
سريلانكا وجهت 71.4% من إيراداتها لمدفوعات الفوائد مقارنة بالمتوسط العالمي البالغ 6%
أصبحت الديون المتزايدة بسرعة مصدر قلق عالمي خطير، إذ يشير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى أن 54 دولة، تضم نصف أفقر سكان العالم، تحتاج إلى إعفاء عاجل من الديون.
تقول المديرة الإدارية لصندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، إن أكثر من 60% من الدول منخفضة الدخل وأكثر من 25% من دول الأسواق الناشئة تعاني من ضائقة ديون أو معرضة لخطرها.
أفادت بيانات البنك الدولي أن أعباء ديون الدول منخفضة الدخل في العالم بلغت 860 مليار دولار اعتباراً من 2020.
ومع ذلك، فإن الديون لا تتعلق فقط بالأرقام، بل إنها تتعلق أيضاً بحياة الناس، إذ يواجه العديد من سكان الدول المثقلة بالديون ضرراً مباشراً على سبل عيشهم وصحتهم من الصعوبات المالية التي تواجهها دولهم.
بما إن هذه الديون تأتي تحت مظلة العديد من أكبر المقرضين الثنائيين في العالم والأعضاء الأكثر نفوذاً في وكالات الإقراض متعددة الأطراف ومنها صندوق النقد الدولي، فإن مجموعة السبعة تحت قيادة اليابان يجب أن تفعل المزيد خلال العام الحالي لمعالجة أزمة الديون العالمية ..، بل يجب أن يكون تخفيف عبء ديون الدول المتعثرة أولوية جماعية.
الأزمات المتداخلة تتزايد، إذ تعاني 5 من الدول العشر الأكثر تعرضاً للكوارث المتعلقة بتغير المناخ ، بالفعل، من ضائقة ديون أو أنها معرضة بشدة للوقوع فيها.
يمكن أن يكون لمستويات الديون غير المستدامة تأثير خطير على رفاهية الناس.
غالباً ما تقدم الدول الغنية والمؤسسات المالية الدولية قروضاً وتخفيفاً للديون بشروط تقيد قدرة الحكومات على الاستثمار في الصحة والتعليم والقطاعات الاجتماعية الأخرى، وغالباً ما يأتي ذلك في أوقات تشتد فيها الحاجة لهذا الإنفاق، كما أن تكلفة خدمة الديون الحالية تحول التمويل الأساسي بعيداً عن الإنفاق الاجتماعي الحاسم.
يمكن تحقيق إعادة هيكلة فعالة للديون تحمي حقوق الإنسان، إذ يمكن للعمل الدولي المنسق الذي يقدم تخفيفاً للديون أن يحول قدرة الحكومات على الاستثمار في الحماية الاقتصادية والاجتماعية، حسبما ذكرت مجلة “نيكاي آسيان ريفيو” اليابانية.
بالنسبة لدول مثل الصومال، يمكن لتخفيف الديون أن يحرر موارد كبيرة لتحسين توفير الصحة العامة الأساسية.
ليس لدى الدولة الواقعة في شرق أفريقيا، والتي تأتي ضمن أقل دول العالم نمواً، أي قدرة تقريباً على اختبار أو علاج أو إدارة جائحة كورونا، بالتالي يمكن للدائنين إتاحة المجال أمامها لزيادة الإنفاق على الصحة عبر تأجيل أو التنازل عن بعض ديونها.
في الوقت نفسه، فإن سريلانكا غارقة في أزمة اقتصادية كارثية، ويرجع ذلك بشكل كبير إلى ديونها، فقد وجهت الحكومة في 2020 ما يصل إلى 71.4% من إيراداتها إلى مدفوعات الفوائد، مقارنة بالمتوسط العالمي البالغ 6%.
تخلفت سريلانكا عن سداد التزامات ديونها العام الماضي وسط نقص حاد في الغذاء والوقود والأدوية والمواد الأساسية الأخرى.
واعتباراً من يونيو الماضي، قال نحو 11% من الأسر إن دخلهم توقف، و62% قالوا إن دخلهم انخفض في وقت تجاوز فيه تضخم الغذاء 90%.
في مثل هذه الظروف، تعد القدرة المالية للحكومة على توفير المساعدة الصحية والاجتماعية أمراً أساسياً لحماية الناس، إذ يمكن لسريلانكا التمتع بحيز مالي لتمويل مثل هذه البرامج من خلال تخفيف الدائنين لعبء الديون بشكل عاجل ومناسب.
دعا 182 من الاقتصاديين وخبراء التنمية وغيرهم من المتخصصين، مؤخراً، دائني سريلانكا إلى “ضمان إلغاء الديون بما يكفي لتوفير مخرج من الأزمة الحالية”.
في عام 2008، وسط الأزمة المالية في اليونان، فرضت الحكومة إجراءات تقشفية بتشجيع من الدائنين، وهذا أدى إلى تغييرات هيكلية تسببت بدورها في خفض الإنفاق العام على الصحة وتقويض حقوق التوظيف للعاملين الصحيين وخفض التكاليف الصحية.
وفي 2005، وافقت دول مجموعة السبع على إلغاء بعض الديون الخاصة بعدة بلدان متعثرة.
كذلك، سمحت مبادرة تعليق خدمة الديون لمجموعة العشرين خلال فترة الوباء بتعليق بعض مدفوعات الفائدة، مما أعطى الدول المستفيدة مزيدًا من الحيز المالي للاستجابة للوباء.
كان يمكن لهذه الجهود أن تكون فعالة أكثر من ذلك، لكنها سلطت على الأقل الضوء على رغبة الدول الدائنة في اتخاذ إجراءات منسقة بشأن الديون عند الاقتضاء.
لا شك أن التقاعس عن العمل الآن، عندما تكون علامات التحذير واضحة والمخاطر عالية للغاية، ينطوي على خطر السماح لهذه الأزمات بالتحول إلى كوارث تتعلق بحقوق الإنسان.
ولا شك أيضاً أن عدم اتخاذ إجراءات منسقة وعاجلة بشأن الديون سيؤدي إلى زيادة شدة خطورة مخاطر زيادة الفقر وعدم المساواة والمعاناة الإنسانية التي لا داعي لها.