فاروس”: “المركزى” قد يرفع العائد لكنه سيكون مقتصدا
“فيتش سوليوشنز” تتوقع التثبيت خلال العامين المقبلين
“كابيتال إيكونوميكس”: خفض محتمل بمعدل 0.5% حال تراجع التضخم الأساسى دون النطاق المستهدف
رهنت بنوك الاستثمار رفع الفائدة خلال 2022، بعوامل خارجية على رأسها قرارات البنوك المركزية وسرعة دورة التشديد النقدى وقوتها فى الاقتصادات المتقدمة خاصة بعدما أنهت العام كاشفة عن اتجاه قوى لسحب المحفزات المالية ورفع الفائدة.
مسار السياسات النقدية عالميا
وعلى مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع العديد من البنوك المركزية، واتجه معظمهم إلى رفع توقعاتهم لأسعار التضخم وبالتالى التلميح برفع الفائدة خلال 2022، ورفعها بالفعل 3 بنوك هى بنك إنجلترا 0.15%، وبنك روسيا 1%، وبنك النرويج.
ولجأ الفيدرالى الأمريكى إلى تسريع خفض مشتريات الأصول بـ30 مليار دولار جديدة، لتنخفض إلى 60 مليار دولار شهريا بداية من يناير، لينتهى البرنامج فى مارس بدلا من يونيو كما كان من المقرر له، بحسب بيان السياسات النقدية للبنك.
وقال عضو الفيدرالى الأمريكى، كريستوفر والر، إن ذلك التسريع فى خفض وتيرة شراء السندات يفتح الباب لرفع الفائدة فى مارس، وذلك هو الهدف منه، ويتوقع أعضاء الفيدرالى الأمريكى رفع الفائدة 3 مرات خلال العام المقبل، بحسب وكالة أنباء رويترز.
وفى سياق مماثل، أعلن المركزى الأوروبى إنهاء برنامج مشتريات الأصول فى مارس، لكنه رفع قيمة مشتريات الأصول فى البرنامج طويل الأجل إلى 40 مليار يورو، لتنخفض بداية من مارس حجم السندات المشتراة من 90 إلى 40 مليار يورو شهريا، كما مد فترة إعادة استثمار الأموال التى تنتج عن استحقاق أجل السندات حتى 2024، وذلك لضمان انتقال سلس للسياسة النقدية، بحسب بيان السياسة النقدية للبنك، واستبعدت كريستين لاجارد فى المؤتمر الصحفى الذى أعقب الاجتماع، رفع الفائدة على اليورو حتى 2023.
توقعات متباينة للفائدة فى مصر
قالت “فيتش سوليوشنز”، فى تقريرها الشهرى عن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إن مسار التضخم الحالى يتوافق مع وجهة نظرها بأن معدل التضخم سوف يكون ضمن النطاق المستهدف للبنك المركزى فى الأرباع القادمة، ما يجعل أسعار الفائدة الحقيقية فى مصر الأعلى بين الأسواق الناشئة الكبرى، ما يعنى عدم الحاجة للتشديد النقدى.
وذكرت أن الاقتصاد المصرى شهد انتعاشًا قويًا، وفق التقديرات الأولية ارتفع الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى بنسبة 9.8% فى الربع الثالث من 2021، مدعوم بأثر سنة الأساس بعد انكماشه فى الوقت المماثل من العام الماضى، لذلك من غير المرجح أن تخفف السلطات النقدية سياستها فى هذه المرحلة.
وتوقعت أن يبقى البنك المركزى السياسة النقدية معلقة لمدة 24 شهرًا على الأقل، لكن يجب الانتباه إلى المخاطر المتزايدة من وجهة نظرها – فيتش سوليوشنز -من التداعيات السلبية على الأسواق الناشئة، بما فى ذلك مصر، فهناك خطر آخر يتمثل فى تشديد بنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى فى وقت مبكر أكثر من المتوقع.
