توقع خبراء اقتصاديون، فى استطلاع أجراه البنك المركزى الروسى الأسبوع الماضى، أن ينكمش الاقتصاد بنسبة 8% خلال العام الجارى، مع ارتفاع معدلات التضخم إلى 20% فى ظل العقوبات الاقتصادية الصارمة على روسيا بعد غزوها لأوكرانيا.
ومع قيام بنك روسيا المركزى برفع أسعار الفائدة لأول مرة منذ ثلاث سنوات، ارتدت محافظة البنك المركزى الروسى “إلفيرا نابيولينا” دبوس على هيئة صقر، فى أحدث سلسلة من الإيماءات التى اختارتها وسائل الإعلام الروسية.
وأعلنت نابيولينا، مضاعفة الفائدة إلى 20% مع فرض بعض ضوابط رأس المال فى الوقت الذى تواجه فيه روسيا عزلة اقتصادية كبيرة بعد غزوها لأوكرانيا.
ومن المتوقع أن يظل معدل الطوارئ هذا، لحين اجتماع البنك المركزى يوم الجمعة، لكن الحد من الضرر الناتج عن الصراع قد يجبر نابيولينا، التى وضعت هدف التضخم فى بؤرة الاهتمام، على البعد عن مسار السياسة النقدية.
وقالت صوفيا دونيتس، الخبيرة الاقتصادية فى “رينيسانس كابيتال”: “ساهم ثبات نابيولينا وقرارتها المتزنة فى جعلها محافظة استثنائية، حيث تتغير حالياً قواعد اللعبة مرة أخرى وهذا ليس خيار البنك المركزى، كما قد يتطلب التحدى الجديد إعادة صياغة دليل السياسة النقدية للبنك”.
وجاء التعيين المفاجئ لـ”نابيولينا” فى عام 2013، حيث تبلغ من العمر 58 عامًا، وهى اقتصادية ومستشارة سابقة للرئيس الروسى فلاديمير بوتين، كما تعتبر أول إمرأة تترأس البنك المركزى، وهو أحد أكثر المؤسسات شموخاً فى روسيا.
وقالت نابيولينا، فى وقت مبكر من ولايتها: “نحتاج إلى خفض معدلات التضخم لدعم النمو الاقتصادى، هذا هو هدفنا الرئيسى، وسأكرر الرأى بأن التحفيز النقدى لن يكون فعالا”، كما قالت لرويترز فى ديسمبر 2021، إن استمرار ارتفاع معدلات التضخم قد يقلص من مصداقية البنك المركزى.
وتسبب قرار نابيولينا بالسماح بانخفاض الروبل فى عام 2014 فى معاناة المستثمرين الروس الذين رأوا مدخراتهم بالدولار تتقلص، بينما ارتفعت أسعار السلع المستوردة، وكان رفع سعر الفائدة بمقدار 650 نقطة أساس هو الأكبر فى روسيا منذ الأزمة المالية عام 1998، ولم يحل محله سوى رفع سعر الفائدة فى 28 فبراير 2022.
ولكن كان لسياستها الفضل فى تجنب الانهيار الاقتصادى فى تلك الفترة، كما حصلت نابيولينا على العديد من الجوائز للخدمات المصرفية المركزية، ويظل من بين الأمور غير الواضحة هو ما إذا كانت نابيولينا ستستمر عند انتهاء ولايتها الحالية فى يونيو المقبل، كما امتنع البنك المركزى عن التعليق بشأن هذه المسألة، رغم أن القواعد تنص على أن بوتين يجب أن يرشحها أو مرشح آخر بحلول 24 مارس الجارى.
وقال وليام جاكسون، الخبير الاقتصادى لدى “كابيتال إيكونوميكس”: “ستسرع الأزمة الأوكرانية من تحول روسيا نحو العزلة والاكتفاء الذاتى، وهو خروج عن المواقف السياسية التى دافعت عنها نابيولينا، ورغم أننى لا أشك فى مصداقيتها كصانعة سياسة، لكن يظل من غير الواضح ما إذا كانت ستتمكن بالفعل من العودة إلى سياسة الاقتصاد الكلى التى تعاملت بها فى السابق”.