يراهن المستثمرون الكبار على أن الحرب الأوكرانية ستدفع الشركات إلى تقريب الإنتاج من موطنها في إعادة تشكيل كبيرة لسلاسل الإمداد العالمية.
لعقود من الزمان، كانت موضوعات الاستثمار واسعة النطاق تدور حول فكرة أن التصنيع الخارجي الرخيص وسلاسل الإمداد العالمية البسيطة يمكن أن يخفضا التكاليف بالنسبة للشركات ويعززان معدلات تضخم منخفضة، لكن الحرب، بتأثيرها على إمدادات السلع إلى جانب الاشمئزاز من التعامل مع روسيا، عجلت من إعادة التفكير في الأمر.
كتب لاري فينك، الرئيس التنفيذي لشركة “بلاك روك”، أكبر مدير للأصول في العالم: “الغزو الروسي لأوكرانيا وضع حداً للعولمة التي شهدناها على مدى العقود الثلاثة الماضية”.
وأضاف فينك، في رسالته السنوية إلى المساهمين هذا الأسبوع، أن “إعادة توجيه سلاسل الإمداد على نطاق واسع سيكون بطبيعته شيئاً مثيراً للتضخم”.
ذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية أن فينك لم يكن وحده الذي أثار هذه القضية في الأيام الأخيرة، فقد حذر هوارد ماركس، الشريك المؤسس بشركة “أوكتري كابيتال مانجمنت”، أيضاً من أن بندول العولمة يتأرجح نحو المصادر المحلية.
وقال إن النقل إلى الخارج “يجعل الدول والشركات تعتمد على علاقاتها الإيجابية مع الدول الأجنبية وكفاءة نظام النقل لدينا”.
تميزت العقود الثلاثة الماضية بفترة تفشي العولمة ،إذ خفضت الشركات التكاليف عن طريق نقل أجزاء كبيرة من إنتاجها إلى الخارج واستخدام العمالة الرخيصة، وقد ساعد ذلك في إبقاء ضغوط الأسعار منخفضة وتمكين البنوك المركزية من خفض أسعار الفائدة وتعزيز الاستثمار في الأصول الخطرة، لكن هذا الأمر أصبح ضعيفاً الآن.
قالت دان سوان، الرئيسة المشاركة لممارسات عمليات “ماكينزي”، إن “حرب أوكرانيا جزء من نمط من اضطرابات سلسلة الإمداد التي تزداد تواتراً وشدة”، مسلطة الضوء على الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين وإغلاق قناة السويس خلال العام الماضي ووباء كورونا.
كل هذه الأمور حولت الانتباه إلى سيادة سلسلة الإمداد ومرافق الإنتاج المحلية، فقد كشف الطلب المتزايد على أشباه الموصلات خلال الوباء عن انخفاض حصة الولايات المتحدة وأوروبا من إنتاج أشباه الموصلات العالمي من 80% تقريباً في عام 1990 إلى 20% فقط في عام 2020، كما أدى إلى زيادة الاستثمارات في إنتاج أشباه الموصلات الأمريكية.
في الوقت نفسه، سلطت حرب أوكرانيا الضوء على مخاطر اعتماد أوروبا على صادرات الطاقة الروسية، خاصة الغاز الطبيعي، فقد ارتفعت أسعار الغاز في أوروبا، المستخدم في كل شيء من الصناعات الثقيلة إلى تدفئة المنازل، إلى مستويات قياسية في الأسابيع الأخيرة بسبب مخاوف تخفيض روسيا الإمدادات استجابة للعقوبات الغربية، ما أدى إلى تصعيد الضغط لتسريع الاستثمارات في الطاقة المتجددة.