وفى الوقت نفسه، قالت إنها تعتقد أن بنك الاحتياطى الفيدرالى سيبدأ فى رفع الفائدة فى عام 2023، ما يشير إلى مخاطر متزايدة من أن هذا قد يحدث فى عام 2022، وحال تحقق تلك المخاطر قد يدفع البنك المركزى المصرى إلى البدء فى الارتفاع للحفاظ على أسعاره الحقيقية جذابة ودعم التدفقات بالعملة الأجنبية.
وقالت إسراء أحمد، محلل الاقتصاد الكلى فى بنك الاستثمار فاروس، إنه من الممكن أن يلجأ البنك المركزى لرفع الفائدة خلال العام الجديد، ولكن توقيتات ومدى الزيادة تتوقف على عوامل عديدة، منها مدى سرعة تحرك الفيدرالى الأمريكى وغيره من البنوك المركزية الكبرى فى العودة لمعدلات فائدة طبيعية.
وأوضحت أن من تلك العوامل مدى سرعة وقوة خروج رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة إن حدث، ومدى قدرة المصادر الهيكلية المستدامة للعملة الأجنبية فى الاقتصاد المصرى على تخفيف الضغط الذى ممكن أن يحدث على العملة، كالتعافى المأمول فى السياحة وزيادة تحويلات المصريين وغيرها.
وأضافت: “بشكل مبدئى، نرى أن المركزى قد يحرك الفائدة لأعلى بنحو 100 نقطة أساس خلال العام، وربما 150 نقطة أساس حتى نهاية العام المالى 2022-2023”.
وتابعت: “لكننا نرى كذلك أن المركزى سيحاول أن يكون مقتصدا فى رفع الفائدة قدر الإمكان، ولن يلجأ إلى رفعها إلا إذا ارتأى تهديدا قويا ومستمرا للعملة أو ارتفاعا شديدا للتضخم، وستكون بقدر محسوب نظرا لتكلفتها المرتفعة على أرقام الموازنة والدين العام التى تعتبر أولوية شديدة فى الوقت الحالى”.
وترى “فيتش راتينج”، أن سعر الفائدة الحقيقية واستقرار سعر الصرف كانا من عوامل دعم التدفقات لمحافظ الأوراق المالية، على خلفية السياسات الميسرة عالميا، وشهية المستثمرين المفتوحة على المخاطرة عالميا.
وأضافت: “نتوقع ارتفاع التضخم إلى 7% على أساس سنوى فى المتوسط خلال العام المالى 2022، لكنه سيظل ضمن نطاق مستهدفات البنك المركزى، مع رجحان مخاطر ارتفاعه، بسبب تأثر الأسعار المحلية بارتفاع أسعار الغذاء والطاقة عالميا، وأن ذلك حال حدوثه سيؤثر على الفائدة الحقيقية، وبالتالى يقلل جاذبية الدين بالعملة المحلية للمستثمرين”.
وأشارت إلى أن إجمالى استثمارات الأجانب فى الدين المحلى وصل إلى 32 مليار دولار بنهاية أكتوبر، ويمثل حصة مرتفعة من إجمالى الديون القائمة.
وترى “كابيتال إيكونوميكس”، مؤسسة الأبحاث البريطانية، أنه حال ارتفع التضخم خلال الأشهر المقبلة، فمن المحتمل أن يستمر تثبيت الفائدة خلال النصف الأول من العام المقبل، ويحد التحول للتشديد من جانب الاحتياطى الفيدرالى من نطاق تخفيف السياسة فى مصر، لكنها مازالت تعتقد أن انخفاض التضخم فى منتصف العام المقبل سيوفر مجالا لخفض أسعار الفائدة.
وأوضحت أنه إذا انخفض التضخم الأساسى إلى ما دون الحد الأدنى للنطاق المستهدف للبنك المركزى المصرى فى منتصف العام المقبل، قد يخفض البنك المركزى المصرى 50 نقطة أساس فى سعر الإيداع لليلة واحدة إلى 7.75% بحلول نهاية عام 2022.