رغم التحديات مصر ثالث أكثر الأسواق جاذبية للاستثمار فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
ترى مؤسسة فيتش سوليوشنز البحثية، أنه رغم زخم الإصلاح الهيكلى، فإن هناك عدة تحديات ومخاطر تواجه المستثمرين الأجانب فى مصر.
وقالت المؤسسة، فى تقرير لها، إنَّ تحسين تنفيذ قانون الاستثمار الجديد فى مصر، والتقدم التدريجى فى حماية حقوق الملكية الفكرية، وعدد من الإصلاحات التى أقرها صندوق النقد الدولى، والمزيد من الجهود لتعزيز الهياكل القانونية والاستقرار السياسى من شأنها أن تعزز ثقة المستثمرين وتدفع التجارة والاستثمار على المدى المتوسط إلى الطويل.
وأشارت إلى أن أداء مصر متوسط مقارنة بأسواق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا البالغ عددها 27 سوقاً وفق مؤشر مخاطر التجارة والاستثمار؛ حيث احتلت المركز العاشر برصيد 51.8 نقطة من 100 والمرتبة 85 من 201 سوق على مستوى العالم.
وتوقعت أن يظل النشاط الاقتصادى فى مصر ضعيفاً خلال عام 2023 بفعل التضخم المرتفع بما يقيد الإنفاق وتباطؤ الاستثمار العام وعدم التعافى الكامل لقطاع السياحة.
وقال التقرير، إنَّ هناك حاجة إلى جهود مركزة لمعالجة النقص فى حماية حقوق الملكية الفكرية، الذى يكبد الشركات خسائر؛ بسبب انتهاكات حقوق النشر على المدى القريب، بينما يتفاقم انتشار الفساد من خلال التعقيد التنظيمى الذى يثقل كاهل بيئة التشغيل ويمنع ريادة الأعمال والاستثمار الأجنبى المباشر.
اقرأ أيضا: “فيتش”: مصر تُؤمِّن احتياجاتها من التمويل الخارجي خلال 2023
نوهت المؤسسة بأنه على الرغم من بعض الإصلاحات الإضافية بما فى ذلك التوجه نحو الخصخصة، تواجه الشركات العاملة فى مصر مخاطر قانونية وبيروقراطية كبيرة، لا سيما فى مقابل البيئات القانونية فى الأسواق المجاورة مثل الإمارات العربية المتحدة وقطر.
لكنها تأمل أن يكون إطلاق أول استراتيجية وطنية للملكية الفكرية فى مصر، والذى سينتج عنه هيئة جديدة للملكية الفكرية اعتباراً من عام 2024 فصاعداً، جنباً إلى جنب استمرار الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد فى مصر حتى عام 2030، بمثابة دفعة للمستثمرين.
وأشارت إلى أنه رغم الوصول الجيد نسبياً للبلاد إلى الأسواق المالية الدولية وقطاعها المصرفى المتطور، فإنَّ الشركات تواجه تكاليف تمويل عالية إقليمياً ومخاطر التحويل وضعف العملة، ما قد يتسبب فى حدوث تأخيرات وخسائر للشركات التى تعتمد على المعاملات الحساسة للوقت.
لكن التقرير يشير إلى أن حصول مصر على بعض الدعم من المؤسسات المتعددة الأطراف مثل صندوق النقد الدولى، يمكن أن يعوض جزئياً مخاطر السيولة على المدى القريب. كما ستستفيد البورصة المصرية من إعادة إطلاق الحكومة لخطة الخصخصة المتأخرة.
وقالت المؤسسة، إنَّ مصر لديها مجموعة متنوعة من الشركاء التجاريين، وتوقعت تزايد التبادل التجارى على المدى القصير إلى المتوسط.
وأشارت إلى أن الاقتصاد المصرى هو الأكبر فى شمال أفريقيا ورابع أكبر اقتصاد من بين 18 سوقاً فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعد المملكة العربية السعودية، وإيران، والإمارات العربية المتحدة.
وحصلت مصر على 65.6 نقطة من 100 فى مجال انفتاح الاستثمار، وتحتل المرتبة الثالثة من بين 27 سوقاً فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والمرتبة 47 من 201 سوق على مستوى العالم، معتبرة أن مصر تعد سوقاً إقليمياً «جذاباً للغاية» للاستثمار الأجنبى المباشر.
استثمارات كبيرة مطلوبة فى التعليم لتحسين سوق العمل بمصر
ترى مؤسسة فيتش سوليوشنز البحثية، أن هناك مجالاً لمقدمى خدمات التعليم الخاص للتوسع فى مصر، فى ظل زيادة الإقبال التدريجى على التعليم الخاص على جميع المستويات، وشعبية الدروس الخصوصية، والتزايد السريع فى عدد السكان الذى يحفز الطلب على التعليم.
لكنها ذكرت، أن المستثمرين يواجهون رياحاً معاكسة تتمثل فى مستويات منخفضة من الدخل وعدد كبير من سكان الريف، ما يقلل الطلب على التعليم الخاص الذى عادة ما يكون سمة من سمات المناطق الحضرية.
