ربما نكون على وشك رؤية زيادة في تدفقات البترول من إيران.. هذا هو الأمل، على الأقل عندما يتعلق الأمر بمحادثات فيينا المنعقدة بهدف إحياء الاتفاق النووي لعام 2015، المعروف أيضاً باسم خطة العمل الشاملة المشتركة.
رُفعت العقوبات المفروضة على إيران لأول مرة عام 2016، بعد إبرام صفقة للحد من البرنامج النووي لهذا البلد، لكن سرعان ما أعيد تطبيقها مرة أخرى عندما أنهى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الاتفاق النووي.
إذا رُفعت العقوبات مرة أخرى، فإن البلاد ستكون قادرة على زيادة إنتاجها من البترول وفتح موجة من البراميل المخزنة في الصهاريج البرية وعلى السفن الراسية في جميع أنحاء العالم.
هذا الأمر قد يساعد في عكس بعض الارتفاع الأخير في أسعار البترول الخام وتخفيف الضغط عن سائقي السيارات الذين يواجهون أعلى أسعار وقود تم تسجيلها منذ أكثر من سبعة أعوام.
قال دبلوماسي كبير في الاتحاد الأوروبي، إن المحادثات بين إيران ومجموعة مكونة من ست دول- وهي الولايات المتحدة والصين وروسيا والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا- مستمرة منذ شهور وتتجه نحو خط النهاية، لكن ما يكمن وراء الأفق ما زال غير واضح، ولا تزال هناك بعض العقبات السياسية التي يجب التغلب عليها.
أحد أهم هذه الأمور بالنسبة لإيران هو ضمان أن الإدارات الأمريكية المستقبلية لن تلغي الصفقة مرة أخرى، وهذا شيء لا يستطيع الرئيس جو بايدن أو أي زعيم أمريكي آخر أن يعد به، خاصة عندما يظل عقد صفقة مع طهران أمراً غير مرغوب فيه لدى العديد من أعضاء الكونجرس.
ويقول جوليان لي، الاقتصادي المتخصص في أسواق البترول، في مقال نشرته وكالة أنباء “بلومبرج”، إن إيران يتعين عليها أن تكون واقعية إذا كانت تريد التوصل إلى اتفاق.
وأشار إلى أنها ربما تقرر أن قبول صفقة من شأنها الاستمرار لمدة ثلاثة أعوام لا يستحق ببساطة كل هذا العناء.
مع ذلك، لا تزال هناك خلافات كبيرة حول ما هو مطلوب للسيطرة على التقدم النووي الإيراني، الذي سمح لها بتخصيب اليورانيوم ليصبح قريباً من مستوى أن يكون سلاحا، وقرب تحولها إلى دولة نووية، ويبدو أن هناك قبولاً عاماً بأن الوقت ينفد لعقد صفقة قبل تطور قدرات إيران وبالتالي فإن اتفاقية 2015 بلا معنى.
لكن إذا تم إبرام صفقة، فقد تكون لها تداعيات كبيرة على أسواق البترول وقد تؤثر أيضاً على أسعار الوقود.
عندما تم تخفيف العقوبات عام 2016، بعد دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ لأول مرة، عززت إيران إنتاجها من البترول بسرعة أكبر بكثير من التوقعات المتفق عليها.
رأى معظم المحللين أن إنتاج البترول الخام في البلاد يرتفع بمقدار 500 ألف برميل يومياً خلال الأشهر الـ 12 الأولى دون عقوبات، وفي الواقع حققت طهران ذلك في أقل من أربعة أشهر واستمرت في إضافة نفس القيمة تقريباً مرة أخرى قبل نهاية العام.
مما لا شك فيه أن ثمة أسباب للاعتقاد بأن إيران ربما تكون قادرة على فعل الشيء نفسه مرة أخرى.
تشير أرقام منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) إلى أن إيران كانت تستخدم حوالي 1.8 مليون برميل من البترول قبل يوم من تفشي الوباء، وبالتالي فإن هذا الاستهلاك المحلي يوفر قاعدة صلبة لصناعة البترول في البلاد، حتى دون التصدير إلى الأسواق الخارجية، كما أن التدفقات الموجهة لهذه الأسواق الخارجية لم تجف تماماً رغم فرض العقوبات.
واصلت البلاد شحن المنتجات الخام والمكررة إلى الصين وسوريا، وكذلك المكثفات، وهي شكل خفيف من البترول الخام المستخرج من حقول الغاز، إلى فنزويلا، وهذه التجارة أجري معظمها على متن سفن تعمل دون إرسال إشارات موقع، ما يجعل تعقبها أكثر صعوبة.
يبدو أن المحللين وضعوا هذا الانتعاش السابق في الحسبان، إذ تقول “سيتي جروب” إنه حال إنهاء العقوبات، يمكن لإيران زيادة الإنتاج بمقدار 500 ألف برميل يومياً في أبريل أو مايو و1.3 مليون برميل يومياً بحلول نهاية العام.
كانت من الممكن أن تكون وجهات النظر هذه غريبة في عام 2015، لكنها أقل غرابة بكثير الآن.
هناك أيضاً البترول الذي استخرجته البلاد بالفعل من الأرض ووضعته في صهاريج التخزين وعلى السفن، وتختلف تقديرات هذه الكمية بشكل كبير من حوالي 85 مليون برميل مقسمة بين الصهاريج والناقلات إلى 85 مليون برميل مخزنة في البحر فقط.
في عام 2016، سارع المشترون في الهند وأوروبا إلى زيادة مشترياتهم من الخام الإيراني، ويمكن أن يكونوا حريصين على فعل ذلك مرة أخرى- إذا أتيحت لهم الفرصة- في ظل نقص المعروض من البترول وارتفاع الأسعار فوق 90 دولار للبرميل.
إذا كان يمكن إحياء اتفاق نووي إيراني، فإن البراميل الإضافية التي ستطلقها إيران في السوق العالمية ستأتي في الوقت المناسب تماماً وستتحرك بسرعة، خصوصا أن تحالف “أوبك بلس” يكافح لزيادة الإنتاج بالقدر الذي وعد به، في حين أن البترول الصخري في تكساس لا يظهر أي علامة على انقاذ الوضع.