على مر السنين، طورت الصين نموذجاً للنمو الاقتصادي وإطاراً سياسياً فعالاً في دعم تكوين الأعمال ونمو الدخل.
ومع ذلك، فإن إعادة الضبط التنظيمي التي شهدتها البلاد العام الماضي، أثارت تساؤلات ومخاوف مستمرة من أن هذا النظام قد لا يكون الأكثر ودية لزيادة صافي رأس المال والاستثمار في الأسهم.
وفي حين أنه من الصعب التأكد من “كيف ستسير هذه التغييرات التنظيمية والتوترات الجيوسياسية في النهاية؟” فإننا نتذكر الإصلاحات التنظيمية التي نفذت بداية عام 2017.
كما أن القلق بشأن التنمية والتوجه في الصين سيؤدي في الواقع إلى فرص استثمارية مقنعة.
وأشارت مجلة “نيكاي آسيان ريفيو” اليابانية إلى أن زيادة الفرص الاستثمارية ستواصل المساهمة في إنشاء شركات جديدة، وتحسين مستوى سلسلة الإمداد الصناعية، كما أن النمو في الدخل والثروة سيسهمان في توليد فرص استثمارية جذابة، وهو أمر لا ينبغي أن يتجاهله مديرو الثروات والأصول العالمية، خصوصا في سياق الأسواق الناشئة.
لن تكون الثورة الصناعية في الصين مثل أي سوق آخر، ونحن متفائلون بشأن تقدمها الاقتصادي طويل الأمد في اقتصاد يتسم بارتفاع الدخل.
إن نموذج النمو الذي تقوده البنية التحتية في الصين يدعم بشكل فعال تشكيل شركات جديدة ونمو دخل الأسرة. كما أن أصول البنية التحتية الضخمة المملوكة للدولة الصينية، تسمح للحكومة باستيعاب الخسائر المتكبدة في التنمية الاقتصادية، مثل تكاليف هجرة القرى عند تشييد البنية التحتية، وبالتالي تعزيز النمو الاقتصادي.
وإلى جانب تطورات أسواق رأس المال التي تدعم الابتكار المالي، فقد خلق هذا الأمر بيئة جيدة للشركات الكبيرة ولتشكيل سلسلة إمداد صناعية أقوى، فضلاً عن أن الأسر منخفضة ومتوسطة الدخل تستفيد من عوائد الفوائد الجيدة من الدين الحكومي على مدخراتهم.
كان نظام الصين فعالاً للغاية في دعم النمو الاقتصادي العام في الصين، وهذا يتضح عبر نمو الكيانات التجارية السريع في الأعوام الأخيرة إلى 144 مليون كيانا اعتباراً من النصف الأول من العام الماضي، ويقابل ذلك نمو عدد الشركات المدرجة رغم تأثير كوفيد-19.
وظل النمو في الأصول المالية للأسر قوياً عند حوالي 200 تريليون يوان “أي ما يعادل 31.3 تريليون دولار” في الأشهر الستة حتى 30 يونيو من العام الماضي، مستفيدة من نمو الدخل المرتفع والمدخرات القوية، وهو ما يتجاوز نمو الناتج المحلي الإجمالي.
و عكس الأسواق الأخرى، نعتقد أن جزءاً كبيراً بشكل غير متناسب من دخل الأسرة في الصين ينتج من ممتلكات كيانات الشركات غير المدرجة، بما في ذلك أكثر من 100 مليون شركة صغيرة إلى متوسطة، والتي يمكن أن تكون مماثلة من حيث القيمة للأصول المالية للأسر في الصين.
مع ذلك، ربما يكون هناك من يعتقدون أن نموذج التنمية الاقتصادية للصين قد لا يكون النموذج الأكثر صداقة لتقدير رأس المال وتقييمات سوق الأسهم.
وقد يرجع ذلك جزئياً إلى اعتماد النموذج على الدعم الائتماني من النظام المصرفي، والتحولات الحادة في السياسة في بعض الأحيان التي تدعم المنافسة وتثبط الربحية المفرطة، والتركيز على التنمية الصناعية والبنية التحتية لدعم نمو الأعمال بدلاً من نمو الأرباح وزيادة رأس المال.
رغم هذه المخاوف وتقلبات السوق المؤقتة، نتوقع أن تصل القيمة السوقية للأسهم في الصين إلى 100% من الناتج المحلي الإجمالي من نسبتها الحالية التي تقل عن 70%، في ظل نمو الأرباح الإجمالية بسبب الشركات ذات الجودة الأفضل الناشئة عن النمو في العدد الإجمالي للشركات الجديدة كل عام.
بالنظر إلى التنمية الاقتصادية الفريدة للصين، هناك العديد من الدوافع المتميزة لصناعة إدارة الثروات والأصول في الصين، والتي ينبغي أن توفر الكثير من فرص الاستثمار للمستثمرين العالميين.
من المتوقع أن تشهد الصين ما يصل إلى 2 تريليون دولار من التدفقات الخارجة خلال الأعوام العشرة المقبلة، مما يشير إلى أن الأسر ذات الثروات العالية في البلاد يمكن أن تمتلك أصولا خارجية بقيمة تصل إلى 4 تريليونات دولار بحلول عام 2030.
يتوقع أيضاً أن تصل الأصول الأساسية المناسبة لصناعة إدارة الأصول إلى أكثر من 430 تريليون يوان بحلول عام 2030، بارتفاع من 190 تريليون يوان في 2020، مدفوعة بالأصول المدرة للفوائد والتطوير المستمر لسوق الأسهم الصينية من إدراجات الشركات الثابتة والنمو في الأرباح وتقييمات السوق.
وتشير المجلة إلى أن هذه هي نقطة التحول في صناعة إدارة الثروات والأصول في الصين.
مع ذلك، ما زال هناك كثير من المخاطر التنظيمية والكلية، وربما يواجه مديرو الثروات وشركات إدارة الأصول العالمية أيضاً منافسة شرسة من نظرائهم المحليين الذين يقدمون خدمات مالية أكثر شمولاً مع قنوات توزيع محلية أكثر نضجاً.
ومما لا شك فيه أن أولئك القادرين على تقديم أفضل وصول إلى المنتجات العالمية الشاملة ستتاح لهم الفرصة للاستفادة بحصة أكبر من تحول الصين.