وأشارت إلى أن مصر تمتلك مجموعة كبيرة من العمالة مقارنة بنظيراتها فى المنطقة، ومع ذلك، هناك العديد من العوامل المتفاوتة مثل الدخل والوصول إلى التعليم الجيد بما يقيد خيارات التوظيف المتنوعة للشركات فى مصر على المدى المتوسط.
أوضحت أنه رغم قوة العمل الكبيرة، لكن العديد من الطلاب غير مستعدين للتعليم الإضافى أو متطلبات سوق العمل، وينقصهم المهارات الرقمية والخبرة الفنية، وكذلك هناك ضعف فى تكوين العمالة فى مصر فى ظل معدل تحضر منخفض ونقص فى مشاركة الإناث فى القوى العاملة، لذلك تواجه الشركات نقصاً فى العمال المهرة، ما يستلزم تدريباً مكثفاً واستيراداً مكلفاً للعمال الأجانب.
وبحسب تقييم «فيتش سوليوشنز» سجلت مصر 43.8 من 100 فى مجال مخاطر سوق العمل، وتحتل المرتبة 14 من أصل 18 سوقاً فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا و 134 من 201 سوق على مستوى العالم.
ويتمثل الاتجاه الصعودى الرئيسى لسوق العمل فى الحجم الهائل للسكان فى سن العمل فى مصر، والتى تنتج عمالة ماهرة نسبياً فى المقارنة الإقليمية.
لكن المؤسسة ذكرت تحدياً آخر فى تقريرها وهو النقابات العمالية وقانون العمل الجديد المقرر إقراره قريباً ويمنح الموظفين الكثير من الاستحقاقات بشكل يمثل تحدياً كبيراً للشركات من حيث تكاليف العمالة، فى حين أن متوسط العمر المتوقع المنخفض يزيد من عدم جاذبية سوق العمل المصرى.
كما تعتبر الضرائب المرتفعة المتعلقة بالعمالة ومتطلبات تعويضات نهاية الخدمة من العوائق الرئيسية لأصحاب العمل فى الصناعات كثيفة العمالة.
وأشار التقرير إلى أنه فى ضوء انعدام الأمن الإقليمى وضعف الوصول إلى الخدمات الاجتماعية المناسبة، من المرجح أن يحتاج العمال الأجانب المهرة إلى تعويض إضافى مثل بدل المشقة والخطر من أجل العمل.
أوضح أن سوق العمل المصرى يعانى مشاكل هيكلية تراكمت على مدى عقود، تنعكس فى التفاوت الكبير بين المهارات المكتسبة فى المؤسسات التعليمية الحكومية واحتياجات القطاع الخاص، خاصة على مستوى التعليم العالى.
وتوقع التقرير نمواً فى صناعة التعليم فى مصر على المدى المتوسط حتى عام 2026، لتسجل الاستثمارات متوسط معدل نمو سنوى يبلغ 9.9%.
وأشارت إلى أن التعليم المجانى والإلزامى رفع معدلات الالتحاق بالمدارس الابتدائية، وزاد الطلب على التعليم الابتدائى. رغم أن الاقتصاد غير الرسمى الضخم فى مصر وانخفاض سن العمل يعنى أن الطلب على التعليم الإعدادى والثانوى ينخفض مع بحث الشباب عن العمل فى أسرع وقت ممكن.
وتوقعت أن يلتحق بالمدارس الابتدائية 15.2 مليون فى عام 2023، وأن يرتفع العدد تدريجياً حتى يصل إلى 16.9 مليون بحلول عام 2026، وأن ترتفع حصة القطاع الخاصة من 9.7% فى 2023 إلى 10% فى 2026، وفى حين أن هذا يبدو زيادة هامشية لكنه يمثل زيادة كبيرة من حيث القيمة المطلقة، بنحو 220 ألف طالب.
من المتوقع أن يصل الالتحاق بالمدارس الإعدادية إلى 12.2 مليون فى عام 2023، وأن يتجه صعوداً على المدى المتوسط بمتوسط معدل نمو سنوى يبلغ 6.6% ليصل إلى 14.8 مليون فى عام 2026. ويرجع ذلك جزئياً إلى المستويات القوية للمتعلمين الذين يكملون التعليم الابتدائى والانتقال إلى التعليم الثانوى.
توقعت أن يمثل التعليم الخاص 9.8% من الالتحاق بالمدارس الإعدادية فى عام 2023، و10.7% من الالتحاق بنفس الشريحة بحلول عام 2026
وتوقعت أن يصل معدل الالتحاق بالمدارس الثانوية إلى 3.2 مليون فى عام 2023، وأن يتجه صعوداً على المدى المتوسط (2022-2026) بمتوسط معدل نمو سنوى يبلغ 1.3% ليصل إلى 3.3 مليون بحلول عام 2026.
وقالت المؤسسة، فى تقريرها، إنَّ معدل الالتحاق بالتعليم العالى 39%، ما يضع مصر فى مرتبة متقدمة بشكل هامشى على الأردن، وتحتل المرتبة 13 من أصل 18 سوقاً على المستوى الإقليمى.
وقال إن نصف طلاب الجامعة تقريباً يتخصصون فى العلوم الإنسانية والاجتماعية ولديهم المعرفة النظرية فقط، الأمر الذى يتطلب استثماراً كبيراً فى إعادة تدريب الخريجين بهدف الالتحاق بالقطاعات المتقدمة.