يقول بعض الاقتصاديين، مثل تشانج بن من الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، إن سوق العقارات يعاني من “3 ارتفاعات”، وهي الأسعار الباهظة، خصوصا في أطراف المدن الكبرى، وارتفاع شديد في ديون مطوري العقارات، واستثمار الأسر لكثير من ثرواتها في الممتلكات، لأنهم يرونها استثماراً مربحاً وليس مكاناً للعيش فيه.
في محاولة شرسة لعلاج هذه الأمراض، ابتكر صُناع السياسة في الصين العديد من الأمراض الأخرى، فقد تباطأ تدفق التمويل للمطورين العقاريين بشكل مفاجئ منذ أن فرضت الحكومة قيودا على اقتراضهم عام 2020، ما أجبر العشرات على التعثر في السداد، وهذا أدى إلى تقليل وتيرة بناء الشقق، والتي تم بيع العديد منها مسبقاً.
هذه التأخيرات أسهمت بدورها في حدوث تباطؤ حاد في مبيعات العقارات، خاصة بين الأشخاص الذين يشكون الآن في أنهم سيحصلون على أي شقة قد يشترونها، حسبما ذكرت مجلة “ذا إيكونوميست” البريطانية.
في 11 نوفمبر، أصدر البنك المركزي الصيني والهيئة التنظيمية المصرفية في الصين خطة لمعالجة بعض هذه المشاكل، وسيشجعون البنوك التجارية للمساعدة في تمويل مشاريع بناء المساكن المتعثرة، بجانب “البنوك السياسية” التي تديرها الدولة.
كما أنهم سيعلقون مؤقتاً القيود المفروضة على تعرض البنوك للعقارات ويحثونها على تمديد آجال استحقاق القروض المستحقة في الأشهر الستة المقبلة، وسيضمن المنظمون السندات الجديدة الصادرة عن المطورون، بما في ذلك شركات القطاع الخاص.
ليس من الواضح أن هذا سيكون كافياً لحل مشاكل المطورين، فضلاً عن أن الإجراءات ستعمل على زيادة تدفق التمويل ووتيرة البناء أكثر من إنعاش المبيعات.
في الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري، باعت شركات العقارات في الصين 941 مليون متر مربع من المساحات الأرضية السكنية، أي أقل بمقدار الربع عن نفس الفترة من العام الماضي، ومن شأن تعزيز هذا الرقم أن يصنع العجائب لميزانيات هذه الشركات وفرص السداد لدائنيها، لكن أي محاولة لإنعاش المبيعات تثير أسئلة صعبة لدى صُناع السياسة.
إذا كانت المبيعات الآن بطيئة جداً، فما السرعة التي ستكون سريعة جدًا؟
لحل أزمة العام الحالي: هل يجب أن يميل الناس إلى شراء منازل أكثر مما يحتاجون؟
يصر الرئيس الصيني، شي جين بينج على أن المنازل مخصصة للعيش فيها وليس للمضاربة.
للالتزام بهذه التعليمات، يجب ألا يتجاوز بناء المنازل في المدن الصينية الطلب “الأساسي”، الذي يعتمد على نمو سكان المناطق الحضرية في الصين ورغبتها في الحصول على مساحة معيشية، لكن سوق العقارات في الصين يخصص في بعض الأحيان لخدمة أغراض أخرى أيضاً.
خلال الأزمة المالية العالمية عام 2008، حفزت الصين البناء لتوظيف العمال المسرحين في القطاع الصناعي وإنقاذ الاقتصاد، ثم اكتسب الطلب على الإسكان زخماً.
وبين عامي 2011 و2015، بنت الصين شققاً أكثر بنسبة 18% تقريباً مما تتطلبه لتلبية الطلب الأساسي، وفقا لورقة نُشرت العام الماضي من قبل وو جينج وشو ماندي من جامعة تسينغهوا، وفعلت ذلك حتى بعد هدم ما يزيد على 7 ملايين منزل قديم أو متهالك سنوياً.
ذكرت المجلة أن الطلب على أماكن المعيشة في المدن الصينية سينمو بشكل أبطأ في الأعوام القادمة.
يجب أن يتعامل سوق العقارات أيضاً مع منعطف غير مرغوب فيه فيما يسمى بمنحنى التحضر.
في عام 1975، لاحظ العالم الجغرافي راي نورثام أن المراكز الحضرية “صناعة إنسانية معقدة ومربكة وغير مفهومة”، لكنها تنمو بطريقة يمكن التنبؤ بها إلى حد ما.
يتبع الجزء من سكان البلد الذين يعيشون في المدن شكلاً ضعيفاً، حيث يرتفع الإسكان ببطء خلال مرحلة أولية من النمو، وبسرعة أكبر خلال مرحلة التسارع، ثم يتباطأ ويصبح ثابتاً خلال مرحلة نهائية.
يُظهر وو وشو أن مرحلة التسريع في الصين انتهت في وقت ما في حوالي عام 2007، ومنذ ذلك الحين كانت البلاد في النصف العلوي من النمو الذي يتخذ حرف “S”، ووصل معدل التحضر فيها إلى 65% في عام 2021 ويمكن توقع ارتفاعه بما يزيد قليلاً عن 1% لبقية العقد الزمني الحالي.
ماذا يعني هذا لمبيعات العقارات؟
تعتمد الورقة التي أعدها وو وشو على التعداد السكاني والتعداد السكاني الصغير في الصين، والتي تظهر كل خمسة أعوام، وهذا يصعب تعديل الأرقام لمراعاة الأحداث الأخيرة، لكن تم نشر نموذج بديل يستند إلى البيانات السنوية في عام 2020 من قبل أكبر معهد لأبحاث الملكية في البلاد.
وحسبت أن أحجام مبيعات المطورين ستحتاج إلى الانكماش بنحو 3.7% سنوياً بين عامي 2021 و 2025 لتظل متوافقة مع الطلب، وهو استنتاج مثير للقلق للشركات التي تحتاج بشدة إلى زيادة المبيعات.