وضع المشرعون فى الاتحاد الأوروبى خططاً طموحة لزيادة إنتاج أشباه الموصلات بشكل كبير فى الكتلة الموحدة لتصبح رائدة عالمياً فى هذه الصناعة.
وحتى تستطيع فعل ذلك، ستحتاج الكتلة إلى بعض الجهات الفاعلة الرئيسية من آسيا والولايات المتحدة للاستثمار بكثافة فى القارة العجوز، بالنظر إلى افتقار الاتحاد الأوروبى إلى التكنولوجيا فى مجالات مهمة مثل التصنيع.
وأعلنت المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبى، مؤخراً قانون الرقائق الأوروبية، وهى محاولة بمليارات اليورو لتأمين سلاسلها الخاصة بالإمداد، وتجنب النقص فى أشباه الموصلات فى المستقبل، وتعزيز الاستثمار فى الصناعة، لكنه مازال بحاجة لموافقة المشرعين فى الاتحاد الأوروبى لتمريره.
وتعتبر الرقائق ضرورية للمنتجات من الثلاجات إلى السيارات والهواتف الذكية، لكن الأزمة العالمية أثرت على الصناعات فى جميع المجالات، مما تسبب فى توقف الإنتاج ونقص المنتجات، حسبما ذكرت شبكة «سى إن بى سى» الإخبارية الأمريكية.
وأصبحت أشباه الموصلات قضية أمن قومى للولايات المتحدة، بل أصبحت نقطة توتر جيوسياسى بين الولايات المتحدة والصين، وقد أدى هذا الصدام حول أشباه الموصلات إلى فرض عقوبات على شركة تصنيع أشباه الموصلات الدولية، وهى أكبر شركة لتصنيع الرقائق فى الصين، مما أدى إلى مضاعفة جهود تعزيز الاكتفاء الذاتى، ويحاول الاتحاد الأوروبى الآن التخفيف من بعض هذه المخاطر من خلال اقتراحه الأخير.
وقالت المفوضية الأوروبية: «فى مواجهة التوترات الجيوسياسية المتزايدة، والنمو السريع فى الطلب، واحتمال حدوث المزيد من الاضطرابات فى سلسلة الإمداد، يجب على أوروبا استخدام نقاط قوتها ووضع آليات فعالة لإنشاء مناصب قيادية أكبر وضمان أمن الإمداد داخل السلسلة الصناعية العالمية».
تحدى تصنيع الرقائق
يتطلع قانون رقائق الاتحاد الأوروبى إلى ضخ 43 مليار يورو «ما يعادل 49 مليار دولار» من الاستثمار فى صناعة أشباه الموصلات ومساعدة الكتلة على أن تصبح «رائدة صناعية» فى المستقبل.
وعلى وجه التحديد، يريد الاتحاد الأوروبى زيادة حصته فى السوق من إنتاج الرقائق من نسبتها الحالية البالغة %9 إلى %20 بحلول عام 2030، وإنتاج «أشباه الموصلات الأكثر تطوراً وتحقيق كفاءة فى استخدام الطاقة فى أوروبا»، ويتضمن جزء من خطته الحد من «التبعيات المفرطة»، رغم أن الاتحاد الأوروبى يشير إلى الحاجة لإقامة شراكات مع «شركاء متشابهين فى التفكير».
وفى وقت يتطلع فيه الاتحاد الأوروبى إلى أن يصبح أكثر اكتفاءً ذاتياً، سيظل يعتمد بشكل كبير على الولايات المتحدة، وآسيا بشكل خاص، وهذا بسبب المراوغات فى سلسلة إمداد أشباه الموصلات والطبيعة المتغيرة للصناعة.
وفى التصنيع الفعلى للرقائق، تهيمن الشركات الآسيوية الآن، بقيادة شركة تصنيع أشباه الموصلات الدولية التى تمتلك حوالى %50 من الحصة السوقية من حيث عائدات المسبك، ثم جاءت شركة «سامسونج» الكورية الجنوبية فى المرتبة التالية، تليها شركة الإلكترونيات الدقيقة المتحدة التايوانية.
اقرأ أيضا: مبيعات الرقائق قد ترتفع 9% لتتجاوز 600 مليار دولار فى 2022
وتراجعت شركة «إنتل» الأمريكية، التى كانت ذات يوم لاعباً رئيسياً، عن الركب فى الأعوام الأخيرة، ورغم ذلك فهى تركز الآن على أعمال السبائك وتخطط لصنع رقائق للجهات الأخرى، لكن تقنيتها لاتزال متخلفة عن أمثال شركة تصنيع أشباه الموصلات الدولية و«سامسونج» التى يمكنها صنع أحدث الشرائح التى تدخل فى أحدث الهواتف الذكية، على سبيل المثال.
وأعلنت «إنتل»، خلال العام الماضى، أنها تخطط لإنفاق 20 مليار دولار على مصنعين جديدين للرقائق فى أريزونا، فى محاولة للحاق بالركب، ومع ذلك، لا يوجد لدى الاتحاد الأوروبى شركات يمكنها تصنيع أحدث الرقائق، وربما تعتمد شركات الاتحاد الأوروبى أيضاً على أدوات تصميم أشباه الموصلات من الولايات المتحدة.
وقال جيف بلابر، الرئيس التنفيذى لشركة «سى سى إس إنسايتس»، إن زيادة إنتاج الرقائق إلى %20 من الحصة السوقية «أمر شاق للغاية» بالنسبة للاتحاد الأوروبى، والتركيز على التصنيع هو التحدى الأكبر هناك.
هل الاتحاد الأوروبى جاذب بشكل كافى؟
بالنظر إلى تطلع الدول والمناطق حول العالم إلى تأمين إمداداتها من أشباه الموصلات، هناك منافسة متزايدة لتأمين المواهب وإقناع الشركات بالاستثمار.
وكجزء من حزمة تحفيز اقتصادى بقيمة 2 تريليون دولار، خصص الرئيس الأمريكى جو بايدن ما قيمته 50 مليار دولار لتصنيع وأبحاث أشباه الموصلات، وهناك مشروع قانون يعرف باسم «قانون الرقائق من أجل أمريكا» يشق طريقه أيضاً من خلال العملية التشريعية.
وتعمل دول مثل اليابان وكوريا الجنوبية والصين على تعزيز الاستثمار فى أشباه الموصلات أيضاً، وسيكون التحدى الأساسى هو جذب لاعبين جدد إلى الاتحاد الأوروبى، حيث يتعين على الكتلة أن تصبح أكثر جاذبية من المناطق الجغرافية الأخرى.
نقاط قوة الاتحاد الأوروبى
رغم تأخر الشركات الأوروبية فى أحدث تقنيات التصنيع، لايزال لدى الاتحاد الأوروبى بعض الجهات الفاعلة الرئيسية فى صناعة أشباه الموصلات، مثل شركة «إيه إس إم إل» الهولندية التى تصنع آلة تستخدمها أمثال شركة تصنيع أشباه الموصلات، وتستخدم لصنع أحدث الرقائق، كذلك يقع موردى شركة «أبل» فى أوروبا، ويمكن أن ينصب تركيز الاتحاد الأوروبى على تأمين توريد الرقائق للقطاعات التى تتمتع فيها الشركات الأوروبية بحضور كبير مثل صناعة السيارات، فغالباً ما تكون أشباه الموصلات التى تدخل فى صناعة السيارات أقل تقدماً ولا تتطلب أحدث تقنيات التصنيع.