اقتباسات:
عند 2.9 مليار برميل، يعادل الطلب الإضافي المكتشف للتو، 5 أضعاف الاحتياطي الاستراتيجي للولايات المتحدة، أو استهلاك عام كامل لفرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وبريطانيا والمكسيك.
تشير بيانات المخزونات الخاصة ببلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى أنه قد يكون هناك مزيد من مراجعات الطلب من قبل وكالة الطاقة الدولية.
هل تتذكرون مقالي الذي كتبته الشهر السابق عن كل هذا البترول المفقود؟ والتناقض بين المكان الذي يجب أن تكون فيه المخزونات (بناءً على توازنات العرض والطلب الضمنية) والأحجام التي تم الأعلان عنها أو قياسها بالفعل؟
حسناً، هذه البراميل لم تعد مفقودة، وكما كنت أخشى، اتضح أنه تم استخدامها بالفعل – في المصافي ومصانع البتروكيماويات في الصين والسعودية، وهذا يعني أن مخزونات النفط أقل بكثير مما كانت تعتقده وكالة الطاقة الدولية سابقًا.
ونشرت الوكالة تقريرها الشهري الأحدث يوم الجمعة، وقامت بمراجعة الأرقام التاريخية للطلب على النفط وصولاً إلى عام 2007، نعم، هذا صحيح، على مدار الـ 15 عاماً الماضية، كان العالم يستخدم نفطاً أكثر مما اعتقدته وكالة المراقبة الأولية التي تقدم المشورة للحكومات المستهلكة للبترول.
ولم تكن التغييرات صغيرة، فعند 2.9 مليار برميل، يعادل الطلب الإضافي الذي وجدوه للتو خمسة أضعاف الاحتياطي البترولي الاستراتيجي للولايات المتحدة، أو استهلاك عام كامل في فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا والمملكة المتحدة والمكسيك.
ليس من المستغرب أن تجرى المراجعات على المنتجات البترولية وفي القطاعات الأقل شفافية في الميزان البترولي – الصناعات البتروكيماوية في السعودية والصين.
وهذا لا يجعلها غير مهمة، فالبتروكيماويات هو القطاع الأسرع نموًا في تنبؤات الطلب على النفط على المدى المتوسط، وهو مجال شهد توسعًا سريعًا خلال جائحة “كوفيد 19” بسبب زيادة الطلب على معدات الحماية الشخصية والتعبئة التي صاحبت الطفرة في التسوق عبر الإنترنت.
وتأثير ذلك على تقديرات مخزونات البترول العالمية خلال الوباء هائلا.
تبخرت 660 مليون برميل من فائض المخزونات التي توقعتها وكالة الطاقة الدولية قبل شهر، وتعني مراجعات الطلب أن الوكالة تقدر الآن أن مخزونات النفط العالمية انخفضت إلى ما دون مستواها في نهاية عام 2019 بحلول بداية عام 2022.
وهذا ليس كل شيء إذ تشير بيانات المخزونات الخاصة ببلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى أنه قد يكون هناك المزيد من مراجعات الطلب من قبل وكالة الطاقة الدولية.
وانخفضت مخزونات النفط التجارية بين الاقتصادات المتقدمة الأعضاء في المنظمة بمقدار 60 مليون برميل في ديسمبر، وتشير التقديرات الأولية إلى أنها انخفضت أكثر الشهر الماضي، ويأتي ذلك في تناقض صارخ مع تحذيرات وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان من أن الميزان النفطي سيتأرجح من عجز إلى فائض في الشهر الأخير من عام 2021.
ولن يأتي كون المعروض في سوق النفط أقل بكثير مما تشير إليه التوقعات بمثابة مفاجأة كبيرة لأولئك الذين تابعوا ارتفاع الأسعار على مدار العامين الماضيين، وفي تشابه ملحوظ مع الضغوط السعرية الصعودية للبترول في 2007-2008، كان مسار أسعار خام برنت مطابقًا تمامًا لما كان عليه في الفترة السابقة خلال فترة التعافي بعد الوباء.
جاء الاختلاف المهم الوحيد بعد أن هدد الرئيس الأمريكي جو بايدن، ثم حقق وعيده، بإطلاق خام من احتياطي البترول الاستراتيجي عندما رفضت مجموعة أوبك + لمنتجي النفط فتح صنابيرهم بسرعة أكبر، لكن لم يدم الارتياح طويلاً، وبحلول نهاية شهر يناير، عادت أسعار النفط إلى ما كانت عليه في النقطة نفسها عام 2008.
قد يعتمد استمرار المسار الصعودي للأسعار على ما إذا هبت رقعة النفط الصخري الأمريكية أو إحياء الاتفاق النووي الإيراني إلى الإنقاذ.
كان من الواضح لعدة أشهر أن مجموعة أوبك + غير قادرة على إضافة الإمدادات التي تظل واعدة، ويُظهر أحدث تحليل الأخير من زملائي في وحدة “بلومبرج” لتمويل الطاقة الجديدة أن 15 دولة من بين 19 دولة فشلت في تحقيق أهدافها الإنتاجية في يناير، وارتفع إنتاج 13 دولة في أوبك بمقدار 65 ألف برميل فقط في اليوم الشهر الماضي أي ربع الزيادة المخطط لها.
لذا يجب أن يأتي العرض من مكان آخر، وأصبحت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أكثر تفاؤلًا بشأن قطاع النفط الصخري، وفي وقت سابق من الشهر الحالي، رفعت توقعاتها للإنتاج المحلي بمقدار 200 ألف برميل أخرى يوميًا للنصف الثاني من عام 2022 ومعظم عام 2023. وهي ترى الآن أن الإنتاج يقترب من ذروته قبل انتشار الوباء بحلول نهاية العام المقبل.
قد يكون المصدر الأسرع للإمدادات الإضافية هو العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 الذي يمكن أن يتيح سريعا 1.3 مليون برميل يوميًا من إنتاج إيران، وهو ما يكفي لقلب توقعات ارتفاع أسعار النفط فوق 100 دولار للبرميل في وقت لاحق من العام الحالي، وتقول حكومة بايدن إن الاتفاق مع إيران بات وشيك الآن لكن التقدم السريع في البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية يعني أن نافذة إحياء الاتفاق تضيق.
ومع ذلك، دون هذه الزيادات في الإنتاج، لن يعود توازن السوق إلا من خلال تدمير الطلب، وأسعار النفط المرتفعة، التي تساعد على تغذية التضخم، ستبدأ حتماً في إبطاء نمو الطلب، ولكن كلما حلقت الأسعار عاليا، زادت صعوبة هبوطها.
بقلم: جوليان لي، استراتيجي البترول في وكالة أنباء “بلومبرج”.
المصدر: وكالة أنباء “بلومبرج”.
