
فاز “يون سوك يول” بفارق ضئيل بانتخابات الرئاسة فى كوريا الجنوبية، العام الماضي، على منصة يمينية واضحة تركز على الإجراءات المؤيدة للنمو وإصلاحات السوق، وتؤكد على تحالف سول مع الولايات المتحدة.
عندما تولى يون منصبه، خشي المستثمرون من التحول الكورى المتوقع نحو واشنطن، بعد إمضاء سلفه 5 أعوام في إعطاء الأولوية للعلاقات مع الصين وكوريا الشمالية، وهذا سيغضب بكين وسيكون مكلفاً بالنسبة لاقتصاد كوريا الجنوبية.
ولكن منذ تنصيبه، ترك يون وراءه خطاب حملته الانتخابية ليتخذ نهجاً ناعماً بشكل غير متوقع تجاه الصين، بينما لا يزال يشدد السياسة تجاه كوريا الشمالية.
بينما استمرت صادرات كوريا الجنوبية إلى الصين فى الانخفاض، العام الماضي، بعد تولى يون منصبه، توقع البعض أن تسعى بكين لإنعاش النمو الاقتصادى وإنهاء قيود كورونا أواخر العام الماضى لزيادة التبادل التجارى بين البلدين.
أصبحت هذه الآمال موضع تساؤل، خصوصا بعد أن أوقفت الصين إصدار تأشيرات قصيرة الآجل للكوريين الجنوبيين انتقاماً لقرار سول بفعل الشىء نفسه بالنسبة للصينيين بسبب انتشار حالات العدوى الجديدة فى البر الرئيسى.
لم يتضح بعد ما إذا كانت هذه المواجهة الجديدة ستتصاعد أكثر، إذ اضطر بعض المصدرين الكوريين الجنوبيين إلى إلغاء خطط المشاركة فى المعارض التجارية الصينية، وأعربوا عن قلقهم بشأن إتمام الصفقات دون اجتماعات وجهاً لوجه.
وهناك العديد من المخاوف بشأن هذا النزاع الذى يمكن أن يتحول إلى حملات منظمة ضد الشركات والمنتجات الكورية الجنوبية كما رأينا فى عام 2016، بعد أن وافقت سول على تثبيت نظام دفاع مضاد للصواريخ على أراضيها استجابة لقدرات كوريا الشمالية النووية المتزايدة.
قبل “ثاد” وهو منظومة دفاع جوي صاروخي من نوع أرض-جو يستعمل من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ، تمتعت سول بثمار العولمة خلال عقد من التجارة المزدهرة مع الصين، التى اشترت منتجات صناعية كورية جنوبية لتسهيل نموها المدفوع بالاستثمار فى السنوات التى أعقبت انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية فى عام 2002، وأصبحت أكبر سوق تصدير لكوريا الجنوبية.
في الوقت نفسه، تراجعت مبيعات سيارات “هيونداي” وهواتف “سامسونج” في الصين، بينما تم حظر موسيقى البوب الشعبية ومنتجات ثقافية أخرى.
كما انخفضت زيارات الصينيين إلى كوريا الجنوبية، التى كانت فى السابق زيارات تجارية مزدهرة للمتاجر المعفاة من الرسوم الجمركية.
من المفارقات أن هذه التأثيرات كانت محسوسة في الغالب خلال فترة رئاسة “مون جاي إن”، التي دامت 5 سنوات، والذي كان يسعى لإيجاد سلام مع كوريا الشمالية ومع أجندة الصين، لكن موقفه لم يدر في النهاية فوائد اقتصادية تذكر بالنسبة لكوريا الجنوبية.
“ثاد” لم تكن العائق الوحيد لتجارة كوريا الجنوبية مع الصين، بل من الواضح الآن أن جهود بكين لتعزيز الاكتفاء الذاتى والمنتجات المحلية سريعة التحسن لعبت دورًا رئيسيًا فى الانتكاسات التى عانى منها مصدرون مستحضرات التجميل الكوريون الجنوبيون، والسيارات والهواتف ومنتجات تكنولوجيا المعلومات.
سجلت كوريا الجنوبية أكبر عجز تجاري لها على الإطلاق والأول منذ عقد خلال العام الماضي، مع عجز قدره 47.47 مليار دولار.
حتى لو تمكن “يون” من التغلب على المعضلات التي يواجهها الآن مع الصين، فإن تكرار المكاسب المفاجئة التي شهدتها كوريا في عام 2015 أمر مستبعد للغاية.
كتب- محمد عماد