قال الرئيس الصيني شي جين بينغ لقادة دول الخليج العربية يوم الجمعة إن الصين ستعمل على شراء النفط والغاز باليوان، وهي خطوة من شأنها أن تدعم هدف بكين في ترسيخ عملتها دوليا وإضعاف قبضة الدولار الأمريكي على التجارة العالمية.
وكان شي يتحدث في المملكة العربية السعودية حيث استضاف ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قمتين عربيتين وصفهما الزعيم الصيني بأنهما “معلم بارز” وأظهرتا الثقل الإقليمي للأمير في الوقت الذي يسعى فيه إلى إقامة شراكات تتجاوز العلاقات التاريخية الوثيقة مع الغرب.
ونقلت المملكة العربية السعودية، أكبر بلد مُصدر للنفط، والصين رسائل قوية خلال زيارة شي بشأن “عدم التدخل” في الوقت الذي تتعرض فيه علاقة الرياض بواشنطن لاختبار بشأن حقوق الإنسان وسياسة الطاقة وروسيا.
ومن شأن أي تحرك سعودي للتخلي عن استخدام الدولار في تجارة النفط أن يمثل زلزالا سياسيا كانت الرياض قد هددت به في السابق في مواجهة تشريع أمريكي محتمل يعرض أعضاء منظمة البلدان المصدر للبترول (أوبك) لدعاوى قضائية لمكافحة الاحتكار.
ويثير تنامي النفوذ الصيني في الخليج قلق الولايات المتحدة. وقد جرى التشجيع على تعزيز العلاقات الاقتصادية خلال زيارة شي الذي استُقبل بحفاوة واجتمع يوم الجمعة مع دول الخليج وحضر قمة أوسع لزعماء دول جامعة الدول العربية.
وأعلن الأمير محمد في بداية محادثات يوم الجمعة “مرحلة تاريخية جديدة من العلاقات مع الصين” في تناقض حاد مع الاجتماعات الأمريكية السعودية الفاترة قبل خمسة أشهر حين حضر الرئيس جو بايدن قمة عربية أصغر في الرياض.
وردا على سؤال حول علاقات المملكة مع واشنطن في ضوء الاستقبال الحار الذي لقيه شي، قال وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان آل سعود إن السعودية ستواصل العمل مع جميع شركائها وأضاف “لا نرى أنها معادلة صفرية”.
وقال الأمير في مؤتمر صحفي عقب المحادثات إن بلاده “لا تؤمن بالاستقطاب أو بتفضيل جانب على آخر”.
وعلى الرغم من توقيع السعودية والصين على عدد من اتفاقات الشراكة الاستراتيجية والاقتصادية، قال محللون إن العلاقات ستظل مرتكزة غالبا حول المصالح في قطاع الطاقة على الرغم من دخول الشركات الصينية قطاعي التكنولوجيا والبنية التحتية بالمملكة.
وقال روبرت موجيلنيكي الباحث المقيم في معهد دول الخليج العربية بواشنطن لرويترز “المخاوف المتعلقة بالطاقة ستظل في مقدمة ومركز العلاقات”.
وأضاف “ستتطلع الحكومتان الصينية والسعودية أيضا إلى دعم شركاتهما الوطنية والفاعلين الآخرين من القطاع الخاص للمضي قدما في الصفقات التجارية والاستثمارية. سيكون هناك المزيد من التعاون في الجانب التكنولوجي أيضا مما يثير مخاوف مألوفة من واشنطن”.
ووقعت المملكة العربية السعودية مذكرة تفاهم مع شركة هواوي هذا الأسبوع في مجال الحوسبة السحابية ولبناء مجمعات عالية التقنية في المدن السعودية. وشاركت شركة التكنولوجيا الصينية العملاقة في بناء شبكات الجيل الخامس في دول الخليج رغم مخاوف أمريكية بشأن مخاطر أمنية محتملة من استخدام تقنياتها.
وقاومت السعودية وحلفاؤها في الخليج الضغوط الأمريكية للتخلي عن روسيا، العضو في مجموعة أوبك+، بعد غزوها لأوكرانيا وللحد من التعاملات مع الصين، إذ تحاول تلك الدول التعامل مع نظام عالمي يشهد استقطابا مع التركيز على اقتصاداتها ومصالحها الأمنية.
والرياض من أكبر موردي النفط إلى الصين وأكد البيان المشترك على أهمية استقرار السوق العالمية والتعاون في مجال الطاقة، مع السعي لتعزيز التجارة غير النفطية وزيادة التعاون في الطاقة النووية لأغراض سلمية.
وقال شي إن بكين ستواصل استيراد كميات كبيرة من النفط من دول الخليج العربية وتعزيز وارداتها من الغاز الطبيعي المسال. وأضاف أن البلدين شريكين طبيعيين وسيتعاونان بشكل أكبر في تطوير قطاع التنقيب عن النفط والغاز وإنتاجهما.
وقال إن الصين ستستغل بشكل كامل “بورصة شنغهاي للبترول والغاز كمنصة لتسوية تجارة النفط والغاز باليوان”.
وتضغط بكين من أجل استخدام عملتها اليوان في التجارة بدلا من الدولار الأمريكي.
وقال مصدر سعودي لرويترز قبل زيارة شي إن قرار بيع كميات صغيرة من النفط باليوان للصين قد يكون منطقيا لتسوية مستحقات الواردات من الصين مباشرة لكنه أضاف أن “الوقت المناسب لم يحن بعد”.
ومعظم أصول السعودية واحتياطياتها هي بالدولار الأمريكي وتحوز الرياض سندات خزانة أمريكية بأكثر من 120 مليار دولار. كما أن الريال السعودي، شأنه شأن عملات خليجية أخرى، مربوط بالدولار.
كان الرئيس الصيني قد قال إن زيارته بداية لحقبة جديدة في العلاقات معبرا عن أمله أن تصبح القمتان العربيتان “معالم بارزة في تاريخ العلاقات الصينية العربية”.