من المقرر أن تجنى أكبر البنوك الاستثمارية فى العالم رسوماً لعقد الصفقات فى الهند خلال العام الجارى بشكل أكثر من الصين، وهى المرة الأولى التى يصفها الممولون بأنها إعادة توجيه تاريخية، حيث يقومون بالتنويع بعيداً عن الاقتصاد الصينى المنفصل.
وسحبت البنوك الأجنبية ما قيمته 231 مليون دولار من رسوم الاندماج والاستحواذ من الهند حتى الآن هذا العام، متجاوزة 204 ملايين دولار التى تم تحقيقها فى الصين خلال نفس الفترة، وفقاً لـ”ديلوجيك”.
وجاء بنك “جى بى مورجان” ضمن أولئك الذين سيكسبون من عمليات الاندماج والاستحواذ فى الهند أكثر من الصين هذا العام للمرة الأولى، طبقاً لما ذكره شخصان على دراية بوضع البنك، لكن البنك امتنع عن التعليق.
وفى عام 2022، انخفضت عائدات أسواق الأسهم والسندات الصينية، التى كانت لفترة طويلة واحدة من أكبر مصادر الرسوم لمؤسسات التمويل الأمريكية والأوروبية فى آسيا، حيث أغلق البر الرئيسى للصين على نفسه أثناء وباء كورونا وأصبح يفضل البنوك المحلية بشكل متزايد.
وبالرغم من أنه من المتوقع توسع نشاط الصفقات مع إعادة فتح الصين الآن، فقد حذر مصرفيو وول ستريت من أن فترة الإغلاق الطويلة دفعت المزيد من الشركات الصينية إلى اللجوء للبنوك المحلية للعمل الاستشارى فى المستقبل، بحسب صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية.
وانخفضت الإيرادات الأساسية لبنوك الاستثمار الأجنبية، بما فى ذلك أسواق رأس المال والسندات وكذلك عمليات الاندماج والاستحواذ، بنسبة 70% لتصل إلى 602 مليون دولار خلال العام حتى الآن مقارنة بعام 2021، وفق بيانات “ديلوجيك”، ويأتى ذلك بعد انخفاض بنسبة 15% فى العام السابق.
ويعزز الاتجاه كيف يؤثر الفصل فى التجارة والاستثمار والتكنولوجيا بين الولايات المتحدة والصين على أسواق رأس المال.
وبينما لاتزال الهند جزءاً صغيرًا من الإيرادات التى تجنيها الصين تاريخياً لبنوك الاستثمار العالمية، فإن الأرقام تشير إلى تحول أوسع من قبل التمويل الغربى لإيجاد الفرص والنمو فى الأسواق الأخرى.
وقال جان ميتزجر، رئيس الخدمات المصرفية وأسواق رأس المال والاستشارات فى “سيتى بنك” فى آسيا، إن “تطور المحفظة المصرفية هناك مع النمو فى التكنولوجيا، بجانب الشركات الهندية العملاقة التى أصبحت أكثر نشاطاً” جعلت الهند “سوقاً مصرفية استثمارية رائدة لشركة سيتى فى عام 2022، ونتوقع أن يستمر الأمر فى الأعوام المقبلة”.
ووصف رئيس الخدمات المصرفية الاستثمارية الآسيوية ومقره سنغافورة فى أحد البنوك الأمريكية ذلك بأنه “تغيير أساسى وأعتقد أنه يتم تغيير موقعه بشكل دائم من قبل وول ستريت”، وإذا كنت تعتقد أن الرئيس الصينى شى جين بينغ عازم على بناء مجال نفوذه الاقتصادى الخاص، بينما لا تظهر الولايات المتحدة أى علامة على وقف حملتها القمعية على الصين، فأين تذهب فى المنطقة؟”.
وكانت الهند دولة ناشز عالمياً عن نشاط الاندماج والاستحواذ هذا العام، حتى مع مخاوف التضخم والركود التى قادت بعضاً من أكبر الانخفاضات فى إبرام الصفقات فى مناطق أخرى منذ الأزمة المالية.
وارتفع نشاط الاندماج والاستحواذ فى الهند بنسبة 58% على أساس سنوى إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عند 148 مليار دولار فى الأشهر التسعة الأولى من عام 2022، وفقاً لتقرير صادر عن مزود البيانات “ريفينتيف”.
وجاء جزء كبير من ذلك من الاندماج الذى بلغت قيمته 40 مليار دولار بين بنك “إش دى إف سى”، ثالث أكبر شركة مدرجة فى الهند من حيث القيمة السوقية، وشركة “هاوسينج ديفلوبمنت فاينانس”، وهى الشركة الرائدة فى تقديم خدمات الرهن العقارى.
وقال المصرفيون أيضاً إن التحول فى نوع الشركات الهندية التى تشاركها فى الطرح العام الأولى وأعمال إصدار الأسهم كان محورياً.
وعندما كان العديد من أكبر الشركات المدرجة فى الهند عبارة عن عمليات خصخصة للأصول المملوكة للدولة، كانت الرسوم منخفضة نسبياً، لكن الآن بعد أن تحول التوازن إلى الشركات الخاصة، أصبح العمل أكثر ربحية بشكل ملحوظ.
ويتبع تحول الصناعة المصرفية ديناميكية مماثلة فى قطاع التكنولوجيا فى الهند العام الماضى، عندما تم تحويل العديد من الدولارات الاستثمارية من الصين إلى الهند.
ومقابل كل دولار يُستثمر فى التكنولوجيا الصينية، ذهب 1.50 دولار إلى الهند فى عام 2021، وفقاً لمجلة “آسيان فينشر كابيتال”، بالرغم من أن تباطؤ النمو وارتفاع أسعار الفائدة هذا العام ساعد فى تقليل التقييمات المتضخمة وبعض جنون السوق.
وقال أحد مديرى الأصول الذى ينمو مكتبه فى الهند، والذى لم يرغب فى الكشف عن اسمه لأنه لا يزال لديه عملاء وأعمال فى الصين القارية، إنه “يمكن أن تكون الهند غير متوقعة، وبالتأكيد تعرضت الأعمال الأجنبية للحرق هناك من قبل، لكن لم يعد بإمكانك الاحتفاظ بكل البيض فى سلة واحدة مثل الصين، خاصة أن سلاسل الإمداد والاقتصادات تنفصل”.