المستثمرون يغادرون الأسواق وسط تأثير ارتفاع الفائدة وقوة الدولار على المعنويات
سحب المستثمرون مبلغاً قياسياً قدره 70 مليار دولار من صناديق سندات الأسواق الناشئة خلال عام 2022، وهو ما يشير إلى أن أسعار الفائدة المرتفعة فى الاقتصادات المتقدمة والدولار القوى يضغطان على الدول النامية.
أوضح تحليل أجراه بنك «جى بى مورجان» لبيانات صادرة عن «إى. بى. إف.أر جلوبال»، وهى أداة لمراقبة تدفق الأموال، أن المستثمرين سحبوا 4.2 مليار دولار من صناديق السندات فى الأسواق الناشئة الأسبوع الماضى وحده، لترتفع بذلك التدفقات السنوية إلى أعلى مستوى منذ بدء البنك الأمريكى تسجيل البيانات عام 2005.
وتسلط رحلة المستثمرين الضوء على كيفية مواجهة الأسواق الناشئة لمخاطر متزايدة من ارتفاع أسعار الفائدة فى الأسواق المتقدمة، ما يجعل العوائد المرتفعة على ديون الأسواق الناشئة تبدو أقل جاذبية.
كذلك، تسهم المكاسب القوية للعملة الأمريكية فى جعل الأمر أكثر تكلفة بالنسبة للأسواق الناشئة لخدمة الديون المقومة بالدولار وزيادة تكلفة استيراد السلع، والتى غالباً ما تُسعر بالعملة الأمريكية.
ورفع «جى بى مورجان» فى سبتمبر توقعاته لتدفقات سندات الأسواق الناشئة عام 2022 إلى 80 مليار دولار، مقارنة بالتوقعات السابقة البالغة 55 مليار دولار.
ووصف الخبير الاستراتيجى فى مجال الأسواق الناشئة لدى «جى بى مورجان»، ميلو جوناسينجى، التدفقات الخارجة بأنها لا هوادة فيها، فى ظل صافى تدفقات وافدة لمدة سبعة أسابيع فقط خلال العام حتى الآن.
أشارت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية إلى أن هذه التدفقات كانت واسعة النطاق أيضاً؛ حيث يسحب المستثمرون الأموال من الصناديق التى تحتفظ بسندات بالعملات المحلية والأجنبية.
يقرر المستثمرون بكل بساطة الخروج من الأسواق، بدلاً من دراسة المخاطر النسبية لانكشاف العملة، وهذا يمثل تحولاً حاداً عن النهج السابق، حيث كانت التدفقات إيجابية فى كلا النوعين من صناديق السندات لكل عام من الأعوام الستة السابقة، بمتوسط مشترك يزيد على 50 مليار دولار فى العام الواحد.
قال «جوناسينجى»، إن ارتفاع أسعار الفائدة ومبيعات السندات من قبل البنوك المركزية، والتى قلصت بشكل ملحوظ السيولة المارة فى الأسواق العالمية، «ستبقى عائقاً أمام التدفقات الوافدة فى المستقبل المنظور».
وقال كبير الاقتصاديين فى «كابيتال إيكونوميكس»، شيلان شاه، إن التدفقات عبر الحدود من قبل المستثمرين غير المقيمين إلى مجموعة محدودة من الأسواق الناشئة التى تقدم بيانات فى الوقت المناسب تروى قصة مماثلة؛ حيث كانت تدفقات السندات سلبية باستمرار خلال العام الجارى، بينما كانت تدفقات الأسهم متسارعة لتتحول إلى وضع سلبى شديد خلال الأسابيع القليلة الماضية.
رأى العديد من المحللين تحسناً فى توقعات أصول الأسواق الناشئة فى بداية العام الجارى؛ حيث بدأت الاقتصادات فى التخلص من تداعيات الوباء.
مع ذلك، أوضحت الصحيفة أن الغزو الروسى لأوكرانيا تسبب فى خروج هذه التحسن عن مساره، بالرغم من أن بعض مصدرى السلع الأساسية كانوا مستفيدين من الارتفاع الحاد فى الأسعار، إلى أن انقلب التضخم العالمى وارتفاع الدولار ضدهم.
فى الوقت نفسه، يتوقع شاه، مثله مثل جوناسينجى من «جى بى مورجان»، استمرار التدفقات الخارجية على مدى بقية العام، مشيراً إلى التهديدات بقدوم رياح معاكسة ستستمر فى ظل تباطؤ النمو العالمى والتجارة العالمية، وما يصاحبه من انخفاض فى شهية المستثمرين للمخاطرة.