قصة نمو الصين تُذهل العالم مرة أخرى


لن ينسى أحد في الصين عام 2022 في أي وقت قريب، خصوصا أن التكلفة المباشرة لعمليات الإغلاق واختبارات “كوفيد” كانت هائلة وربما تبلغ مئات المليارات من الدولارات، وكان التأثير الاقتصادي أكبر.

نما الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للبلاد بنسبة 3% فقط، بصرف النظر عن العام الأول للوباء، وهي أبطأ وتيرة نمو سُجلت منذ أكثر من أربعة عقود ونصف العقد.

أبدت الشركات الأجنبية متعددة الجنسيات والمستثمرون، تحفظاتهم بشأن الاقتصاد الصيني خلال العام الماضي، عبر العمل على تطوير قواعد مصادر بديلة في أماكن منها ماليزيا وفيتنام ، وعبر بيع الأوراق المالية الصينية.

ثم في الشهر الأخير من العام، شهدنا واحدة من أكثر المواقف السياسية إثارة للدهشة بالنسبة لأي حكومة في أي مكان في الآونة الأخيرة، إذ انتهت سياسة “ًصفر كوفيد” بشكل مفاجئ.

أدت فكرة إنتهاء الاختبارات الجماعية والقيود المفروضة على الحركة، بدورها إلى تفشي “كوفيد” من جديد بشكل كبير وسط الامتناع عن إدلاء بمعلومات واضحة عن الوضع.

ليست لدينا القدرة على فهم حجم تفشي الوباء وآثاره حتى الآن، لكن يبدو أن وسائل الإعلام الخارجية قد تكون مبالغة بشكل كبير في الموقف، بحسب مجلة “نيكاي آسيان ريفيو” اليابانية.

نحن نعلم أن الطرق وقطارات الأنفاق والمطارات أصبحت أكثر ازدحاماً، فهناك روح من التفاؤل في هواء ما قبل السنة القمرية الجديدة.

ومع ذلك، أطلعت بنوك الاستثمار الغربية الكبرى على ملاحظات تفاؤلية حذرة في بيانات توقعاتها لعام 2023، وأشار معظمها، كما ينبغي، إلى غيوم مستمرة للأصول العقارية المبالغة في تقييمها، ومشاكل ميزانية الحكومة المحلية والديون المتراكمة.

لاحظت الفئة الأكثر تفاؤلاً بينهم، المدخرات المتزايدة التي جمعتها الأسر الصينية خلال فترة تفشي كوفيد بقيمة 4.5 تريليون دولار، وهي قيمة أكبر من الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة باستثناء الولايات المتحدة والصين واليابان.

ربما الأهم من ذلك أن الشركات الصينية الصغيرة ومتوسطة الحجم، التي تهيمن على التوظيف والنشاط الاقتصادي، قد دمرت بسبب سياسات “صفر كوفيد”.

ففي ظل خروج مئات الآلاف منهم للعمل، أو على الأقل تأثروا بشدة.. لن يقوم أصحابها وموظفوها السابقون بأي أنشطة تسوق في أي وقت قريباً.

وفي الوقت الذي ستكون فيه زيادة تدريجية في إنفاق المستهلكين، كما رأينا بالفعل مع حجوزات السفر، سيكون هذا تعافياً من خط الأساس المنخفض.

تباطأ الإنفاق بشكل كبير عام 2022 لأسباب واضحة، كما انخفض مؤشر ثقة المستهلك التابع للمكتب الوطني للإحصاء بأكثر من 25% على أساس سنوي كل شهر بين أبريل وديسمبر.

ومع ذلك، فإن العوامل الأساسية الكلية التي تدفع الاقتصاد الصيني إلى الأمام على المدى المتوسط إلى الطويل لا تستمر فحسب، بل إنها تكتسب قوة.

في ظل الاستفادة من أكبر سوق في العالم للسيارات الكهربائية، تهيمن الشركات الصينية الآن على إنتاج بطاريات السيارات الكهربائية أيضاً، كما ستوسع شركات قطاع السيارات الكهربائية الصينية حتماً قيادتها إلى مناطق أخرى.

جعلت اقتصاديات الحجم في الداخل والإعانات الحكومية والتقدم التكنولوجي، السيارات الكهربائية الصينية أقل تكلفة من تلك القادمة من المنافسين الأمريكيين واليابانيين، مما يمنحها ميزة في أسواق مثل جنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية.

تعمل الحكومة الصينية على خفض الدعم لمشتريات السيارات الكهربائية، لكنها تتجه بدلاً من ذلك نحو الإعفاءات الضريبية للبحث والتطوير، وهذا التغيير سيؤدي إلى تفضيل مصنعي السيارات الكهربائية عالية الجودة، وهو أمر جيد للسوق بشكل عام.

شركة “كونتمبوراري أمبيركس تكنولوجي”، أكبر صانع لبطاريات السيارات الكهربائية في العالم، ملتزمة بالفعل ليس فقط بتزويد بعض العلامات التجارية الأكثر شهرة للسيارات في العالم المتقدم بل أيضاً ببناء مصانع في الولايات المتحدة وأوروبا والأسواق الأخرى.

بالنسبة لقطاع التصنيع على نطاق أوسع، ستؤدي تحسينات الجودة والتكنولوجيا، خاصة فيما يتعلق بالأدوات الرقمية، إلى تحسين إنتاجية العمالة ورأس المال.

تعد فئة المستهلكين الصينيين نفسها إلى حد بعيد الأكبر في العالم، لكنها لاتزال تنمو بوتيرة لا تتجاوزها سوى الهند بين الاقتصادات الكبيرة.

علاوة على ذلك، يلعب الشباب دوراً كبيراً، ففي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، يمثل الجيل زد حوالي 4% من إجمالي إنفاق الأسرة بينما في الصين تبلغ نسبتهم 15%.

لا شك أن البيع لهؤلاء المستهلكين الشباب هو السبب الرئيسي وراء قدوم الشركات متعددة الجنسيات في الخارج إلى الصين على مدى العقدين الماضيين بأعداد متزايدة، حيث تعد الصين أفضل قصة نمو لهم وغالباً ما تكون قصة نموهم الوحيدة.

لمتابعة الاخبار اولا بأول اضغط للاشتراك فى النسخة الورقية او الالكترونية من جريدة البورصة

مواضيع: الصين

منطقة إعلانية

نرشح لك


https://www.alborsanews.com/2023/01/24/1624799