تتراجع هوامش الربح في معظم أنحاء الشركات الأمريكية، إذ تكافح الشركات لمواصلة رفع الأسعار، مما يبهج محافظي البنوك المركزية الذين يحاولون محاربة التضخم المتصاعد لكنه يحبط المستثمرين الباحثين عن عوائد أعلى.
أظهرت بيانات مكتب التحليل الاقتصادي الأمريكي أن الأرباح قبل الضرائب للشركات التابعة لمؤشر “ستاندرد آند بورز 500″ سجلت أعلى مستوى لها على الإطلاق في الربع الثاني من العام الماضي، وقفزت بنسبة 70% تقريباً منذ نفس الفترة من عام 2020، مدعومة بمدفوعات التحفيز الحكومية المصممة لتعزيز القدرة الشرائية للمستهلكين والشركات عندما أضر كوفيد-19 بالاقتصاد العالمي.
ومع ذلك، فقد انخفض هامش الربح الصافي المقدر لـ”وول ستريت” للمؤشر هذا الربع إلى 11.6% فقط، وفق “فاكت سيت”، وسيكون ذلك انخفاضاً من 11.9% في الربع الثالث، ومن 12.4% في الربع الرابع من 2021، إلى أدنى مستوى منذ نهاية عام 2020.
خفض المحللون توقعات أرباحهم لعام 2023 ويتوقعون الآن مزيداً من الانخفاض.
توقعت “بي إم أو كابيتال ماركتس” مؤخراً انكماشاً بنسبة 5% تقريباً عن 2022، وطرح بعض الاستراتيجيين إمكانية “ركود الأرباح”.
ما يزال التضخم المرتبط بالخدمات، بما فيها التكاليف المتعلقة بتناول الطعام بالخارج والسفر والرعاية الطبية، مرتفعاً، وتشير معظم التقديرات إلى أنه من المرجح أن تبقي ضغوط الأسعار مرتفعة حتى نهاية 2023 على الأقل، حسبما نقلت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية.
لكن البيانات الأخيرة تشير إلى أن التضخم الأوسع بلغ ذروته بالفعل، مع مكاسب في قطاعات أخرى قابلها انخفاض تكاليف الطاقة والمواد اليومية مثل الملابس والأثاث والأجهزة المنزلية.
قال بريان بيلسكي، كبير استراتيجيي الاستثمار في “بي إم أو كابيتال ماركتس”، إن الأمر سيستغرق “تدهور هامش الربح” لخفض توقعات التضخم لدى المستهلكين في النهاية وإقناع بنك الاحتياطي الفيدرالي بتخفيف التشديد.
لأكثر من عامين، استجابت معظم الشركات لارتفاع تكاليف الإمدادات والخدمات اللوجستية والعمالة من خلال زيادة الأسعار.
وفي إعلان أرباح في ديسمبر، على سبيل المثال، أشارت شركة صناعة الحبوب “جنرال ميلز” إلى أنها تمكنت من رفع الأسعار بنسبة 17% لتعويض انخفاض بنسبة 6% في الأحجام.
يتوقع معظم مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي انخفاض مقياس التضخم المفضل لديهم، وهو مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي، إلى 3.5% بحلول نهاية عام 2023، انخفاضاً من مستوى 4.8% المتوقع لنهاية عام 2022.
كما يتوقع إيان شيبردسون، كبير الاقتصاديين الأمريكيين في “بانثيون ميكروإيكونوميكس”، أن ينخفض التضخم أكثر من ذلك بكثير، لأسباب ليس أقلها أن الاحتياطي الفيدرالي “يقلل من حجم القوى المؤدية للتضخم التي تعمل بالفعل في الاقتصاد”.
بدلاً من ذلك، يتوقع أن ينخفض تضخم نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسية إلى أقل من 2% على أساس سنوي النصف الثاني من عام 2023، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى توقعه انكماش هوامش الربح بسرعة.
ومما يزيد التوقعات تعقيداً حقيقة أن العديد من الاقتصاديين يتوقعون حدوث ركود في الولايات المتحدة العام الحالي، حيث يواصل بنك الاحتياطي الفيدرالي حملته الأكثر عدوانية لرفع أسعار الفائدة منذ عقود.
اعتباراً من منتصف ديسمبر الماضي، يتوقع معظم المسؤولين أن يصل سعر الفائدة القياسي للاحتياطي الفيدرالي إلى ذروته فوق 5% العام المقبل، ارتفاعاً من النطاق المستهدف الحالي الذي يتراوح بين 4.25% إلى 4.50%.
على خلفية اقتصادية أضعف، حذر توم بورسيلي، كبير الاقتصاديين الأمريكيين في “أر بي سي كابيتال ماركتس”، من أن الشركات ستحاول حماية هوامش ربحها من خلال “ملاحقة العمالة”، ما يشير إلى خسائر وظيفية أكثر مما يتوقعه الاحتياطي الفيدرالي.