“بيتر جى بيترسون”: توقعات سعر الفائدة قصيرة الأجل تؤثر على أسعار فائدة القروض التجارية والاستهلاكية
66 تريليون دولار إجمالى مدفوعات الفائدة على مدى الثلاثين عامًا المقبلة
قالت مؤسسة “بيتر جى بيترسون”، فى تقرير لها، إن الاحتياطى الفيدرالى أعلن عن زيادة لسعر الأموال الفيدرالية تعد الأكبر منذ عام 1994، وتهدف الزيادة فى أسعار الفائدة التى تقرض بها البنوك التجارية بعضها البعض، إلى المساعدة فى السيطرة على معدلات التضخم المرتفعة، ورغم ذلك، فإن الزيادة لها أيضًا آثار على تكاليف الاقتراض للحكومة الفيدرالية وبالتالى على الصورة المالية للدولة.
وستحدد خطوة الاحتياطى الفيدرالى النطاق المستهدف لسعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بين 1.50 و1.75%، وتعكس المرة الثالثة التى يرفع فيها البنك المركزى أسعار الفائدة خلال العام الجارى بعد أن جعلها قريبة من الصفر منذ بداية وباء كورونا.
ويعتبر سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية المعيار لأذون الخزانة والأوراق المالية الأخرى قصيرة الأجل، ويعد تعديل السعر أداة مهمة لبنك الاحتياطى الفيدرالى للمساعدة فى تحقيق ولايته القانونية، والتى تتمثل فى تعزيز أهداف التوظيف الأقصى، والأسعار المستقرة، وأسعار الفائدة طويلة الأجل.
وقد تؤثر التوقعات بشأن سعر الفائدة قصيرة الأجل، إلى جانب عوامل أخرى، على أسعار الفائدة طويلة الأجل التى يتم تطبيقها على قروض الاستثمار التجارى والاقتراض الاستهلاكى مثل الرهون العقارية وقروض السيارات، كما تؤثر التغييرات فى سعر الأموال الفيدرالية على أسعار الفائدة على سندات الخزانة المالية.
ومع ارتفاع أسعار الفائدة على سندات الخزانة الأمريكية، سترتفع أيضًا تكاليف اقتراض الحكومة الفيدرالية، وكانت الولايات المتحدة قادرة على الاقتراض بثمن بخس للاستجابة لتداعيات فترة الوباء، حيث إن أسعار الفائدة كانت منخفضة بشكل تاريخى، ورغم ذلك، مع زيادة الاحتياطى الفيدرالى لسعر الأموال الفيدرالية، سترتفع أيضًا أسعار الفائدة قصيرة الأجل على سندات الخزانة، ما يجعل بعض الاقتراض الفيدرالى أكثر تكلفة، وقد أدت التوقعات بشأن أسعار الفائدة قصيرة الأجل ومعدلات التضخم، إلى ارتفاع أسعار الفائدة طويلة الأجل أيضًا.
وتوقع مكتب الميزانية التابع للكونجرس فى أواخر شهر مايو الماضى، أن يصل صافى تكاليف الفائدة السنوية إلى 399 مليار دولار فى عام 2022، ثم إلى ثلاثة أمثالها تقريباً على مدى الفترة ما بين عام 2023 إلى 2032، لكى ترتفع من 442 مليار دولار إلى 1.2 تريليون دولار، ثم يبلغ مجموعها 8.1 تريليون دولار على مدى تلك الفترة، ولكن فى حال كان معدل التضخم أعلى من توقعات مكتب الموازنة فى الكونجرس وإذا رفع بنك الاحتياطى الفيدرالى أسعار الفائدة بقيمة أكبر من المتوقع، فإن مثل هذه التكاليف قد ترتفع بسرعة أكبر من المتوقع.
ويمثل نمو تكاليف الفائدة تحديًا كبيرًا على المدى الطويل، ووفقًا لتوقعات مكتب الموازنة بالكونجرس، سيبلغ إجمالى مدفوعات الفائدة نحو 66 تريليون دولار على مدى الثلاثين عامًا المقبلة وستستحوذ على نحو 40% من جميع الإيرادات الفيدرالية بحلول عام 2052، وستصبح تكاليف الفائدة أيضًا أكبر “برنامج” خلال العقود القليلة القادمة، متجاوزة الإنفاق الدفاعى فى عام 2029، و”ميدكير” عام 2046، والتأمينات الاجتماعية عام 2049، ومن المتوقع أن تستهلك تكاليف الفائدة الصافية حصة متزايدة من الإيرادات الفيدرالية.
وتهدد تكاليف الفائدة المتزايدة بمزاحمة الاستثمارات العامة التى تشكل أهمية كبيرة قد تغذى النمو الاقتصادى فى المستقبل، ووفقاً لتقديرات مكتب الموازنة بالكونجرس فمن المتوقع أن تبلغ تكاليف الفائدة بحلول عام 2052 نحو 3 أمثال ما أنفقته الحكومة الفيدرالية على مدار التاريخ على البحث والتطوير والبنية التحتية غير الدفاعية والتعليم مجتمعة.
ولاتزال التحديات المالية طويلة الأجل التى تواجه الولايات المتحدة خطيرة للغاية، وكان من الضرورى اقتراض مبالغ كبيرة لمواجهة جائحة كورونا، ولكن الاختلال الهيكلى بين الإنفاق والإيرادات الذى كان قائماً قبل الوباء لايزال كبيراً وسينمو بوتيرة أسرع فى المستقبل، وبالإضافة إلى ذلك، مع ارتفاع أسعار الفائدة وتصاعد ديون الدولة، سيصبح الاقتراض أكثر تكلفة فى الفترة المقبلة.
ولقد تجنب الكونجرس ورؤساء الحزبين الديمقراطى والجمهورى، على مدى سنوات عديدة، اتخاذ خيارات صعبة بشأن الميزانية وفشلوا فى وضعها على مسار مستدام، ومن الضرورى للمشرعين اتخاذ إجراءات بشأن الديون المتزايدة لضمان مستقبل اقتصادى مستقر للبلاد.