
هناك ارتباط وثيق بين التنمية المستدامة وتحقيق الأمن الاجتماعي، حيث تهدف التنمية المستدامة إلى تحقيق تنمية منصفة وشاملة عن طريق تعزيز قدرات وفرص الفئات الأكثر ضعفاً وتهميشاً فى المجتمع، خاصة ذوى الاحتياجات الخاصة.
وقد أكدت الاتجاهات العالمية على أهمية تقديم الحماية والرعاية والأمن الاجتماعى من قبل المجتمع وكافة مؤسساته لفئة ذوى الاحتياجات الخاصة كأحد أولويات تحقيق التنمية المستدامة.
وحددت الأمم المتحدة منذ عام 1992 يوم الثالث من ديسمبر من كل عام كيوم عالمى لذوى الاحتياجات الخاصة بهدف زيادة الفهم لقضايا الإعاقة ودعم الأفكار والمبادرات التى تعمل من أجل ضمان حقوق ذوى الاحتياجات الخاصة، كما يدعو هذا اليوم إلى تكريس الوعى المجتمعى بأهمية التوسع فى إدماج الأشخاص ذوى الاحتياجات الخاصة فى الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية.
ويوفر الاحتفال باليوم العالمى لذوى الاحتياجات الخاصة فرص المشاركة لجميع الأطراف المعنية من الحكومة والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدنى فى إطلاق المبادرات والبرامج المحفزة والمبتكرة، التى تستهدف دمج الأشخاص ذوى الاحتياجات الخاصة بالمجتمع وتعزيز قدراتهم.
ويتيح الاحتفال بهذا اليوم فرص واسعة لوسائل الإعلام وكافة قطاعات المجتمع لأن تقدم إسهامات خاصة من شأنها إثارة المزيد من الاهتمام ونشر الوعى حول الحقوق الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والمدنية والسياسية للأشخاص ذوى الاحتياجات الخاصة.
وتؤكد هذه الجهود أن ذوى الهمم لهم أهمية كبيرة فى التوجه التنموى للدولة المصرية، حيث تأتى هذه الفئة فى مقدمة محددات برامج وخطط التنمية، خاصة وأنهم يمثلون شريحة كبيرة من المجتمع، ويوجد بينهم العديد من النماذج المتميزة علمياً ورياضياً وفى مختلف المجالات، حيث تنظر إليهم الدولة باعتبارهم جزءاً رئيساً من قوة العمل ومكوناً مهماً للثروة البشرية الهائلة، التى يتمتع بها المجتمع، وتسعى مصر لتعظيم الاستفادة منها فى إطار التوجه الأوسع بالاستثمار فى البشر، كما أن الدستور المصرى كفل مجموعة من الحقوق لذوى الاحتياجات الخاصة، وتضمنت الأجندة الوطنية للتنمية المستدامة “رؤية مصر 2030” عدداً من السياسات التنموية لهذه الفئة.
وتتبارى شركات القطاع الخاص فى دفع جهود الدولة الرامية إلى دمج ذوى الاحتياجات الخاصة وتعزيز قدراتهم، ولعل من أبرز شركات القطاع الخاص فى هذا الصدد شركة القلعة وذراعها فى مجال التنمية المجتمعية “المصرية للتكرير” عبر برنامجيها التنمويين الرائدين “مستقبلى” و”تكافل” اللذين يأتيان ضمن البرامج الهامة للشركة المصرية للتكرير فى دعم وتمكين متحدى الإعاقة وتحقيق التنمية المجتمعية بمختلف أبعادها.
وتنتهج القلعة وشركاتها التابعة استراتيجية الاستثمار الشمولى المسئول ذو المردود الإيجابى ثلاثى الأبعاد اقتصادياً وبيئياً واجتماعياً وفق عدة محاور لتحقيق نمو شامل مستدام، بما يتماشى مع رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة، وتتمحور هذه الاستراتيجية فى التنمية المجتمعية حول الاستثمار المستدام فى تنمية الطاقات البشرية الكامنة وإعداد قادة المستقبل من الشباب فى شتى المجالات.
وشملت نسخة هذا العام من برنامج “مستقبلى” للمعلمين والطلاب 99 مستفيداً جديداً، بما فى ذلك 18 منحة دراسية للطلاب الجامعيين لاستكمال دراستهم الجامعية فى أكبر الجامعات الحكومية والاهليه بمصر، و27 منحة لطلبة التعليم الفنى بمعهد السالزيان “دون بوسكو”، و54 منحة تدريبية للمعلمين بالجامعة الأمريكية بالقاهرة.
وقد تضمنت منح برنامج مستقبلى لهذا العام منحتين لاثنين من طلاب المرحلة الثانوية من ذوى الاحتياجات الخاصة بالمدرسة الثانوية بالخصوص، يتميزان بتفوقهما طوال سنوات الدراسة وحصلا على أعلى الدرجات، لكن لم يكن لديهما العديد من الفرص لاستكمال تعليمهما، ومن هنا بدأ المسئولون عن برنامج “مستقبلى” التنسيق مع الكيان التعليمى الأكثر ملاءمة وتأهيلاً لهما، واختار الطالبان التقدم للحصول على المنحة الدراسية فى كلية النقل الدولى واللوجستيات فى الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى، ونجحا فى اجتياز الاختبارات والمقابلات لتتيح لهما منحة “مستقبلى” فرصة الحصول على فرص تعليمية أفضل، وأن يكونا فى مكان احترافى ومجهز للغاية ومؤهل لاستقبالهما مما سيسهل اندماجهما فى المجتمع ويسهل عليهما الحصول على فرص عمل أفضل فى المستقبل، حيث يحلمان حالياً بالعمل فى شركة رائدة فى مجال النقل والخدمات اللوجستية أو أن يلتحقا بالتدريس فى الأكاديمية ويعملان بجد لتحقيق حلمهما.
ويدعم برنامج “تكافل” أكثر من 1984 من متحدى الإعاقة من خلال توفير أجهزة داعمة للسمع، والحركة لتمكينهم ودمجهم فى المجتمع، وتركز القلعة فى هذا الإطار على تحقيق المساواة بين الجنسين حيث تمثل الفتيات حوالى 50% من المستفيدين.
ويقدم البرنامج أجهزة سمعية للطلاب ذوى الإعاقات السمعية فى المدارس لمساعدتهم على الاندماج فى المجتمع، ومن بين المستفيدين طلاب مدرسة الأمل لضعاف السمع بمنطقة المطرية، وطلاب مدرسة الصم وضعاف السمع بمنطقة شرق شبرا الخيمة، وأكد معلموهم أن تلك السماعات ساعدتهم على أن يصبحوا أكثر ثقة وتفاعلاً داخل الفصول الدراسية وتحسين تواصلهم مع معلميهم، وبالتالى ساعدتهم على الاندماج أكثر فى المجتمع.
وإن برنامجى “مستقبلى” و”تكافل” ومساهمتهما الفعالة فى تحقيق التمكين الاقتصادى للمرأة وخاصة فى التعليم الفنى، والشباب، والمساهمة فى دمج ذوى الاحتياجات الخاصة، يمثلان نموذج هام جداً للشراكة بين القطاعين العام والخاص بما يتماشى مع استراتيجية الدولة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030.