حجم البنوك وقدرتها على فرض عمولات أقل مع التجار يعطيها ميزة عن الشركات
انضمت البنوك البريطانية إلى سباق خدمات الشراء الآن والدفع لاحقًا على الرغم من تزايد مخاطر التخلف عن السداد وزيادة التدقيق التنظيمي، فى محاولة دفاعية لاستعادة المستخدمين الشباب الذين يشعرون براحة أكبر مع شركات التكنولوجيا المالية بحسب تقرير لصحيفة فاينانشيال تايمز.
وقالت إيمى جافين، كبيرة المحللين الاستراتيجيين فى “فينتك كونسالتينج” للصحيفة: “ليس من المستغرب أن ترغب البنوك فى الحصول على حصة من سوق الشراء الآن والدفع لاحقًا.. فمقدمو الخدمات الذين يفشلون فى ذلك يخاطرون بفقدان الوصول إلى عملائهم، وخاصة جيل الألفية وجيل زد الذى نشأ فى عصر التكنولوجيا”.
وتقول الصحيفة إن شركات التكنولوجيا المالية، مثل شركة كلارنا السويدية، استفادت بشكل كبير من الطفرة فى التسوق عبر الإنترنت والطلب على الشراء الآن والدفع لاحقًا الذى أشعله الوباء.
وقدر باحثون فى جامعات شيكاغو ووارويك ونوتنجهام أن سوق الشراء الآن والدفع لاحقًا فى المملكة المتحدة نما إلى 5.7 مليار جنيه إسترلينى فى عام 2021 ، أى أكثر من ضعف الرقم الذى قدرته هيئة السلوك المالى لعام 2020.
ونقلت الصحيفة عن العديد من المصرفيين أنهم لا يتوقعون أن تدر منتجاتهم عائدات كبيرة على المدى القصير، لكنهم سيوفرونها للعملاء الشباب الذين يطلبون الخدمة، وقال أحد المصرفيين إنهم لا يتوقعون جنى الأموال من الشراء الآن والدفع لاحقا ، لكنهم قلقون بشأن التهديد الذى تشكله شركات التكنولوجيا المالية إذا تفرعت لتقديم خدمات أخرى.
واعتمدت معاملات الشراء الآن والدفع لاحقًا التقليدية بشكل أساسى على عمليات ميسرة للتحقق من الجدارة الائتمانية ولكن القروض التى تقدمها الشركات للعملاء لا تظهر فى سجل موحد للمقرضين الآخرين وقد أدى ذلك إلى مخاوف من أن المستخدمين يمكن أن يأخذوا ديونًا من عدد من الشركات، لذا بدأ عدد متزايد من مقدمى الخدمات فى الإبلاغ عن معاملاتهم إلى الوكالات المرجعية للائتمان لتفادى تلك الأزمة التى قد تخلق موجة تخلف كبيرة عن السداد.
وتقول الصحيفة إنه على النقيض من ذلك، فإن البنوك التى تقدم تلك الخدمات تقوم ببحث أكثر اكتمالاً عن السجل المالى للمستهلك وتسجل جميع التعاملات وقد يؤثر تأخره فى السداد على تصنيفه الائتماني.
وقال ديفيد ليندبيرج، الرئيس التنفيذى للخدمات المصرفية للأفراد فى بنك ناتويست: “نشعر بالقلق من أن الجدارة الائتمانية للمستخدمين يمكن أن تتأثر من استخدام الشراء غير المنظم الآن والدفع لاحقًا نظرًا لأن المزيد من عملائنا الأصغر سنًا يستخدمون هذه الخدمات فإننا نريد توفير بديل”.
وفى يونيو الماضى أعلنت الحكومة البريطانية عن خطط لتعزيز القواعد على القطاع بما فى ذلك مطالبة الشركات بفحص العملاء الذين يمكنهم تحمل تكاليف استخدام منتجاتهم. ومع ذلك ، فإن التنظيم مستحق بحلول عام 2023 على أقرب تقدير.
ويمكن للبنوك البريطانية أن تستفيد أيضًا حيث تواجه الشركات القائمة ارتفاعًا فى الأسعار وأزمة تكلفة المعيشة التى تضغط على المقترضين والتى أثرت على التقييمات، حيث تم تخفيض قيمة كلارنا من 46 مليار دولار إلى أقل من 7 مليارات دولار فى يوليو ، وفقدت شركة أفيرم التى تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها 80% من سعر سهمها فى نوفمبر.
مزايا تنافسية للبنوك فى سوق الشراء الآن والدفع لاحقًا
قال روهيت ماثور، الشريك فى شركة رأس المال الاستثمارى ديجيتال هوريزون التى استثمرت فى كلارنا: “البنوك لديهم قاعدة عملاء كبيرة وموجود بالفعل وخطوط ائتمان كبيرة ورخيصة”.
وقالت جافين من “فاينانشيال كونسالتينج” إن حجم البنوك يمكن أن يسمح لها بفرض رسوم معاملات أقل على تجار التجزئة، مما يقلل من ربحية مقدمى الخدمات الحاليين الذين يعملون بالفعل بهوامش ضئيلة للغاية.
ومع ذلك سيتعين على البنوك أيضًا التعامل مع المدفوعات المتأخرة والتخلف عن السداد، وقال بنك نات ويس إنه يفرض رسومًا قدرها 12 جنيهًا إسترلينيًا شهريًا إذا تأخرت المدفوعات لأكثر من يوم من استحقاقها، بينما قال بنك مونزو إنه سيحاول أخذ مبلغ أقل من خلال الانتقال إلى خطة أقساط طويلة الأجل، على النقيض لا تفرض الشركات رسوم على التأخر فى السداد.
وعارض مدير تنفيذى فى أحد البنوك البريطانية رفض الكشف عن هويته دخول البنوك فى ذلك المجال خاصة فى هذا التوقيت المأزوم الذى يعانى فيه العالم من صعوبات اقتصادية وارتفاع للتضخم وأسعار الفائدة قائلًا:”هل نريد فتح باب الضرر على أنفسنا والتأثير على سمعتنا؟”.