حسين: صعوبة الاعتماد على السندات الدولية فى ظل اتجاه أغلب الاستثمارات الأجنبية للخروج من الأسواق الناشئة
قال حسن حسين، الخبير المالى، ورئيس لجنة البنوك والبورصة بجمعية رجال الأعمال، إن ضغط الطلب على العملة الأجنبية يتأثر بعدة عوامل خارجية وداخلية على خلفية التداعيات الاقتصادية.
وأضاف حسين، فى تصريحات صحفية، أن لديه عددا من المقترحات التى تستهدف تخفيض ضغط الطلب على العملة الأجنبية بسبب تلك التداعيات، موضحًا أن زيادة الطلب على الدولار بالسوق المحلى مرتبط أولًا باعتبارات محلية أكثر من الاعتبارات الدولية، لأنه يرتبط بزيادة الواردات التى تمثل ضغطا كبيرا فى الطلب على الدولار من قبل المستوردين، وأرجع السبب الثانى إلى التزامات الدولة الدولارية لدى الغير بالإضافة لخدمات الدين الخاصة بها.
وأشار إلى أن التحول لنظام المقايضة والاتفاقيات المباشرة مع الدول المصدرة ضرورة لتقليل الطلب على العملات الأجنبية، موضحًا أن الحل يكمن بداية فى محاولة تقليل الطلب على الدولار فى السوق المحلية باتفاقيات المقايضة “barter trad” مع الدول المختلفة، واتفاقيات الدفع بالعملة المحلية لهذه الدولة، وبالتالى يتم إخراج تلك الواردات خارج استعمال الدولار لأن الهدف الأساسى تقليل الطلب على الدولار نتيجة زيادة الاستهلاك والاستيراد.
واقترح «حسين» الاتجاه لتخفيض الضغوط على الدولار من خلال تحويل جزء من الواردات لنظام المقايضة، والجزء الآخر عبر اتفاقيات مباشرة بين مصر والدول التى تستورد منها، الأمر الذى يمكن أن يضم أيضا واردات القطاع الخاص، حتى يتم سداد الفرق بالعملة الخاصة بهذه الدول بنهاية العام، ومن ثم الخروج من بؤرة الضغوط المتعلقة بالدولار.
واستدل «حسين» على ذلك كمثال بحجم الواردات من دولة الصين، والذى يعود أغلبه للقطاع الخاص، لافتا إلى أهمية إدخال جميع هذه المعطيات داخل اتفاقية مع الصين والدفع أخر كل عام باليوان الصينى بما يزيل الضغط على الدولار بالنسبة لهذه الدولة وتنفيذ نفس الأمر مع مختلف الدول التى نستورد منها بمعدلات كبيرة مثل الهند بالدفع بالروبية الهندية وروسيا بالدفع بالروبل والبرازيل بالعملة البرازيلية وأهمية التاكيد على أن تغطى هذه الاتفاقات كافة التعاملات المصرية الخاصة والحكومية.
وتابع: “أهمية هذه الدول كمثال هى أن عملاتها غير مرتبطة ارتباطا مباشرا بالدولار، وبالتالى أسهمنا إسهاما ضخما ونهائيا فى تخفيض الطلب المحلى على الدولار ويقاس التخفيض بإجمالى الاستيراد من الدول التى توافق على التعامل بهذا الأسلوب وهى مبالغ ضخمة بكل تأكيد وللعلم فإن هذه الدول تطالب حاليا التعامل بعملاتها الوطنية كجزء من نتائج الحرب الأوكرانية الروسية”.
وفيما يتعلق بفاتورة الواردات، أكد حسين أن الشق الخاص باستيراد مستلزمات الإنتاج لا يمكن المساس به، لارتباطه بالتصنيع المحلى والهدف القومى الذى وضعه رئيس الجمهورية بزيادة الصادرات إلى 100 مليار دولار، فى حين تكمن المشكلة الحقيقية فى السلع الغذائية وخاصة القمح، معتبرا أن ارتفاع الكثافة السكانية وعدم تحديد النسل يمثل ضلعا رئيسيا فى مشاكل الاقتصاد المحلى.
أما عن السبب الثانى لزيادة الطلب على الدولار وهو التزامات الدولة الدولارية لخدمة الدين المرتبط بالسندات المصدرة من الحكومة، فقد أوضح «حسين» أن الأوضاع الراهنة تفرض أهمية إعادة النظر فى سياسة الاقتراض الخارجى، خاصة أن مصر تعد من أكبر الدول المقترضة على المستوى الدولى، كما ترى مختلف الجهات الدولية أن حجم الاقتراض خاصة الخارجى يفوق المستوى المطلوب، مؤكدًا فى الوقت نفسه على تفهم اتجاه الدولة نحو الاقتراض بهدف التوسع فى الاستثمارات وإقامة مشروعات جديدة خلال وقت كان فيه القطاع الخاص غير نشط أو فعال، وكذلك مع عدم إقبال الأجانب على الاستثمار.
وأشار «حسين» إلى أن الاقتراض عبر السندات الدولية يعرضنا لتقلبات الأسواق، وخروج الأجانب من الأسواق الناشئة يهدد الاعتماد عليها حاليا وأن الاقتراض عبر السندات الخارجية يجعلنا خاضعين لتقلبات الأسواق الدولية، وكذلك لسياسات الدول الخارجية، وعليه فإن عمل اتفاقيات قروض مباشرة “syndicated loans” وكذلك اتفاقيات قروض من بعض الحكومات مباشرة ما يعنى الخروج من التأثيرات الناجمة عن هذه التقلبات وهبوط السوق الثانوى للسندات للمشترين كما يجعلنا فى منأى عن التأثر بالأزمات الدولية المختلفة كالحرب الجارية بين أوكرانيا وروسيا وتقلبات الأسعار الناجمة عنها.
وأشار إلى ضرورة التوسع فى الاقتراض الداخلى بديلا للخارجى، وتوجيه الأموال لتمويل مشروعات محددة وليس لسد عجز الموازنة، مؤكدًا على صعوبة الاعتماد على السندات الدولية خلال هذه المرحلة، فى ظل اتجاه أغلب الاستثمارات الأجنبية للخروج من الأسواق الناشئة باعتبارها ذات مخاطر مرتفعة، وذلك بصرف النظر عن وضع مصر تحديدا.