بدأت شركات الطيران في العودة إلى الربحية بعد تكبد خسائر كبيرة خلال الوباء، لكن ثمة سحابة تلوح في الأفق تتمثل في ارتفاع تكلفة استئجار الطائرات.
ذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” أن أكثر من نصف الطائرات التجارية في العالم مملوكة أو مدارة من قبل شركات تأجير، وأسعارها ترتفع.
وبالنسبة لطائرات إيرباص “إيه 230 نيو” و “بوينج 737 ماكس”، وهي أكثر الطائرات ذات الممر الواحد رواجاً، فقد ارتفعت معدلات الإيجار 14% و20% على التوالي منذ أدنى مستوياتها خلال الوباء، بحسب شركة “آي.بي.أيه” لاستشارات الطيران.
تأتي القفزة في رسوم الإيجارات نتيجة أخرى لدفع البنوك المركزية العالمية لرفع أسعار الفائدة في وقت ينهي فيه ارتفاع التضخم حقبة التمويل الرخيص.
وتعني أسعار الفائدة المرتفعة أن لدى الشركات المختصة التي تمتلك أساطيل الطائرات وتؤجرها ديوناً أكثر تكلفة، ويجب على المؤجرين حساب كيفية تمرير تكاليف الاقتراض هذه إلى شركات الطيران التي تتعامل مع ارتفاع تكاليف الوقود والعمالة حاليا.
قال المحلل في “ستاندرد آند بورز جلوبال”، فيليب باجالي، إن الصفقة، وهي أول طرح من نوعه للسندات منذ الأزمة الروسية الأوكرانية، تعد “ريادية إلى حد ما، وكان عليهم دفع مقدار أعلى كثيرا مما اعتادوا الاقتراض به، لكن هذا هو واقع السوق”.
كما قال الرئيس التنفيذي لشركة “أير ليس”، ستيفن أودفار هازي، إنه لم يشهد زيادة تكلفة رأس المال بهذه السرعة منذ السبعينيات، عندما كان التضخم متفشياً.
لا شك أن سرعة ارتفاع الإيجارات تصعب تمرير تكاليف تمويل أعلى لشركات الطيران، لكن أودفار-هازي قال إن “أير ليس: قد بدأت تمرير هذه التكاليف بالفعل.
تقاوم شركات الطيران، التي ارتفعت أسعار إيجاراتها بالفعل بسبب شح المعروض من الطائرات والطلب القوي، ذلك.
طلبت كثير من شركات الطيران من المؤجرين مساعدات مالية خلال الوباء، لكن الملاءة المالية والربحية عادت إلى الرحلات الجوية.
قال أودفار-هازي: “لذلك من الصعب للغاية الاعتراف بفقرها.. نعم، سنعمل مع عملائنا، لكنهم يقرأون الصحف، ويرون ما يجري. فتكلفة التمويل آخذة في الارتفاع”.
أشارت كثير من شركات الطيران إلى ارتفاع أسعار الفائدة فيما يتعلق بعقود الإيجار في مؤتمرات مكالمات الأرباح الأخيرة.
أخبرت شركة “ويز إير” المجرية المستثمرين الشهر الماضي أنها استفادت من “هياكل أسعار الفائدة الثابتة التي تمول 94% من أسطولها الحالي”.
في الولايات المتحدة، قال المدير المالي لشركة “فرونتيير إيرلاينز”،جيمي ديمبسي، إنها مولت 35 من أصل 37 عملية تالية لتسليم الطائرات، “قمنا بذلك بطريقة وضعت حدا أعلى للتعرض لأسعار الفائدة على كثير من اتفاقيات الاستئجار هذه”.
كذلك، قال الرئيس التنفيذي لشركة “أفولون” الإيرلندية لتأجير الطائرات، آندي كرونين، إن معدلات الإيجار تتحرك صعوداً لكل من الطائرات الجديدة والمستعملة استجابة لنقص المعروض من الطائرات في السوق، وارتفاع أسعار الفائدة وانسحاب بعض المؤجرين من السوق، خاصة أن بعضهم من آسيا.
وأشار أيضاً إلى أنه “لا أحد يريد شراء حزمة من الطائرات المستأجرة لأن لديهم عقود إيجار حقبة التيسير الكمي، بينما يمكن للمستثمرين الحصول على عوائد حقبة التشديد الكمي من خلال توفير رأس المال لمعاملات الإيجار الجديدة”، في إشارة إلى حركة البنوك المركزية المفاجئة لتشديد السياسة النقدية.
ستكون المساومة المتوترة بين المؤجرين وشركات الطيران محدودة إلى حد ما لأن 15% إلى 20% فقط من أسطول المؤجرين يجدد عقد الإيجار في أي عام معين.
وارتفعت أسعار إيجار السوق الحالية للطائرات الجديدة من 5% إلى 10%، لكن هذه ليست 30% التي قد تكون مطلوبة بالنظر إلى زيادات أسعار الفائدة التي شهدناها هذا العام.
قال رئيس الاستشارات العالمية في شركة “أسيند باي سيريوم”، روب موريس : “لذلك سيواجه المؤجرون بعض الضغط في هامش الأرباح”.
وقال أودفار-هازي إن “شركات الطيران تتعرض لضغوط هائلة جراء زيادة التكاليف، لكنها تمكنت من تمريرها إلى المسافرين عبر رفع أسعار التذاكر. لذا فإن شركة أير ليس ليست مذنبة في هذا الصدد. إننا نحاول ببساطة التعامل مع الحقائق الاقتصادية”.